جبار عودة الخطاط /
اختتمت مؤخرا في العاصمة اللبنانية فعاليات الدورة الأولى من «المهرجان الدولي لسينما المرأة في بيروت» الذي رفع شعار «نساء من أجل التغيير»، والذي أقامه «مجتمع بيروت السينمائي» ابتداء من يوم 13 آذار الفائت. وقد اشتركت فيه ثلاثون دولة بواقع 55 فيلما قاربت مسائل وقضايا المرأة، حيث افرد قسم من هذه الأفلام مساحات واسعة للتطرق لمسألة العنف الذي يمارس ضد النساء وقضية التحرش الجنسي الذي ما زالت المرأة تعانى منه في اغلب المجتمعات العربية. وتناولت أفلام أخرى التمييز الجندري الذي يبخس حق المرأة وضرورة الارتقاء بدورها كفاعل إيجابي يمكن ان يساهم في الدفع بعجلة المجتمع لمديات اكثر رقيا، المهرجان عرض كذلك أفلاما مستقلة أنتجتها وأخرجتها سينمائيات دخلن معترك الفن السابع وسجلن بصمة مائزة فيه.
حضور فلسطيني في المهرجان
القضية الفلسطينية كانت حاضرة في أيام سينما المرأة البيروتية من خلال فيلم “ثلاثة آلاف ليلة” الذي يجسد حكاية معلمة فلسطينية اعتقلها الجيش الإسرائيلي وهي حامل حيث تجرعت خلف القضبان الكثير من المعاناة والمفارقات قبل ان تلد في السجن، ويتم الاحتفاء بمولودها الجديد من قبل الأسيرات وتسجيل ولادة الامل الذي يفرض نفسه في عتمة السجون ليؤذن بانتهاء الظلم وان بعد حين.
مي المصري، مخرجة الفيلم، قالت إن قصة شريطها هذا مستقاة من واقعة حقيقية عاشتها أسيرة فلسطينية في غياهب السجون الإسرائيلية، وقالت إن قضية الاعتقال تشير إلى سجن الشعب الفلسطيني بأكمله سواء كان في غزة اوفي مخيمات اللجوء وان هذا السجن لابد ان ينتهي بولادة الامل الفلسطيني المقاوم للنزعة الصهيونية العنصرية العدائية ضد الفلسطينيين.
معايير اختيار الافلام
فيما أكد سام لحود، مدير المهرجان، ان المهرجان عرض عددا من الأفلام الوثائقية القصيرة والروائية الطويلة وأن اختيار الأفلام حصل بموجب معايير تظهر صورة المرأة الإيجابية ككائن متماسك ومبادر وقوي يمتلك قراره المستقل، وليس كما يجري تصويرها كضحية لا حول لها او قوة أو شخص ضعيف جدا يحتاج للمساعدة أو كرمز للإثارة. نعم تم التطرق لبعض المشاكل كالتعنيف والتحرش والمعضلات التي تواجه المرأة، لكن ذلك تم إظهاره بما يجسد قوة إرادة المرأة رغم كل شيء ولم تشأ اللجنة المنظمة حصر المشاركة على النساء فقط، بل أشركت بعض الأفلام المتنوعة المعنية بقضايا المرأة لمخرجين رجال.”
دور المرأة في السينما
وحول دور المرأة العربية في السينما، أشار سام إلى “أن الامر متفاوت بكل تأكيد في هذا الإطار ولا يمكن الحديث عن دور بشاكلة واحدة في جميع البلدان العربية وذلك يختلف وفقا لنظرة المجتمع للمرأة ومدى اتاحة الظروف الموضوعية لدورها في ضوء الثقافة الاجتماعية المتجذرة في تلك المجتمعات، فمثلا حضور المرأة في السينما اللبنانية هو حضور فاعل بلا شك من حيث وجود المخرجات والمنتجات والممثلات، مقابل شبه غياب للمرأة في صناعة السينما في دول عربية اخرى، تستثنى من ذلك المبادرات الفردية في تونس والمغرب ومصر وهنا تتفاوت درجة عمق هذه المبادرات ومدى تأثيرها.”
الافتتاح بـ «يوم للستات»
وشهد يوم الافتتاح عرض فيلم «يوم للستات» بطولة إلهام شاهين، نيللي كريم وناهد السباعي وفاروق الفيشاوي ومحمود حميدة وهالة صدقي، و هو من إخراج كاملة أبو ذكري، وتأليف هناء عطية.
والفيلم الذي عُرٍضَ للمرة الأولى عام 2016 في مهرجان لندن السينمائي يعد الفيلم رقم 100 في مسيرة الفنانة إلهام شاهين. وهو التعاون الثاني بين إلهام شاهين والكاتبة هناء عطية بعد فيلم “خلطة فوزية”.
وتتناول ثيمة الفلم خبر افتتاح حمام سباحة جديد قرب إحدى المناطق الشعبية ليصبح حديث الشارع، لاسيما مع تخصيصه يوم الأحد للسيدات فقط، حيث تجتمع مجموعة من السيدات المنحدرات من خلفيات اجتماعية مختلفة، عزة مثلا تراودها امنية السباحة، وتجد شامية من يستمع إليها حين تتحدث عن حياتها الخاصة، وتحاول ليلى تجاوز وجعها على ابنها الراحل.
تطور سينما المرأة
أخيرا قالت الناقدة السينمائية أمل الجمل “من غير الممكن مقارنة التعبير عن واقع المرأة في السينما العربية مع الدول المتقدمة للأسباب المعروفة”، بيد انها أكدت “حصول تطور في مسار السينما العربية في هذا السياق، وقد تعزز ذلك بعد بوجود صناديق الدعم التي ساهمت في أفلام السينما المستقلة التي عالجت قضايا المرأة العربية وانفتحت على واقعها بلغة لا تخلو من الجرأة.”