حوار/ محسن إبراهيم
درست الإعلام واشتغلت في الإعلان الذي كان بوابة دخولها عالم التمثيل، اشتهرت بأدوار الفتاة الشريرة وأجادتها، لامتلاكها الموهبة في أداء الأدوار المركبة، باحثة عن الكم والنوع، وتعتبر أن الأهم هو الاختيار الصحيح للشخصية.
إنها الفنانة بيداء المعتصم، ضيفة مجلة “الشبكة العراقية”، التي كان لنا معها هذا الحوار:
* كيف اتجهت بوصلتك إلى التمثيل؟
– كانت بدايتي في الإعلان، حينها كنت طالبة أدرس الإعلام في جامعة دجلة، وفي تلك الفترة اشتغلت عدة إعلانات، ومن خلالها جرى طرح اسمي للعمل كممثلة، في وقت كان هناك عدد قليل من الممثلات الشابات، فكانت البداية مع الفنانين إياد الطائي وسلام عرب في عمل (أحلام السنين)، وفيه اكتشفت موهبتي في التمثيل.
* هل ثمة تأثير للبيئة والعائلة في مسيرتك الفنية؟
– طبعاً، أنا مؤمنة بأن البيئة والطفولة والعائلة لها تأثير كبير على حياة كل إنسان، بصورة كبيرة ومؤثرة في كيانه وطريقة تفكيره وشخصيته، في ما يحب وما يكره، وكيفية تصدير نفسه إلى الآخرين، وكانت عائلتي داعمة لي منذ انطلاقتي في هذا المجال، وقد ترجمت بعض ذكرياتي العائلية في أدواري، وقد كان هذان الخزينان، العائلي والبيئي مفيدين جداً في عملي.
* حدثينا عن مواجهتك الأولى مع الكاميرا كممثلة؟
– في بداية الأمر كان هناك ارتباك، لأن العمل في الدراما يختلف جذرياً عن الإعلان، في الإعلان كان لأختي الإعلامية منال المعتصم دور مهم في عملي، عبر كم المعلومات التي مدتني بها، لكن في التمثيل كنت في توتر دائم مع كل بداية تصوير، كان القلق والخوف يرافقاني في كل عمل، ولا أنسى موقف الفنان إياد الطائي في عمل (أحلام السنين) ووقوفه خلف الكاميرا في أول مشهد لي، وتصفيقه وتشجيعه لي، في لحظة كنت فيها أرتجف من الخوف وقلق التجربة الأولى.
* ما المهم والأهم بالنسبة لكِ، الكم أم النوع؟
– لا بأس أن أبحث عن الاثنين، بمعنى العمل على تنويع شخصياتي، وأيضاً أن يكون لي كم جيد من الأعمال، شريطة أن يكون الكم خاضعاً لمعايير معينة، وفيه دقة في اختيار شخصياتي، علماً بأني لم اشتغل في الموسمين السابقين وذلك لأني لم أجد أي عمل يقدمني بشيء مختلف عما قدمته سابقاً.
* كيف تعاملت مع الشخصيات التي جسدتِها، ولاسيما أن التقمص بحاجة إلى مران وجهد كبيرين؟
– شخصياتي التي قدمتها كانت تحمل في ماهيتها الخبث، وقد سببت لي مشكلة كبيرة، ذلك لأن هذه الصفات غير موجودة في طبيعتي، كانت الشخصيات التي أديتها ممن يعانون من مشكلات نفسية، أو سيئين، كنت أتمرن على تلك الشخصيات من أجل إجادة أدواري، وقد ساعدني في ذلك أساتذتي في المهنة.
* كان دور الشر السمة الواضحة في غالبية أعمالك، ألا تخشين من أن يكون هذا القالب نقطة اشتغالك الوحيدة؟
– طبعاً أنا أحسست بأني سوف أحصر بهذا القالب، والشارع بدأ يراني بهذه المنطقة فقط، وبات لا يصدق أن هذا مجرد فن وتمثيل، لكن في عمل (الكهف)، الذي كان من بطولتي، كانت شخصيتي مغايرة جداً لما قدمته سابقاً، غير ان العمل لم يأخذ مساحته ولم يسهم في محو ما علق في ذاكرة الجمهور من أدوار الشر التي قدمتها. أتمنى أن تكون هذه السنة مختلفة في هذا الشأن.
* ما الشخصية التي تتمنين تجسيدها؟
– أحب الشخصيات (التوكسيك)، التي تعاني من مشكلات نفسية. أشعر أن فيها تحدياً كبيراً، فليس من السهولة تقديم مثل تلك الشخصيات التي تحتاج من الممثل إلى دراستها سلوكياً، وفهم وإدراك انعكاسات البيئة عليها، سواء أكانت بيئة عائلية أو محيطها الخارجي، لكي أتمكن من تقديمها بأفضل صورة.
* يشاع عن وجود (مافيات) و (كروبات) في الأوساط الفنية، هل تؤكدين وجودها من عدمه من خلال تجربتك الفنية؟
– بصراحة سمعت بذلك، أما عن نفسي فمنذ بدايتي ولهذه اللحظة لم أتعامل مع هذه (المافيات)، كل من عملت معهم، أشخاص لهم ثقلهم وتجاربهم، وهم من الأسماء الكبيرة والمحترمة في الوسط الفني، لا أنكر وجود (الواسطات)، لكن على الممثل إثبات نفسه من خلال موهبته وفنه الحقيقيين، وأقول دائماً إنه “لا يصح إلا الصحيح” في النهاية.
* برأيك، من يتحمل دخول الطارئين إلى الفن؟
– بصراحة، نحن الفنانين نتحمل دخول هؤلاء إلى الوسط الفني، إذ كان يجب أن يكون لنا موقف واضح من اقتحام الطارئين لهذا الوسط، هذا الاقتحام سيؤثر في النهاية على أصحاب الموهبة الحقيقية، الأشخاص الطارئون لاعلاقة لهم بالفن، هم يبحثون عن الشهرة و(الطشة) من خلال هذا المجال، وهذا يؤثر بصورة مباشرة على من يبحثون عن فرصة لإثبات موهبتهم. أعتقد أنه في النهاية لن تبقى في هذا الوسط وبهذه المهنة سوى المواهب الحقيقية التي تعشق هذا العمل.
* كيف يمكنك إثبات نفسك في ظل زحمة الوجوه الفنية؟
– بالتأكيد من خلال موهبتي واجتهادي، فالموهبة لا تكفي ما لم يكن هناك اجتهاد، بالنسبة لي مازلت حتى الآن اشترك في ورش تمثيلية، فضلاً عن انهماكي في القراءة المتواصلة، ومشاهدة مختلف الأعمال العالمية والعربية بغية تطوير موهبتي، حتى إن كانت الساحة الفنية مزدحمة، وكما يقال فإن “لكل مجتهد نصيب”.