حوار / زياد جسام
الأعمال للفنان
سامر مقداد عبد الرضا
بدأ الفنان سليم سالم عازفاً، ومن ثم ملحناً لعدد من الأصوات الغنائية العراقية، اتجه بعدها إلى التأليف الموسيقي والعزف المنفرد على العود. ألف مقطوعات أدخل فيها آلة العود عنصراً أصلياً مؤثراً بجماليات موسيقية نادرة وغريبة على الأداء الأوركسترالي. كتب بحوثاً نظرية لها أهميتها في تطوير آلة العود وتهذيب الذوق وتمرين الأجيال على السماع وتذوق الفن الجميل.
وضع (سالم)العشرات من المؤلفات الموسيقية، من بينها (القصيد السيمفوني – طريق الحق) الذي استلهمه من مسير موكب الإمام الحسين (عليه السلام) في الطريق من المدينة المنورة إلى الكوفة. حاورناه عبر هذه السطور للحديث عن هذا المنجز المهم:
* العديد من المبدعين استلهموا من واقعة الطف أعمالاً فنية كبيرة ومهمة، سواء في الرسم أو النحت أو المسرح أو الشعر، إلى آخره. غالبية هذه الأعمال بصرية، لكن كيف استطاع سليم سالم أن يصور مسير موكب الإمام الحسين (عليه السلام) موسيقياً؟
– لكوني ابن هذه البيئة وتلك الطقوس، منذ طفولتي تكونت لدي أفكار عديدة تبلورت في محاور عدة، أهمها هي: (أسباب الرحيل، والرسائل التي بعثت من أهل الكوفة بضرورة مجيء الإمام (ع)، والرحلة والمسير نحو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصرة الحق، ومرحلة الصدمة والخذلان في كربلاء، والمعركة “واقعة الطف”، واستشهاد الإمام وأصحابه وأهله، ومرحلة السبي لأهل بيته الى الشام، ومحاججة يزيد بن معاوية في قصره من قبل العقيلة زينب والإمام زين العابدين عليهما السلام، والمرحلة الأخيرة هي النهضة الحسينة والمعارضة الكبيرة التي قادتها العقيلة زينب (ع) وبقاء ذكر الثورة الحسينية خالداً الى يومنا هذا. كل هذه المحاور وضعت لها مايناسبها من موسيقى درامية عولجت (هارمونياً)، تسلسلت موسيقاها من ناحية سرعة وبطء الإيقاع بما يتناسب وأحداث كل محور، والذي يستمع إلى عملي (القصيد السيمفوني – طريق الحق) يرى تنوع الألحان والإيقاعات وسرعتها استناداً لتنوع تلك الأحداث.
* من يستمع إلى مؤلفاتك الموسيقية يجد أن الطابع التصويري يغلب عليها، أي أن كل مقطوعة موسيقية تحاكي عنواناً خاصاً بها، هل حققت في موسيقى (طريق الحق) الصورة الحقيقية للواقعة، وهل أنت راضٍ عنها؟
– نعم، هذا صحيح، كل أعمالي الموسيقية السيمفونية تتسم بالطابع التصويري للحدث، فهي موسيقى درامية، في (طريق الحق) استخدمت كل مهاراتي وخبراتي في صناعة الموسيقى التي تصور الحدث، وهذا أصعب شيء في صناعة الموسيقى، الحمد لله أنا راضٍ جداً عن صناعتي لذلك العمل، وقد جرى تقديمه عام 2016 في شهر محرم من قبل الفرقة السيمفونية الوطنية، وأنتجته الشبكة عام 2017على شكل قرص ليزري، لكن للأسف الشديد لم يستخدم نهائياً في شبكة الإعلام العراقي، ولاسيما في أيام محرم وصفر، ولا أعرف السبب، علماً بأني قد وزعته على جميع قنوات الشبكة بشكل شخصي.
* كنت قد ذكرت للإعلام أن موسيقى (طريق الحق) تنتمي إلى (القصيد السيمفوني)، ما المقصود بهذه التسمية؟
– القصيد السيمفوني هو أحد أشكال التأليف الموسيقي العالمي، يعبّر بالموسيقى عن قصة معينة أو حدث أو أية واقعة، تكون في جزء واحد منه تنويعات لحنية وإيقاعية استناداً إلى تلك الأحداث، وأول من كتب بهذا الشكل المؤلف الموسيقي المجري (فرانز ليست).
* تحتوي موسيقى (طريق الحق) العديد من الإيقاعات الموسيقية، برغم اشتراكها فيما بينها بلمستك الفنية الخاصة، ما المعايير التي اعتمدت عليها في انتقاء الأدوات الموسيقية وأسلوب التعبير في تجسيد هذه الفكرة التي اتخذت شكلها الموسيقى؟
– المعايير باختصار حصلت عليها من خلال دراستي لعلم (الآلات)، حين تمكنت من معرفة دور كل آلة موسيقية في (الأوركسترا)، ومن خلال ذلك وظفت تلك الآلات لتجسيد الحدث باختلاف ألوانه، إضافة إلى استخدامي المقامات والأطوار التي ترافق أجواء طقوس شهري محرم وصفر في ما يخص القضية الحسينية.
* عندما تقوم بتأليف عمل موسيقي ما، هل تبدأه على آلة العود؟ِ
– اعتمد في التأليف الموسيقي على ما تمليه عليّ مخيلتي من خلال موضوع الموسيقى، ومن ثم أكتب تلك الألحان على الورق وأعالجها هارمونياً لإبراز شخصيتها وتأثيرها على المستمع.
* في حالة تأليف عملك الموسيقي، هل تستثمر المساحات الصوتية المتوافقة سمعياً للآلات الموسيقية فيما بينها؟ أم أن فكرة العمل هي التي تفرض أسلوباً معيّنا لتطويع الآلة ومساحتها الصوتية بما يتناسب مع عنوان العمل؟
– نعم، فكرة العمل وأحداثه تحددان اختياراتي للآلات التي تتناسب مع الجمل الموسيقية التي تصور الأحداث.
*ما مشاريعك المستقبلية، هل تستحضر عنواناً معيناً لتكتب له الموسيقى؟
– أهم مشاريعي الموسيقية والغنائية هو مشروع أول أوبرا في العراق، التي كتبها الفنان (عبد الجبار حسن)، وأعدها وأخرجها البروفيسور الدكتور (حسين التكمجي)، ومهمتي فيها صياغة الموسيقى وألحان الأشعار الموجودة في نصها، هذه الأوبرا بعنوان (ألواح السماء)، وهي حالياً في أدراج وزارة الثقافة تنتظر التنفيذ. إضافة إلى عملي الموسيقي والغنائي الكبير (الملحمة السيابية)، الذي تمرنّا عليه لنقدمه من خلال الفرقة الوطنية السيمفونية يوم 31/5/2024 ولكن جرى تأجيله لأسباب مبهمة من قبل الفرقة.