محسن إبراهيم/
سر جماليته يكمن في بساطته، وفي كونه لا يخضع لأية رقابة سواء فكرية أو فنية. والفن الفطري هو فن قائم بذاته، له حضور قوي في الساحة التشكيلية, وعلماء النفس أكدوا على أن الإنسان فنان بالفطرة، بينما علماء الاجتماع اعتبروا أن الفن الفطري هو أصل شعب الفن التشكيلي، سر جماليته يكمن في بساطته، وفي كونه لا يخضع لأية رقابة سواء فكرية أو فنية. والفن الفطري هو فن قائم بذاته، له حضور قوي في الساحة التشكيلية, وعلماء النفس أكدوا على أن الإنسان فنان بالفطرة، بينما علماء الاجتماع اعتبروا أن الفن الفطري هو أصل شعب الفن التشكيلي، إذ أنه كان موجوداً منذ بداية الوعي البشري بالوجود، فرسم في الكهوف والمغارات, في العراق مهد الحضارات هناك أكثر من فنان فطري تخطت أعمالهم المحلية ولاقت رواجاً عربياً وعالمياً.
بين القبول والرفض
نقّاد هذا الفن انقسموا بين القبول والرفض. منهم من عدّوه فناً ساذجاً ومتخلفاً وتم إنتاجه في الدول المتخلفة، و بأنه الابن غير الشرعي للحركة التشكيلية اليوم و لايمكن تصنيفه في أي من المدارس الفنية الحديثة. الرأي الآخر عدّه جزءاً من ثقافتنا الشعبية، ويجب الاهتمام به دراسةً وتحليلاً، فهو يلتقي بتلقائية مع كثير من المدارس والتيارات الفنية المعاصرة، كالتعبيرية والبدائية والوحشية.
بيكاسو ميسان
من ميسان، مهد الحضارة السومرية وأرض الطين والماء وتجسيد الرسوم والتماثيل، نقلت الجينات الوراثية هذا الفن الى سكان (ميسان) أرض سومر, عباس جابر المولود في محافظة ميسان في العام 1954 هو مثال حي عن توارث ذلك الفن. منذ طفولته كان يتابع حركة اليدين لوالدته وهي تعجن الطحين لعمل خبز التنور الطيني، وهي تخلط الطحين بالماء فتصنع عجيناً طيّعاً على شكل كرات، فانطبعت في ذاكرته تلك الصور الفنية البسيطة، فضلاً عن عوامل عدة أخرى بيئية وعائلية أثرت تأثيراً مباشراً في تكوين وتنمية هذه الموهبة التي زرعت في مخيلته الذكية فكرة الفن. لتكون منطلقاً في التعامل مع الأشياء, ولعه بخلق الأشكال جعله يمتلك قدرة فريدة في تطويع الحجر وتحويله الى كائنات حيّة, بدأ بالطين ثم الخشب والحجر وتمكن من النحت على نواة التمر والرز والعدس التي لاتستطيع الاطلاع على الأشكال المنجزة منها إلا بواسطة مكبّرة يدوية. يطلق ليديه العنان والخيال ويجعلهما تحاوران كل تلك الأشياء، معبراً عن حالات الخوف والحرمان التي تواجه الإنسان مجسداً الواقع العراقي بكل تفاصيله، أقام العشرات من المعارض الفنية عن أعماله بالتنسيق مع مديرية النشاط المدرسي ونقابة الفنانين ودار القصة العراقية . ذات يوم قال عنه مخرج فرنسي زار مدينة العمارة لتصوير فيلم عن واقع الأهوار: (إن هذا الفنان سومري النسب روحاً وشكلاً لكنه مغمور).
قضاء الحي و(الرحة)
عبد الكريم ناصر منصور الغريباوي، تولد 1962 محافظة واسط, الأقلام الخشبية وما تنتجه على الورق كانت هوايته المفضلة في طفولته, انتبهت عائلته لتلك الموهبة شجعته فضلاً عن معلمه في الدراسة الابتدائية الذي حفزه وشجعه أيضاً, الغرباوي لم يدرس الفن لكنه امتلك موهبة فطرية خاصة أثارت زملاءه الفنانين ما جعله يستفيد كثيراً من تجاربهم, في ثمانينات القرن الماضي رسم أولى لوحاته وهي (الرحة) التي تستخدم في طحن القمح ليستمر فيما بعد في تجسيد بيئته، فكانت لوحة (الدربونة) التي جسد فيها طفولته في قضاء الحي محافظة واسط ، اعتمد الغرباوي على نفسه دون أن يقدم له أي دعم, شارك في الكثير من المعارض في داخل العراق وتلقى دعوات عدة في روما وباريس، إلا أن إمكانيته المادية المحدودة حالت دون إقامة معارضه في تلك العواصم, يجيد رسم الكاريكاتير لكنه ميال إلى المدرسة الواقعية، ويحلم أن يمثل العراق في محافل عربية ودولية ليرسم للعالم صورة جميلة عن وطنه وشعبه.
شناشيل بغداد
محمد الخزرجي، مواليد 1972من بغداد، من عائلة متوسطة الدخل. أحب الرسم منذ الصغر منذ كان عمره 8 سنوات بدأ الرسم على الورق يوجه إحساسه وتدفعه الموهبة, تردد على نادي الثقافة والفنون في حي القاهرة ببغداد في حينها في الثمانينات، وبدأ تجربته الأولى مع الألوان, كان الأستاذ المسؤول في النادي فنان فطري أيضاً، صقل موهبته لينطلق فيما بعد في عالم اللون والظل والضوء والسماء ومفردات الحياة الواقعية, الاستمرارية في الرسم هي من ولدت لديه الخبرة والاحترافية, انجذب إلى المدرسة الواقعية دون المدارس الأخرى فرسم الشناشيل البغدادية والحرف العراقية الأصيلة ووجوه أهالي المحلة، فكان اكتسابه لكل هذه الاندفاعات الفنية بالفطرة، كان الإحساس يحركه ويعتقد أن الفطرة هي البديهية التي تحرك أنامله وعقله وإحساسه دون تدخل العلم المكتسب.