المصور حسنين الشرشاحي: استخدم العدسة لتسليط الضوء على القصص الحسينية

حوار/ محسن إبراهيم/
ثورة الإمام الحسين في واقعة الطف كانت ومازالت ملهمة لكل أشكال الفن والأدب، فالأفكار والخيال والعاطفة حين تذوب في بوتقة العشق لابد لها من أن تنتج صوراً تجسد واقعاً أو حدثاً ما. ولا حدث تاريخياً أوجع ولا أفجع من كربلاء الحسين.
إنها تكتظ بصور مليئة بالتراجيديا الإنسانية، تطرق باب العين وتدخل إلى عمق شعور المتلقي بلا استئذان.
مصور فوتوغرافي جسّد معركة الطف وثورة الإمام الحسين من خلال عدسته، حلّق بأجنحة الخيال واستحضر الواقعة فخرجت أعماله ممزوجة بإحساس الزمان والمكان. مع المصور الفوتوغرافي (حسنين الشرشاحي) الفائز بجوائز عربية وعالمية كان لنا هذا الحوار:
*ماذا يعني لك فن التصوير الفوتغرافي؟
– فن التصوير الفوتوغرافي بالنسبة لي هو وسيلة للتعبير عن الذات وتوثيق اللحظات التي تحمل في طياتها معاني ومشاعر عميقة، والقدرة على التقاط الجمال في التفاصيل الصغيرة والمواقف العادية وتحويلها إلى قصص مرئية تثير الأحاسيس وتستدعي التأمل. كذلك يعتبر التصوير لغة بصرية تتجاوز الكلمات ووسيلة للتواصل مع الناس والثقافات المختلفة لتقديم وجهات نظر جديدة عن العالم.
*من الواضح أن الصور التي تلتقطها محببة إلى قلبك كونك تستمتع بتلك اللحظات وتعيشها وأنت تمسك الكاميرا..
– بالتأكيد.. كل صورة ألتقطها تعبر عن لحظة خاصة أعيشها بكل حواسي، الكاميرا تصبح امتداداً يسمح لي برؤية العالم بطريقة مختلفة، ويمنحني الفرصة لتوثيق اللحظات الثمينة. كلما التقطت صورة أشعر كأنني أعيش تلك اللحظة من جديد، ما يجعل تجربة التصوير مليئة بالفرح والإلهام. إن الاستمتاع بتلك اللحظات هو ما يجعل التصوير جزءاً لا يتجزأ من حياتي.
*ثورة الامام الحسين ملهمة لكل أنواع الفنون.. كيف تعاملت معها فوتوغرافيا؟
– ثورة الحسين هي مصدر إلهام عظيم، إذ إنها تحمل في طياتها قيم الشجاعة والتضحية والإيمان. في تعاملي الفوتوغرافي مع هذه الثورة حاولت أن أكون مدركاً لأبعادها الروحية والثقافية، لذا استخدمت العدسة لتسليط الضوء على القصص الإنسانية، الوجوه المعبرة واللحظات المؤثرة التي تعكس عمق وتأثير هذه الثورة، حاولت التقاط التفاصيل التي قد لا يلاحظها الجميع، مثل العواطف على وجوه المشاركين والتفاصيل الدقيقة للطقوس الدينية والعلامات الرمزية التي تحمل معاني كبيرة.
*هل الحدث هو الذي يحرك ما في داخلك من أحاسيس؟
– نعم، الأحداث تحمل طاقة خاصة تؤثر بشكل عميق في مشاعري وتحفزني على التقاط الصور بطريقة فنية، الحدث نفسه، بما يحتويه من تفاعلات بشرية ومشاعر قوية، يكون مصدر إلهام كبير لي، إذ إن التصوير هو أكثر من مجرد توثيق لما يحدث، بل إنه محاولة لنقل الأحاسيس والقصص التي تتجسد في تلك اللحظات والتفاعل معها بعمق.
*أين تكمن الصعوبة في تصوير مثل هذا الحدث؟
– تصوير حدث مثل ثورة الحسين يتطلب احتراماً عميقاً للموضوع والمشاركين فيه، وهو ما يشكل التحدي الأكبر، إذ يجب أن أكون غير مرئي تقريباً لكيلا أؤثر على سير الحدث أو تجربة المشاركين الروحية، بالإضافة إلى ذلك التعامل مع الازدحامات والظروف البيئية الصعبة، مثل الإضاءة المتغيرة والحركة المستمرة، ما يتطلب مهارات تقنية عالية وتركيزاً كبيراً، إن القدرة على التقاط اللحظات الحقيقية والمعبّرة دون التدخل أو التأثير هي تحدٍ دائم.
*هل تعتمد أسلوب اللوحة في التصوير، بمعنى أن هناك أكثر من عنصر داخل الصورة يعتمد على الرمز؟
– نعم، أحب أن أدمج في صوري عناصر ورموزاً عدة، لكي تعطي عمقاً أكبر، وتسمح لي بقراءات متعددة. هذا الأسلوب يشبه إلى حد كبير تكوين اللوحة الفنية، حين تتفاعل العناصر المختلفة لتكوين صورة شاملة تحمل معاني ودلالات متعددة. كذلك أسعى دائماً لخلق صور تكون غنية بالتفاصيل والرموز، بما يتيح للمشاهد استكشاف طبقات متعددة من المعاني.
*لو حصلت على فرصة لعرض صورة واحدة من كل صورك، فأي الصور تختار؟
-إذا كان عليّ اختيار صورة واحدة فسوف أختار تلك التي تجسد لحظة فريدة ومؤثرة تركت أثراً عميقاً في نفسي، ربما تكون صورة لمشهد إنساني قوي، أو لحظة عاطفية نادرة، أو حتى صورة تروي قصة معقدة ببساطتها وجمالها، الصورة التي سأختارها ستكون تلك التي أعتقد أنها تمثل بشكل أفضل رؤيتي الفنية وتجربتي الشخصية.
*ماذا تعني لك الجوائز والمهرجانات؟
– الجوائز والمهرجانات تعني لي الكثير، لأنها تعكس تقديراً للعمل الجاد والإبداع، إنها ليست مجرد اعتراف بالإنجازات، بل هي أيضاً حوافز لمواصلة تحسين مهاراتي وتقديم أعمال أكثر تميزاً. الجوائز تمنحني شعوراً بالفخر والتشجيع، والمهرجانات تتيح لي الفرصة للتفاعل مع فنانين ومصورين آخرين وتبادل الأفكار والخبرات. بالنسبة لي هي فرصة لعرض أعمالي على نطاق أوسع والوصول إلى جمهور جديد والإسهام في تطوير فن التصوير الفوتوغرافي بشكل عام.