حوارـ محسن إبراهيم/
شغف بالكتابة في سن مبكرة، وراح يبحث عما ينمي هذا الشغف. كانت الصحافة ملاذه الأول لأكثر من سبعة أعوام، حتى قدم أول أعماله التلفزيونية (مسلسل عصابجية) عام ٢٠١٣، ثم توالت أعماله بعد ذلك، قبل أن ينتقل الى أميركا للعمل في شركة (ديزني) كمصمم، لكنه استمر بالكتابة ونجح باختراق عالم الدراما.. إنه الكاتب والسيناريست محمد حنش، وهذا الحوار مع مجلة “الشبكة العراقية”…
*متى اكتشفت قدراتك في الكتابة؟ وكيف كان ذلك؟
-اكتشفت قدراتي في الكتابة منذ كان عمري ١٥ عاماً تقريباً، إذ كنت أمتلك خيالاً خصباً وأتوقع أحداث الأفلام والمسلسلات التي كنت أشاهدها، واقترح أنها لو كانت بهذا الشكل أو ذاك لكانت أفضل، كما أني كنت متميزاً بكتابة الإنشاء والقصص القصيرة، ولدي محاولات في الشعر. بحثت عن مجال تصب فيه كل مواهبي، فكانت كتابة السيناريو هي الحل، وبعد محاولات عدة، وبالتسلل –خفية- للدخول الى المسرح الوطني بطريقة او بأخرى، وعرض نماذج كثيرة من قصصي على الفنانين والمخرجين، حصلت على فرصة لقاء مع الفنان إحسان دعدوش وقدمت له نص (سكتش كوميدي) فأعجبه، واتصل بي بعد عامين ليبلغني بكتابة مسلسل درامي كوميدي كامل لنجوم العراق آنذاك أبرزهم (جاسم شرف، قاسم السيد، ميلاد سري، نسمة)، وهو مسلسل (عصابچية) ، بعدها استمرت المحاولات حتى عملت مع المخرج أوس الشرقي في (زرق ورق) ، وبدأت الانطلاقة ببقية أعمالي الكوميدية والدرامية.
طريق صعب
*كيف يتحول الكاتب من كاتب موهوب بالفطرة إلى كاتب محترف؟
-أكيد يتحقق ذلك في السعي وراء تطوير موهبته، بالقراءة والمتابعة، مثلاً كان في وقتنا من الصعب جداً أن تحصل على نموذج لطريقة كتابة النص، سنحت لي الفرصة بالاطلاع على نصوص لأحد أقاربي، وهو فنان بسيط يمتلك نصوصاً قديمة، استعرتها منه لغرض الاستفادة منها، في اعتقادي فإن التطور تأخر كثيراً في تلك المرحلة، أما الآن بوجود التطور التكنولوجي والإنترنت، بات من السهل جداً إيجاد نماذج سيناريو وكورسات تعليم، وحتى تقديمها الى الشركات والمنفذين صار أسهل بكثير.
*أيهما تفضل: احتراف الكتابة كمهنة، أم أن تكون هواية؟
-أفضل أن لا يجعل الكاتب من كتابته مصدراً للعيش، رغم أن الكتابة تحتاج الى وقت وتفرغ تامين، قد يطول لأشهر لكتابة عمل واحد، لكن في نفس الوقت إذا ما امتهنت موهبتك فسوف تميل كثيراً للتفكير بالمال، وهذا ما سوف يفقدك الكثير من روح الخيال والإبداع.
تهميش إعلامي
*كاتب القصة، أو السيناريو، غالباً مايكون كالجندي المجهول عند المشاهد..
-كاتب السيناريو لا يأخذ حقه أبداً، إذ غالباً ما تنتبه الجماهير وتتأثر بالممثل، بالشخص الذي تراه دائماً، والقلة هم الذين يفكرون بكاتب القصة ومؤسسها، مع أن الأعمال الكبيرة صنعها كتّاب، ولم يصنعها غيرهم، فتلاحظ –مثلاً- بعد كتابة عشرين عملاً ناجحاً، يظهر شاب أو شابة في مشهد واحد من أعمالك ليصبح أكثر شهرة لدى الناس، في ذات الوقت فإن الكاتب والمخرج والفنيين جميعاً يشعرون أن نجاح ممثلهم ومناداته باسم شخصيته التي مثلها هو نجاح لهم أيضاً.
*العراق من الدول الغنية بأحداثها وتاريخها.. لماذا لايجري التطرق لهذه الأحداث؟
-غالبية أعمالي تتطرق الى أمور مهمة، لكن جمهورنا، وبكل صراحة، حساس جداً، فإذا ما نفذت هذه الأحداث بتفاصيلها الدقيقة سينقلب السحر على الساحر، إذ أن أغلب الأعمال العراقية ترى حبكتها واقعية، لكنها لم تمثل أشياء حساسة من المجتمع، وذلك بسبب تنوع الآراء والتقاليد، وكلٌّ من هذه الفئات يتخيل أنه المقصود في ذلك المشهد او القصة، ولا يمكنه السكوت عن التجاوز، حتى إذا لاحظت أنه في أغلب أعمالنا الدرامية تتكرر نفس الأسماء للشخصيات، والابتعاد عن أسماء تمثل رموزاً أو شخصيات معروفة.
*بين الكوميديا والتراجيديا.. هل تؤمن بالتخصص في الكتابة؟
-الكوميديا بحد ذاتها ليست مجرد متعة جمالية بحتة، وإنما هي خليط من أفكار اجتماعية تقدم بأسلوب ساخر، وتقترب من الحياة الواقعية كثيراً, كل الأعمال التي قمت بتأليفها مثل (زرق ورق) بجزئيه و(كومه دي) و (حامض حلو) و(غايب في بلاد العجايب),هي تعالج قضايا اجتماعية بحتة، إذ أن على الكاتب أن يكون مرآة لمجتمعه. فلا تخصص في الحياة الواقعية، مجال الكتابة حاله حال التمثيل، وهناك ممثلون كانوا قمة في أدائهم للكوميديا وقمة في التراجيديا.
البيئة الريفية
*في آخر عملين هما (طيبة) و(ألماس مكسور) كان تركيزك على ذات البيئة.. ما السبب؟
-السبب هو عشقي للبيئة الريفية، فهي أرض خصبة وجميلة لسرد القصص، وأشعر أنها مختلفة عن المدينة في تفاصيل العيش والتعامل والعادات، وكأني أكتب قصصاً عريقة ذات قيمة كبيرة، هذه البيئة تظهر لنا صوراً جميلة من مناطق بلدنا الحبيب.
*وهل يمكن لمخرج عربي أن يترجم بحِرفية هذه البيئة؟
-أكيد.. فالمخرج العربي يكون على اطلاع ودراسة بالبيئة التي سوف يعمل فيها، ومع ذلك يجب أن يرافقه فريق عراقي من ذات المدينة الريفية، وهذا هو سبب نجاح أعمالنا.
*برأيك.. متى تسهم الدراما في صنع ذائقة المجتمع؟
-الحقيقة ما قدم في الموسم الأخير من دراما عظيمة، تفاعل معها الجمهور بشكل كبير، يبشر بأننا مقبلون على تطور كبير، وبدأنا باختصار مسافات كبيرة للتقرب من الجمهور، ومازلنا ندرس مع المشرفين على القناة التي نقدم فيها أعمالنا، كيف نقدم الأفضل لنكون في صفوف المنافسة العربية.. أخيراً شكراً لكم من أعماق قلبي، وتمنياتي لمجلتكم بكل التوفيق والمزيد من النجاح والتألق.