حوار/ محسن العكيلي
تصوير / علي الغرباوي
في محله الصغير، مابين مقص وقطعة قماش، يمارس سلام الخياط مهنته التي عشقها بشغف منذ بواكير عمره الأولى. ورث مهنة الخياطة من والده، واكتسب لقب الخياط أثناء دراسته في معهد الفنون الجميلة، حين كان يصمم وينفذ أعمال الخياطة لزملائه في قسم المسرح. أتقن تصميم الأزياء وصنع الدمى في مجال المسرح والتلفزيون.
دخل موسوعة غينس بتصميمه وصناعة أكبر ثوب عربي في محافظة الانبار لقب بخياط الفنانين والفقراء، بعد أن كانت له تجربة تلفزيونية من خلال تقديم برامج عدة تهتم بالفقراء والعائلات المتعففة. سلام الخياط كان ضيفاً على مجلة “الشبكة العراقية” عبر حوار ابتدأناه بسؤال:
* ما الذي ألهمك لتدخل عالم الأزياء؟
– في البداية أنا نشأت في محل خياطة منذ طفولتي، حينها كنت بعد انتهاء دوامي في المدرسة أذهب إلى محل الوالد، وهو خياط معروف ومن الأسطوات المهرة في فن خياطة (الجاكيت). ثم دخلت إلى معهد الفنون الجميلة، حيث درست فن الرسم، وهذه الفترة كانت صعبة على طلاب المسرح من حيث توفير الأزياء، وهنا شعرت بأهميتي وأحببت مهنتي أكثر من خلال التعاون مع كوادر المسرح وتقديم التسهيلات كتصميم وتنفيذ أزياء، وحتى سينوغرافيا في بعض الأحيان.
* وكيف دخلت عالم الفن كمصمم؟
– هو مجال أضاف لي أهمية في وسط أحببته، وهو نفس السبب الذي جعلني أدخل مجال الأزياء، حيث كان طلبة المسرح وبعض الأساتذة يشرحون لي الشخصية وظروف العمل لأصمم الأزياء، فوجدت نفسي أمام مسؤولية كبيرة لإثبات الذات أولاً.
لمسة إبداعية
*من أين تستلهم افكارك في فن التصميم؟
– لاشك أن التراث العراقي غني بكل شيء، وخصوصاً في مجال الأزياء، والفلكلور بطبيعة الحال هو هوية للفنان. أحاول من خلال تصاميمي أن أمزج بين التراث والحضارة لأنتج هوية عراقية معاصرة بلمسة إبداعية تتناسب مع الذوق العام.
* بعد كل ما تعرضت له مهنة الخياطة، هل استمرارك بالعمل هو تحدّ شخصي؟
– مهنة الخياطة تعرضت وما زالت، كغالبية الحرف اليدوية، للضعف بسبب منافسة المنتج الأجنبي، وفارق السعر الكبير، والقليل من الخياطين ما زالوا مصرين في الإبقاء على المهنة كأول عهدها، ما زلنا نحاول والمعركة لم تحسم، وبالفعل تحد شخصي.
* هل فعلاً أن الموضة هي تجسيد لهوية الأشخاص؟
– الموضة هي ابتكار وتجديد واستجابة لحاجة الذائقة المتشبعة بما هو موجود، ما يدعو لطرح جديد لديمومة الاستهلاك. والموضة لا تجسد الهوية، بل الذائقة، بمعنى أن اختيار الفرد للألوان، أو لنوع التفصيل ممكن أن ينساق مع الموضة، أو مع ما يناسب وينسجم مع ذوقه وحاجته، وفي نفس الوقت الموضة تسير بخط متوازٍ مع المزاج العام لخطوط فنية أخرى، مثل الديكور والفن التشكيلي وحتى الأدب.
* الأزياء في عمل تاريخي صعبة بعض الشيء، كيف تعاملت معها؟
– الأزياء التاريخية تحتاج إلى بحث ودراسة، بالإضافة إلى المهارة في التفصيل والتنفيذ وصناعة الأكسسوارات، وكوني أجيد هذه المهارات، ومهتم جداً بدراسة التاريخ، فقد تجاوزت الصعوبات، وأنا في مرحلة الاستمتاع بالإنجاز.
* زي صممته بعمل ما أو لفنان ما كان قريباً لنفسك؟
– آخر عمل فني دائماً هو الأقرب، كونه يضاف إلى رصيدي كمنجز جديد، والأكثر سعادة إذا كان الزي لطفل، أكون قد حصدت أكبر كم من الفرحة من ابتسامته أثناء أول ارتدائه لذلك الزي.
* خياط الفقراء.. لابد أن لهذا اللقب قصة؟
– في مجالنا نلتقي بناس كثر، أنواع وشخصيات مختلفة، إذ يأتيني نجوم وفنانون ومسؤولون، أما الناس البسطاء فأنا من يذهب إليهم قدر المستطاع، وهذا اللقب أطلق علي من قبل الناس، حين كنت أصور البرامج التلفزيونية، ومن خلالها أذهب إلى العائلات المتعففة، وخلال برنامج آخر أذهب فيه إلى منازل الشهداء لأقدم خدماتي بمنتهى الامتنان لهم.
نتائج مرضية
* أبرز الفنانين الذين تعاملت معهم، ومن منهم الأسهل تعاملاً؟
– تعاملت مع كل فناني العراق، والكل كان تعاملهم جميلاً ومريحاً، فنانون طيبون ومتواضعون، وغالبيتهم يضعون كامل ثقتهم بي، فتأتي النتيجة مُرضية، ومدهشة أحياناً. أذكر لك أحد المواقف الطريفة، أحد الفنانين الجدد، وهو تحت تأثير الشهرة، قال لي: كيف لك أن تستقبل زبائن بسطاء وأنت تشتغل لنجوم مثلي. قلت له: لو كنت قد زرتني قبل أن تكون نجماً ورفضت أن أشتغل لك، كيف سيكون إحساسك؟
* في عالم الدمى كان لك حضور.. حدثني عن ذلك؟
– عالم الدمى مساحة لإظهار إمكانياتي، وهي مساحة للعب أستمتع فيها بفن الرسم وفن التفصيل وفن النحت، وأيضاً أمارس طفولة سرقت مني.
* الأزياء بين الموهبة والأكاديمية.. لمن الغلبة؟
– الموهبة فطرة تنميها التجارب، سواء بالممارسة أو بالبحث والدراسة، وأنا منذ طفولتي أمارس وأبحث وأنام وأصحو على هذا العالم.
* هل ممكن أن يكون اسم الخياط علامة تجارية؟
– نعم، من الممكن، والشواهد كثيرة عالمياً وعربياً، واعتقد أن اسمي هو في مرحلة الصقل، وبعون الله سيكون علامة تجارية.