#خليك_بالبيت
محسن ابراهيم /
في هذا العالم الساحر وفضاء الحكايات, من منا لم يتابع بشغف العديد من الصور المتحركة وأفلام الكرتون على الشاشة الفضية؟ حتى أمسى الطفل لصيقاً بهذا الساحرة, بفضل من ساهم في صنع ذاكرة الأطفال ورسم الابتسامة على وجوههم.
فما أن يعلن عن وقت عرض الرسوم المتحركة حتى يقابل الأطفال شاشة التلفاز وهم يشاهدون المطاردة الأبدية بين توم وجيري, تلك الفكرة التي بدأت قبل أكثر من 80 عاماً والتي بنيت على حس السخرية والتفكير بعقلية الطفل، وهذا ماجعلها تحتفظ بسر ديمومتها ومقاومتها للشيخوخة.صانع البسمة
منذ نهاية الخمسينيات، بدأ نجم جين ديتش بالسطوع، حين فاز بجائزة الأوسكار عام 1960، عن فئة أفضل فيلم رسوم متحركة قصير، والذي حمل اسم (مونرو)، ليترشح بعدها لمرتين من خلال فيلمين هما (كيف تتجنب الصداقة) و(ها هو نوديك).
نال شهرته الواسعة حين بدأ باخراج كرتون (باباي), لينتقل بعدها إلى عالم القط والفأر. لم يتحمس في بادئ الأمر للفكرة، إذ وجد في مطاردات توم وجيري عنفاً مفرطاً وغير ضروري, إلا أنه ابتكر طريقة ما لتطوير تلك المطاردة وإعطاء فرصة للفأر الصغير للفوز والبقاء على قيد الحياة ليبدأ مطاردة جديدة.
تلك المطاردات التي بقيت راسخة في مخيلة الأطفال دون أن يمس تلك الذكريات هجوم عالم “الأنيمي” الذي اجتاح عالم الطفولة، بل وحتى أطفال اليوم ينجذبون أيضاً لهذا الكرتون، الأول والأشهر عالمياً على الإطلاق منذ ستينيات القرن الماضي.
لم يقف إبداع جين ديتش، كصانع لأعمال الرسوم المتحركة، عند توم وجيري بل كان مبدعاً أساسياً في ابتكار شخصية البحّار الشهير باباي، صاحب صيحة السبانِج المضحكة. الحلقات التي كتبها وأخرجها جين ديتش لمطاردات (توم وجيري) نُفذت بالكامل في مدينة براغ التشيكية، لذلك لا تحتوي المقدمة الخاصة بها على عبارة صنع في هوليود، إذ كان التوتر قائماً بين المعسكرين الغربي والشرقي، ولم يرد صناع توم وجيري زيادة الحساسية بين الشيوعيين والرأسماليين.
مواهب متعددة
ولد ديتش في الثامن من آب عام 1924 م في مدينة شيكاغو الأميركية، لم تكن الرسوم المتحركة المهنة الأولى لـه، إذ أنه عمل بعد تخرجه في طيران أميركا الشمالية عام 1943 في رسم مخططات الطائرات. أصيب بالتهاب رئوي بعد عام من العمل أدى إلى تسريحه من الجيش، قرر الانتقال إلى براغ، ثم ظهرت موهبة الغناء لديه فكان من أوائل المغنين لموسيقى الجاز فكتب أغاني اميركية عدة ، لكنه لم يلقَ نجاحاً كبيراً وفي النهاية تخلى عن الموسيقى. اشتهر ايضا بموهبة الإخراج السينمائي والرسوم المتحركة والتمثيل الكوميدي، وله العديد من الأعمال التي خلدت في الذاكرة منها سلسلة أفلام باباي، وحلقات الكرتون الشهير “توم وجيري.”
حصل على جائزة “وينسور” عام 2003 عن مجمل أعماله في مجال الرسوم المتحركة، توفي عن عمر ناهز 95 عاماً بمنزله في مدينة براغ التشيكية.