بعد أن أثار مشروعها لبيع الأطعمة جدلاً واسعاً.. الفنانة رشا سامي العدل: لست مفلسة، لكني لا أرى في العمل عيباً

حوار: محسن حسن /

أثار مشروعها لصنع الأطعمة وبيعها في مدينة دهب السياحية جدلاً واسعاً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وقبله بين الأوساط الفنية المصرية، كونها ممثلة متألقة تنتمي إلى أسرة فنية كبيرة، فوالدها هو الفنان الراحل سامي العدل، ووالدتها الفنانة الكبيرة نادية شكري، وكان والدها ممثلاً ومنتجاً معروفاً، فلماذا تلجأ فنانة الى مثل هذا العمل؟ وهل بات بعض الفنانين لا يجدون في الفن وسيلة لكسب العيش الكريم؟ …
“الشبكة العراقية” التقت الفنانة رشا سامي العدل لتتحدث عن الجدل الذي رافق الإعلان عن مشروعها لبيع الأطعمة، وعن مسيرتها الفنية الناجحة وتألقها أمام كبار نجوم الفن المصري في المسرح والسينما والتليفزيون، والقواعد الصارمة في التعامل مع أصول ومعايير مهنة التمثيل، بعد أن وجهت انتقاداً شديداً للقائمين على المهنة بسبب تجاهلهم المتكرر لها ولجيلها من الممثلين النقابيين.
*مشروعك الأحدث في دهب أثار جدلاً واسعاً.. لماذا في رأيك؟ وهل أنت بالفعل مستبعدة من اختيارات المخرجين والمنتجين؟
-لو قلت إنني مستبعدة فهذا يعني أن استبعادي مقصود، وفي الحقيقة لا يمكنني التأكد من ذلك، لكني -بكل تأكيد- من بين نقابيين كثيرين منتمين للمهنة لكن لا يتم اختيارهم وترشيحهم لأعمال فنية، أما بخصوص مشروعي في دهب فهو مشروع عادي تقوم به كل ست بيت، فأنا أصنع طعام وأبيعه، وهذا أمر طبيعي جداً، لكن يبدو أن كوني من أسرة فنية ميسورة الحال ومن عائلة تتمتع بالاستقلال في الإخراج والإنتاج الفني، هو ما تسبب في إثارة هذا الجدل الواسع حول هذا الأمر، فتساءل البعض متعجباً: لماذا أقوم بعمل مثل هذا!؟ والرد هو أنني لا أرى في العمل عيباً، كما أن البعض فسر كلامي بشكل مغلوط؛ فعندما قلت “مش هستنى لحد لما أشحت أو معرفش آكل”، لم يكن قصدي أنني مفلسة أو في حاجة للمال، وإنما كان القصد أن الإنسان لا يجب أن ينتظر إفلاسه أو حاجته إلى المال حتى يبدأ بالتفكير في العمل، من ناحيتي، فقد انتظرت كثيراً حتى أحقق حلمي في أداء أدوار وأعمال فنية تمنيت أداءها، لكن كان الانتظار دون جدوى، لذا كان يتوجب على ترك الانتظار وإضافة مهارات عملية ومهنية أخرى إلى تكويني وحياتي.
*البعض اعتبر هذا المشروع بمثابة اعتزال مقنّع للتمثيل.. ما رأيك؟
-أقول إن التمثيل هو عشق عمري وحياتي، ولا يمكن أن أعتزل التمثيل، وإذا عرضت على بعض الأعمال الفنية الآن، فلن أعتذر عنها بسبب أنني أقوم بعمل صينية بسبوسة مثلاً، فبالتأكيد سأقبل هذه الأعمال بكل حب وترحاب، لأن التمثيل دائماً في مقدمة أولوياتي. من جهة أخرى لا يجب أن أنسى أنني خريجة إدارة أعمال وفي إمكاني الجمع بين أكثر من مهنة وعمل، وعمي مدحت العدل هو في الأصل طبيب بشري، والدكتور محمد العدل هو طبيب بيطري في الأساس، لكنهما يعملان في مجال آخر مختلف، وهناك الفنان يحيى الفخراني، فهو طبيب أيضاً، وهكذا فليس عيباً أن تكون لديك أكثر من مهنة تجيدها وتعمل فيها.
*هل بالإمكان أن تسيطر عليك مهنة واحدة لتتركي الأخرى؟
-لا أظن ذلك، لأنني أعشق ما أجيده، سواء التمثيل أو مجال إدارة الأعمال، ولدى قناعة كبيرة بإمكانية تحقيق النجاح في الجمع بين أكثر من عمل ومهنة طالما أنني أحب ما أعمل وأقتنع بجدواه في حياتي.
*بماذا أفادتك البداية الفنية المبكرة في المسرح؟
-بدأت فنياً على المسرح منذ سن الثامنة، وهوما أفادني كثيراً في اكتساب خبرات مبكرة أمام الجمهور والكاميرات، وكانت البداية مع مسرحية (الأمير الصغير) للمخرج الكبير السيد راضي، بالمشاركة مع أستاذي الفنان الكبير الراحل (سمير غانم) والفنانة هالة صدقي والفنان أحمد نبيل وأمير شاهين شقيق الفنانة إلهام شاهين، وهي تجربة تعلمت منها أصول العمل الفني ومفرداته وكيف أن المسرح إما أن يخرج ممثلاً شاطراً جداً أو ممثلاً فاشلاً جداً.
*كيف كان تأثرك بأسرتك الفنية على المستويين الإنساني والفني؟
-أنا كنت مرافقة دائمة لوالدي خلال أي عمل فني، وحتى الآن أرافق والدتي في أي عمل فني؛ فقد تعودنا جميعاً على تبادل الآراء بخصوص تقييم الأعمال الفنية المختلفة، وهما لم يبخلا علي أبداً بالمساعدة في الإذاعة والمسرح والتليفزيون، ولاسيما فيما يخص تعلم اللهجات المصرية المختلفة، ودائماً لهما الفضل في كل شيء يخصني، سواء على المستوى الفني أو الإنساني.
*في مشوارك الفني.. ما العمل الذي أحسست من خلاله أنك أصبحت ناضجة فنياً؟
-النضج الفني مصطلح كبير جداً، بالتأكيد كانت بداياتي تلقائية وعفوية عندما كنت صغيرة، لكن عندما كبرت بدأت في اكتساب الخبرات بتوالي المشاركات الفنية، ومازلت حتى الآن أعد نفسي فوق سلم النضوج الفني؛ لأن الفنان إذا أحس باكتمال نضجه الفني فهذا يعني أنه سيبدأ في الهبوط والتراجع، وهو ما لا أحب أن أتعرض له؛ لذلك فكل مشاركاتي الفنية تندرج تحت هذا المصطلح الكبير.. النضوج، لكنه نضوج مستمر ومتواصل.
*ما تقييمك لتجربتك التمثيلية مع كبار النجوم.. أمثال نور الشريف مثلاً؟
-عندما نتكلم عن نور الشريف وعن نجوم كبار جداً تعاملت معهم، فإننا نتكلم عن عمالقة الفن، هؤلاء تعلمت منهم الالتزام الكامل والانضباط في المواعيد بالإضافة إلى خبرات أخرى كثيرة يصعب حصرها، لكنها خبرات لو كانت ناقصة عند أي فنان، فإنها تنال بكل تأكيد من سمعته الفنية.
*اختلفت مع ريهام حجاج ودافعت عن آيتن عامر.. ما السر في قيامك بالخوض في مثل هكذا سجالات؟
-أنا لم أختلف مع ريهام حجاج كشخص لأنني لا أعرفها، كما أنني لم أدافع عن آيتن عامر وحدها وإنما دافعت عن ابن عمي مخرج العمل (كريم العدل)؛ فأنا لا أحب الظلم، ولا أحب العلاقات السيئة بين الناس، كما أنني لا أحب التعالي، ونحن -كعائلة العدل- معروف عنا التواضع والعلاقات الطيبة ومحبة كل الناس، أما تبادل الأساليب الرخيصة والمتدنية في التعامل فهذا ليس من طباعنا على الإطلاق، وفي هذا الموقف كان لابد من الرد المناسب وفقاً لحجم التجاوز والتعالي. وعموماً أنا لم أتجاوز في حق ريهام حجاج، وإنما انتقدت طريقة تعاملها وأسلوبها في نطاق عبارتها (بفلوسي)، فأبي كان منتجاً كبيراً لكنه لم يتعامل يوماً مع أحد بمنطق أنه ينتج بفلوسه أو يتصدر ويكون نجم الشباك بفلوسه، حتى أنه لم يفكر يوما في عمل فيلم أو مسلسل من بطولته منفرداً باعتباره المنتج، وهذا لأن المسألة ليست بالفلوس، فالفنان الحقيقي يفرض وجوده وينال حب جمهوره بفنه وليس بالفلوس، والدليل على ذلك أنني لم أحاول استغلال اسم أبي أو اسم عائلتي كمنتجين حتى أحصل على بطولات وأدوار منفردة، فنحن عائلة عصامية، إذا لم تنجح في مجال فإنها تحاول النجاح في مجال آخر.
*باعتبارك من أسرة عريقة فنياً.. هل أنت راضية عن الاختيارات الفنية للمخرجين والمنتجين في مصر؟
-في الحقيقة ليس من حقي الرد على مثل هذا السؤال لأن تقييم ما يقدم من اختيارات المخرجين والمنتجين هو من اختصاص النقاد والجمهور، وبشكل عام كل المجالات فيها الجيد والرديء.
*برأيك إلى أي حد يعاني الوسط الفني من الدخلاء ؟
– نحن بالفعل نعاني كثيراً من الدخلاء على الوسط الفني، وعندنا مشكلة كبيرة في مصر وهي أن أعضاء النقابة من الممثلين أغلبهم لا يعملون، في حين أن بعض من لا ينتمون للنقابة يعملون بتصاريح وبدون تصاريح، وهذه المشكلة نعاني منها منذ سنوات للأسف، وكلما ظهر أمل في العلاج نفاجأ بأن (شلّة) المتصدرين للأعمال الفنية، كما هي، في الصدارة، ويسيطرون على أغلب الأعمال المقدمة لدى المخرجين والمنتجين، وحتى الوجوه الجديدة كثير منها يأخذ مكانه بالواسطة والمحسوبية وصلات القرابة.
*ما طبيعة الظلم الذي تعرضت له بعد رحيل والدك الفنان سامي العدل؟
-هي ليست قصة ظلم بقدر ما هي نتيجة طبيعية لموت والدي وغيابه عن الساحة الفنية، فمن كان يعمل له حساباً في شيء لم يعد يفعل نفس الشيء الآن بعد رحيله، وأنا لا أنتظر من أحد رد جمايل أبي عليه، فهذا ليس من طبعي، والحمد لله نعمه كثيرة، ولعل أكبر ظلم تعرضت له هو أنني فقدت السند والظهر الذي كنت أرتكز إليه وهو أبي، فعدم وجوده بالنسبة لي هو الظلم بعينه ولكن دون اعتراض على قضاء الله تعالى وحكمه وهذه هي سنة الحياة.
*في الختام.. هل زرت العراق؟ وما انطباعك عن فنون هذا البلد؟
-في الحقيقة لم أزر العراق من قبل، لكن عندما نتحدث عن فنون هذا البلد فنحن نتحدث عن تاريخ كبير وعريق، نتحدث عن حضارة بلاد الرافدين بكل ما تحمله في ثناياها من كنوز حسية ومعنوية وثراء فني وإبداعي يفوق الوصف والخيال في الأدب والشعر والثقافة، ومن أنا حتى أتكلم عن العراق، فالعراق حضارة لا تحتاج إلى من يتحدث عنها لأنها جديرة بأن تتحدث عن نفسها.