محسن إبراهيم – تصوير: صباح الربيعي/
قصة تتشكل بين يديك من خلال مشهد بسيط، تمنح عينيك للصورة فتذهب بك بعيداً، وكأنك تريد أن تمسك بالأشياء، تعيش بين الظل والضوء، وتتجول في ازقة بغداد، تتنفس عبق الماضي وتعيش حكاية كل صورة ,هذا ما يمنحك إياه الفنان والمصور الفوتوغرافي عبد علي مناحي، جامعا بين جمالية الإبداع والجودة والحرفية، يستمتع بالأشياء فيصورها بكل بساطة يساعده بذلك الإحساس في كل شيء فيلتقط الصورة، وعلى مدى نصف قرن كانت هناك حكاية لكل صورة، وصورة لكل حكاية يرويها لنا الفوتوغرافي عبد علي مناحي:
اللقطة الأولى
بداية العشق
ولدت في مدينة الناصرية عام 1945، عملت هاويا منذ مطلع الستينات واحترفت التصوير عام 1963م، البداية كانت في التصوير السينمائي والذي انطلقت منه الى عالم التصوير الفوتوغرافي بمحض الصدفة، فقد اعجبتني لقطة ثابتة خلال مشهد سينمائي اشتغلته، وجدتها تنبض بالحياة والواقعية اكثر من اللقطة المتحركة فكانت الانعطافة الى الفوتوغراف، منذ الصغر كانت أمنيتي أن أعمل في كل المجالات وفعلا عملت كاتبا للنصوص التلفزيونية وفي مجال التمثيل حين كنت ارافق كبار الممثلين انذاك منهم الراحل الدكتور فاضل خليل، لكن الفوتوغراف كان عشقي الأول ووجدت فيه الواقعية بكل تفاصيلها، واستمرت الرحلة بعد ذلك لأكثر من نصف قرن.
اللقطة الثانية
الظل والضوء
اشتغالاتي كانت من الواقع، والظل والضوء هما جزء من الواقع او بمعنى آخر هما انعكاس له، ويمثلان الخير والشر وربما يمتزجان ليشكلا حالة أخرى، والصورة الفوتوغرافية هي وليدة الواقع، والمصور ربما يرى ما لايراه الآخرون وهي هبة من الله وأحيانا يلعب الزمان والمكان كعاملين مهمين في صناعة الصورة، منذ طفولتي وانا أصور واقع مدينتي الناصرية في مخيلتي، المدينة والأهوار والأسواق، وحين احترفت التصوير كانت هذه المشاهد تقفز الى ذهني مثل الضوء وتخفت الى الظل.
اللقطة الثالثة
واقع التصوير
الصورة هي وليدة الواقع ويجب على المصور أن يكون عينا لنقل الواقع ولايجب عليه أن يتأثر بمصور آخر، لكن عليه أن يستفيد من التجارب السابقة كي يخلق أسلوبا خاصا، التصوير بصورة عامة وصل إلى العراق في وقت متأخر. وبالرغم من ذلك قد ظهر العديد من المصورين الكبار والمبدعين، ولكن للأسف الظروف التي مر بها البلد من حروب وحصار لم تمهل هؤلاء المبدعين الكثير من الوقت، ليظهر بعد ذلك من هم دخلاء على فن التصوير، ولكنهم سرعان ما تلاشوا كالفقاعة ليبقى للفوتوغراف تاريخ عريق بمبدعيه، الواقع الآن لايبشر بولادة جيل مبدع من المصورين، خصوصا بعد دخول التكنولوجيا وتلاشي صناعة الصورة. الاعتماد الآن كليا على كاميرا (الديجتال) والتي أحس أنها بعيدة عن التلاحم الروحي بين المصور والكاميرا.
اللقطة الرابعة
صناعة الصورة
حين يكون المصور مثقفاً وملمّاً بكل تفاصيل فن التصوير، حتما سيكون مصوراً مبدعاً متمكناً من صناعة الصورة وناقلاً حقيقياً للواقع. أقمنا الكثير من الدورات والندوات كي نثقف الجيل الجديد، لكن للأسف، أغلبهم قد اتخذ مهنة التصوير مهنة تجارية بعيدا عن جمالية الصورة، القلّة النادرة هم من كانوا امتدادا لجيلنا واشتغلوا على البناء الجمالي للصورة، لكن الأغلب الأعم اطلق عليهم اسم “مصوري الصدفة” الذين ربما، وعن طريق الصدفة، قد تظهر لهم صورة جيدة من آلاف الصور، والطامّة الكبرى انهم يشاركون في معارض التصوير ويحصدون الجوائز.
اللقطة الخامسة
حنين الأزقة
بعد نصف قرن مازلت أحن الى الأزقة البغدادية، وبين فترة وأخرى أزور تلك المناطق في الحيدر خانة وحسن باشا والتقط بعض الصور. وعلى الرغم من انها صور مكررة ولكني أعيد شريط ذكرياتي بالتقاط هذه الصور، مازالت بغداد وأزقتها هي شغفي الأول، وأتأثر كثيرا لخراب بعض الأزقة والأبنية التراثية، حاولت أن أجمع كل ماصورت في كتاب يحكي تاريخ الصورة لكن للاسف الوضع المادي لايسمح بذلك. الطامة الكبرى أن المصور في العراق حين يموت لايبقى له ارشيف صوري والكثير من المصورين امثال فؤاد شاكر ومراد الداغستاني تلاشى أرشيفهم بعد أن فارقوا الحياة.
اللقطة السادسة
إسهامات ومشاركات
على مدى مسيرتي الفوتوغرافية أقمت أربعة معارض في الأعوام 1973 و1985 و1993 و1997، فضلا عن المشاركة مع زملائي في معظم المعارض، شاركت أيضا في معارض دولية في هولندا وكوبا ويوغسلافيا وفي معرض زغرب وانتر برس فوتو ومعرض (الثمانون دولة) في العراق، حزتُ على أكثر من 17 جائزة محلية ودولية وساهمت في تأسيس جمعية المصورين العراقية عام 1972, وعضو مؤسس لأكاديمية فن الفوتوغراف. ساهمت في دورات تعليم التصوير في الصحف العراقية، ترأست قسم التصوير في المؤسسة العامة للسينما والمسرح من عام 1974_1976 وشغلت منصب مدير المركز الفوتوغرافي في وزارة الثقافة والإعلام من العام 1979_1981,رئيس قسم التصوير في دار ثقافة الأطفال من العام 1981 _1986، ورئيس قسم التصوير في مجلة الف باء 1986_1994.