حكاية صورة

مقداد عبد الرضا

حينما تضع خيط الكاميرا فوق كتفك وتفكر بأنك ستقوم بانقلاب من خلال الوسيط، وأعني به الكاميرا للفضاء، لن يحدث هذا أبداً إلا إذا استطعت أن تفسر لنا وظيفة البشر إلى البشر، بل عليك أن تعلن أن هناك وثيقة خاصة بك أنجزت، تظل توخزنا كلما تطلعنا إليها، وإلا سينقطع الخيط وتتسربل عينك بعيداً.

 

الملك القتيل فيصل الثاني (رحمه الله) ظل حريصاً على تلقي دروسه بلا انقطاع، حتى إذا حل العام 1946 ظهر للمشرفين على دراسته أنه أكمل الابتدائية على أكمل وجه، ولابد من التوجه الى إتمام الدراسة الثانوية. لقد أشرف على دراسته أستاذة كبار، من بينهم الكبير الدكتور مصطفى جواد، صاحب واحد من أروع البرامج (قل ولا تقل)، كما هو معه في هذه الصورة للغة العربية. أما بقية الأساتذة فمنهم عبدالغني الدلي لدرس العلوم، عبد الكريم الشيخلي لدرس الدين، أكرم شكري لدرس الرسم، مسز بورلاند المربية الأولى، مسز سوليمان اللغة الإنكليزية، مسز ريميوس مؤدبته.

 

 

في العام 1896 ولد في مدينة الموصل ونشأ دينياً، في المتوسطة شرع بدراسة الموسيقى، 1918 كان جندياً، 1921 أصبح معلماً للغة العربية ومدرساً للموسيقى. 1922أسس أول جوق موسيقي في الموصل 1934قام بالتدريس في (لواء) العمارة. عاد بعدها إلى بغداد ليسهم بتأسيس المعهد الموسيقي. 1936 أسس الجوق الموسيقي في مدارس الشرطة، كان المسؤول الأول عن الموسيقى والنشيد في إذاعة قصر الزهور للملك غازي. أول من ألف كتابين عن النظريات الموسيقية، بين عامي 1938 – 1946 تعلم العزف على آلة الكمان والعود. يعتبر الرائد الأول في مجال الأناشيد الوطنية.. فمن هو؟ إنه الأستاذ حنا بطرس.. أول مؤسس للتربية الموسيقية في العراق.

 

 

كلنا يعلم أن المنافسة الشريفة تخلق إنجازاً عظيماً يرسم جزءاً من خريطة البلاد، خاصة للأعمال الجماعية. لكن إن سعيت لوحدك فبهذا تكون أنت غير مؤهل للنجاح. العالم متنوع، ومن ضمن هذا التنوع والتنافس هو المسرح. فيما مضى كان التنافس كبيراً وكانت الفرق أكثر من عدد الأصابع برمتها. صبي بعمر الورد كان يستلقي على وجهه في حديقة غناء بانتظار أحد العروض المسرحية، مازحته، قلت له ماذا تفعل هنا؟ قال أتعلم، المسرح معلم كبير، المسرح يتضاءل منفرداً غير مغرد. هذا البوستر -كما هو مبين- يؤشر للتنافس الأكبر، فرقة مسرح كربلاء في مسرحية (النخلة والسلطان) 1972. بقي أن نعرف أن مؤلف موسيقى العمل هو الراحل الملحن محسن فرحان.

 

 

من أين يأتي هذا الساحر الذي يتلاعب بمحبة كبيرة بطفولتنا وينمي أحلامنا؟ نطير ونحط ونتقافز ونتزاحم بود كبير. من أين يأتي وهو يحمل الولايات كلها على كتفه داخل صندوق العجائب؟ وما إن يضعه على الأرض حتى ترتبك خطواتنا ونتزاحم لندخل أعيننا في الفتحات التي أعدها لنا ويبدأ بالمناداة (شوف عندك ياسلام، بصبص بعينك تمام، شوف هذا وشوف ذيج، وشوف دجاجة وشوف ديج، شوف الفارس عنتر، راكب حصانه الأبجر ). منذ القرن السابع عشر الميلادي وهذا الرجل يتناسخ وينادي أن نرى ونسعد، وتكون الوسادة طائراً يحملنا إلى أقاصي الدنيا، يد الأم الحانية فوق القلب، والصندوق يعدنا بالمجيء في المرة القادمة. ياللحبور، اختفى الصندوق والمنادي وحتى الوسادة، ياللأسى، الصورة من كتاب (ثلاثة من بغداد)، من بيت القيماقجي، المصور الدكتور إحسان قيماقجي.