عادل مكي /
غزت، في السنوات الأخيرة، موجة برامج المسابقات الغنائية الشاشات العربية بمختلف الأشكال والمسميات، لكنها في النهاية تعد أحد أهم الأبواب التي تجلب الربح المادي للجهات أو الفضائيات التي تقدمها، من خلال الاتفاق مع شركات الهاتف النقال لاستقطاع مبالغ عالية من المشاركين، فكل متسابق يشارك عليه أن يضمن أن لديه من يقدم له الدعم المادي عبر التصويت كي يستمر بالتقدم إلى المراكز الأولى، لكن أصحاب تلك المسابقات والمنتفعين منها، سواء أكانت شركات أم محطات فضائية، تختار شخصاً واحداً فقط كي يكون صاحب الحظ السعيد، فكيف إذا كان عدد المشتركين في المراحل المباشرة خمسة عشر؟ إذن، لنتخيل كم ستجني تلك المحطات من أموال كبيرة من خلال التصويت لكل المتسابقين!
حسابات
المحطة، أو القناة صاحبة البرنامج، في النهاية ستقدم للفائز -على الأغلب- جائزته، وهي تسجيل أغنية أو أغنيتين بطريقة الفيديو كليب، ولو حسبناها مقارنة بما أنفقه المطرب أثناء حلقات التباري بالعروض المباشرة، التي تعتمد على نسبة الأصوات التي يحصل عليها طيلة الشهر أو الشهرين من خلال التصويت له من المقربين، الذين أغدق عليهم المال، أو المعجبين به، والمبلغ الذي سيصور ويسجل به، لوجدناه أقل كلفة لو أنه سجل تلك الأغاني على حسابه الخاص، لكن تبقى المشكلة لدى الفائز في عملية التسويق من خلال بث أغنياته على شاشة تلفزيونية لديها متابعون.
قواعد واشتراطات
الشركات او المحطات، لديها قواعد معينة، أولاها أن يكون المتقدم مقبول الشكل، وفيه مزايا الحضور العربي، أي أنها تختار المطرب الذي تجد فيه إقبالاً عربياً، ولا تعير أية أهمية للصوت ولو بنسبة خمسين بالمئة.
أي أنها لا تختار الصوت الذي هو (ابن بيئته) حتى لوكان صوتاً قوياً أو طربياً، بل ينحصر جل اهتمامها في صوت يلبي رغبات العالم العربي، أو حتى العالمي، كي تقوم بتسويقه من خلال منصاتها المتعددة، المهم أن يكون له حضور وشكل وموهبة الغناء، أما الصوت فيأتي لاحقاً.
محرقة المواهب
كم موهبة وصوتاً مقتدراً خرجت من ذلك التسابق بسبب قلة المصوتين، لأن ذلك يعتمد بالأساس على التصويت، فكيف إذا كان صاحب الموهبة لا يمتلك العدد الكافي من المصوتين الذين سيحددون مصيره؟ أعتقد أنها مشكلة كبيرة تواجه ذلك الموهوب لأنها ستخرجه في أول الأدوار التسابقية.
تلك القنوات المحترفة في صناعة النجوم لا تقوم بهذا العمل لوحدها، بل إن هناك شركات متخصصة تستعين بها في عملها الفني بفرق فنية متخصصة من المدربين والفنيين والعازفين المهرة، بالإضافة الى متخصصين في الأزياء والتجميل، وحتى مدربي رقص وأطباء نفسيين، فالهدف بالنسبة لها هو صورة تجني من خلالها أموالها الكبيرة من خلال تلك الأصوات التي تشارك في مسابقاتها مقابل أن يكون نجماً عربياً مسوقاً بشكل مدروس، لأنها تكون قد (حلبته) مادياً قبل الوصول الى ذلك المركز الذي يتسابق عليه أصحاب الأصوات التي فرزت لمرحلة التنافس المباشر، وهي في النهاية محرقة حقيقية للمواهب.
نسخ مقلدة
جاءت هذه البرامج العربية في الأغلب من نسخ مقلدة لبرامج عالمية مثل “ذا فويس” و”أرب آيدل” وغيرها من البرامج المهتمة بصناعة وتسويق مهنة الغناء.
كانت القنوات العربية في ثمانينيات الزمن الماضي تقدم برامج خاصة بها في مصر ولبنان والعراق والمغرب العربي، لكنها كانت محدودة الانتشار، ورغم ذلك فإنها قدمت أصواتاً كبيرة أصبحت -فيما بعد- أصواتاً طربية مهمة في ساحة الغناء العربي.
إن صناعة النجوم في هذه البرامج المختلفة أصبحت -في يومنا هذا- تستقطب أكثر المشاهدات، فبدأت بعض القنوات الممولة من أكثر الدول لها بتسخير كل الإمكانيات المادية لأنها برامج غير خاسرة، بل ربحية نفعية تدر لها أموالاً طائلة.
والسؤال هنا هو كم عدد المطربين الذين أصبحوا نجوماً من خلال تلك البرامج؟ يكاد يكون العدد ضئيلاً إذا ما قورن بعدد تلك البرامج طيلة تلك السنين.
المتتبع لهذه الظاهرة قد يقول إن هذا يعتمد على تواصل ذلك المطرب الفائز، لو أسلمنا أنه قد نجح في الاختبار وحاز المرتبة الأولى.
الموضوع ليس بهذه السهولة، كما نعتقد أو نتصور، الإصرار والموهبة جزءان مهمان في ديمومة ونجاح أي فنان إذا ما توفرت لديه الموهبة مع الإصرار مع الثقافة الموسيقية واللباقة والمظهر وأسنان ضاحكة خجولة وطول فارع بمواصفات الوسامة.
وحلم أكثر الفائزين أن تتبناه كبرى شركات الإنتاج التي تحقق له النجومية والشهرة من خلال التعاقد والاحتكار لديها.
لكن يبقى السؤال: هل فعلاً تلك المحطات قادرة على صنع نجوم من طراز كاظم الساهر او حاتم العراقي؟