حكايات فنية

يحررها: محسن إبراهيم /

الجمال والموهبة
لا يمكن أن يكون الجمال مقياساً للنجاح الفني دون أن يكون مقروناً بالموهبة وقدرات فنية تسمح بالولوج الى قلوب المشاهدين، وتساعد الفنانة في تحقيق النجاح من خلال مشوراها الفني. لكن جمال الشكل سلاح ذو حدين، فبقدر ما يكون حافزاً للدخول الى مجال الفن، قد يكون أيضاً سبباً في توجيه النقد والاتهامات لفنانة أكثر من غيرها، بأنها لا تحمل مؤهلات أو مواهب سوى هذا الجمال، وأنها لا تملك موهبة حقيقية حتى يثبت العكس. وهو ما يحتاج أن تبذل الفنانة الجميلة جهداً لكي تؤكد أنها لا تعتمد على جمال الوجه فقط.
براء الزبيدي.. فنانة جميلة وموهوبة، فبرغم قصر عمرها الفني، إلا أنها استطاعت أن تصل الى قلوب الجمهور، وتُحقق النجاح خلال فترة وجيزة، اشتركت في أعمال عدة، ربما أشهرها مسلسل (بنات صالح) الذي فتح لها باب الشهرة واسعاً. دعوة الى كتاب الدراما والمخرجين أن يجعلوا براء تتمرد على جمال الشكل وعلى نوعية الأدوار، وأن لا تختزل بنوع واحد من الأدوار، استكشفوا مواهبها في قوالب أخرى وحتماً ستكون الموهبة هي الفيصل.

زومبيات نحتية
لعل ما تعيشه الحركة الفنية العراقية من تدهور ملحوظ على المستويات كافة، هو مؤشر على أن البلد الذي يمتلك حضارات متعاقبة فتح الباب مشرعاً لأنصاف الموهوبين ليلطخوا بإنتاجهم الرديء وجه حضارة تمتد الى سبعة آلاف عام، حتى أصبحت مدننا و شوارعنا تعج بتماثيل لا تمت للفن بصلة، وهي تشكو من غزو الزومبيات النحتية. تماثيل مجهول من صنعها، لا تمتلك أي معيار من معايير الفن، ولا نعرف لم قَبِل المسؤولون بالإبقاء عليها في الشوارع برغم سيل السخرية والاستياء، وكأن القائمين على أمر الفن في العراق مصممون على ابتذال كل ما كانت تمثله البلاد من قيم وجمال وإبداع. أهدرنا أموالاً طائلة في صناعة تماثيل مشوّهة وضعت في الساحات العامة بالمحافظات والمداخل الرئيسة، وأثارت موجة من الاستياء والسخرية، ومطالبة القائمين على هذا التلوث الفني بتوضيح أسباب إهدار كل تلك الأموال في تماثيل منحوتة بشكل بالغ السوء.
متى يدرك القائمون على الواقع الفني والثقافي أن الفن الأصيل يسمو فوق كل الترهات والأعمال الفاقدة للأهلية الفنية والبهرجة الإعلامية.

كوامة إعلامية!
ربما بات على البعض أن يفرق بين حرية التعبير وسقف الحريات، وبين أن يفتح الباب على مصراعيه أمام من يدعي الانتماء الى الوسط الإعلامي بكل مسمياته, لتصبح بعض الفضائيات ساحة للمراهقين والمراهقات, ومنبراً للشتائم والانحلال الاخلاقي. ظهرت في الآونة الأخيرة برامج عدة تظهر عدداً من الفيديوهات والصور والتصريحات لعدد من الشخصيات، دينية او اجتماعية او فنية، يصاحبها سيل من السخرية والشتائم، في ظاهرة غريبة لم تكن موجودة في السابق، هذه الظاهرة أطلق عليها الناس «حرب السوشيال ميديا»، تلك الحرب لم تظهر لمشكلات بين طرفين، بل إن الكل يعرف أن هدفها التكسب والشهرة على حساب الطرف الآخر، وما يزيد الطين بلّة أن الجمهور والمتابعين يقومون بنصرة أحد الطرفين، كما يجري تداول المقاطع والفيديوهات لتلك الشخصيات في بشكل واسع. فضلاً عن لغة التهديد التي تستخدمها الأطراف المتصارعة المتمثلة باللجوء الى العشائر، وبتنا في وسط (دكات إعلامية) وقضايا تحت قانون 4 سناب!!

حيرة في حيرة
“قصص حب وانتقام وأشخاص يبحثون عن الثأر، في موازاة حكايات أخرى تنطلق من رحم الشارع العراقي تتناول الأسرة وما يحدث بين أفرادها من مواجهات عائلية، وترصد الصراعات الاجتماعية المختلفة.”
هذا ما كتب عن المسلسل العراقي “حيرة” الذي احتارت غالبية المشاهدين في ماهية أحداثه التي تبتعد ابتعاداً كلياً عن الواقع العراقي من خلال أحداثه وبيئة التصوير التركية التي أثرت بشكل كبير حتى على أداء الممثلين. إن رحم الشارع العراقي يعج بالحكايات والأحداث التي لا يمكن اختزالها بقصص مقتبسة من بيئة أخرى ومن أحداث لا تمت بصلة الى الشارع العراقي. لكن يبدو أن هناك تعمداً واضحاً ومؤدلجاً من قبل بعض القنوات في انسلاخ الدراما العراقية عن واقعها، واستغلال الكتّاب والممثلين، الذين هم بأمس الحاجة لديمومة العمل.
والسبب يعود لعدم إنتاج أعمال درامية من قبل قناة الدولة. كلنا نتذكر أعمال (حفر الباطن, ونزف جنوبي, وحفيظ, وسفينة سومر)، وأعمال أخرى أنتجتها شبكة الإعلام العراقي.
إنها دعوة لتخصيص الأموال اللازمة لمواجهة المد الدرامي التركي.