خليل فاضل خليل في مسلسل (العشرة) كان الأداء عالمياً.. بوابة دخولي إلى عالم الفن هو أبي..

حوار : محسن إبراهيم
تصوير: حسين طالب
من سحر كرة القدم إلى عالم الفن، رحلة مثمرة خطاها الفنان خليل فاضل خليل. التحق بمعهد الفنون الجميلة وحصل على دبلوم فنون مسرحية. مثل للتلفزيون والمسرح، لكنه مقل في أعماله ودقيق في اختياره، لأنه يضع التميز في النوع نصب عينيه، فكان له ما أراد، ففي أول عمل عربي له حصد جائزة التمثيل في مهرجان القاهرة.
تميز بأدواره في أعمال: (الملك فيصل)، و(الرحيل)، و(المجهول)، و(فوبيا بغداد)، و(هدوء نسبي)، توجهها مؤخراً في مسلسل (العشرة).
مع الفنان خليل فاضل خليل كان لنا هذا الحوار:
*مقل في الأعمال دقيق في الاختيار.. هل تؤمن بالنوع؟
-الدقة في الاختيار هي الهدف الذي يرومه الفنان للتميز, إذ إن النوع أهم من الكم، كما أن الدقة في الاختيار هي مفتاح نجاح الفنان. حين أفكر في عمل أو تمثيل شخصية ما، يجب أن أكون صادقاً في أداء تلك الشخصية, الكم يدخل الفنان في متاهة ويشتت انتباهه، والكثير من الممثلين يسعون إلى تقديم شخصية سلسة، وهذا الشيء غير صحيح. إذ إن الشخصية تمتلك أبعاداً وسلوكاً وأداء بطريقة خاصة تلائم ماهيتها في العمل الفني، وهنا يجب أن يكون الاستقرار الذهني حاضراً, وحين التفكير في أكثر من شخصية تضيع خيوط العمل من بين يديك.
*هل هذا ما دفعك لاختيار عمل (العشرة)؟
-هذا العمل يناقش موضوعاً مهماً، ويخلد أشخاصاً دافعوا عن الوطن، نذكرهم جميعاً، سواء في زمننا هذا أو في زمن سابق، أو لاحق، لأن هذ الوطن يواجه الكثير من التحديات، وحين ندافع ونستشهد من أجله فإن هذا شيء عظيم. ما أعجبني في مسلسل (العشرة) أنه في كل اختصاص كان هناك اختيار مناسب جداً، من كادر تصوير وإضاءة وديكور وإخراج، فضلاً عن وجود الفنانة آلاء حسين، أضف إلى ذلك جمال النص. كل هذه الأمور تغريك لتقديم عمل يليق بكل هذه الأشياء. ورغم قصر الحلقات، لكن كل حلقة بدت وكأنها قد تحدثت لساعات، كفيلم سينمائي طويل. وحتى هذه اللحظة مازال المشاهدون يتأثرون جداً حين ألتقي بهم.
*هناك مفتاح لكل شيء، النص والتمثيل والإخراج، أي منها كان مفتاح العمل؟
-ليس هناك تصور محدد, في التمثيل -كما ذكرت- كانت هناك الدقة في الاختيار، وهنا لابد من وجود النص، وحين يكون النص متقناً وجميلاً، فإنه من المؤكد سوف يغريني، وبعد ذلك تبدأ عملية اختيار الممثلين، ومن ثم العملية الإخراجية، كل هذه العناصر كانت مفاتيح نجاح العمل.
*الدراما العراقية بدأت تستعيد شيئاً من عافيتها، ما الذي تحتاجه الدراما للنهوض مجدداً؟
– إن ما تحتاجه الدراما، وكما يقال بالكلام الدراج، هي (البدوة)، وتحقق هذا الأمر وبدأ العمل، وأصبح هناك تميز في بعض الأعمال، وظهور للممثلين بطريقة صحيحة وجميلة، نتأمل ونتمنى أن يكون القادم أفضل.
*وما الذي يحتاجه الممثل العراقي؟
– أن يقدم العمل الفني العراقي بالشكل الصحيح للمشاهد العربي لكي ينافس الأعمال العربية، حينذاك سيبرز الفنان العراقي. نحن كنا نعيش في سبات عارم وعلى جميع الصّعد، فكيف للممثل العراقي أن ينتشر عربياً. أذكر أنني اشتغلت في عملين عربيين في العام 2008، وحين اشتغالنا في عمل (الملك فيصل)، اقترح أحد الفنيين أن أشارك في أحد الأعمال العربية، وعملت، وحصلت على جائزة في مهرجان القاهرة. والعمل الآخر رشحت له من قبل الفنان جواد الشكرجي في مسلسل (هدوء نسبي)، وحين تكون الدراما العراقية على طريقها الصحيح فإنها حتماً سوف تنتشر عربياً ويعرف المشاهد العربي الفنان العراقي.
*في بعض الأحيان يؤثر الانتقاد على مستوى العمل.. ما رأيك؟
-نعم، الانتقاد السلبي يؤثر كثيراً على العمل، ولاسيما من أصحاب القلم المغرض بعد انتهاء العمل, أما النقد البناء فإنه يصب في مصلحة العمل. النقد إجراء سليم وصحي لتشخيص خلل ما في العمل من أجل تدارك هذا الخطأ مستقبلاً، أما التركيز على هفوة بسيطة وترك باقي العمل فأعتقد أن هذا التصرف هو ليس من النقد بشيء.
*هل عانيت من هذا الشيء؟
-الحمد لله، لم أتعرض للنقد أو الانتقاد في جميع ما قدمت، إلا في تجسيدي شخصية الشاعر حسين مردان في مسلسل (سليمة باشا)، فقد تلاعبت حينها بكاركتر الشخصية، إذ أطلقت لحيتي، ولم يكن ذلك مألوفاً آنذاك، لذا تعرضت للنقد حتى من والدي رحمه الله، لكني تقبلت النقد واعترفت بالخطأ، لأن النقد كان صحيحاً ويصب في مصلحة العمل.
*على ذكر الشاعر حسين مردان، كيف تستحضر الشخصية في أعمالك؟
-بالبحث والاستقصاء، ولاسيما عن الشخصيات الحقيقية التي لها سيرة ذاتية وتاريخ، ثم بالاستنتاج في أثناء سؤالك عن هذه الشخصية من خلال ما كتب وقيل عنها في صحف أو كتب أو مجلات، وعلى سبيل المثال شخصية الملك فيصل، فحين جسدت هذه الشخصية سألت الكثير ممن عاصروا تلك الفترة، واستنتجت من خلال كلامهم وتعابير وجوههم أن تلك الشخصية تعرضت للظلم، بالنتيجة ستتكون لديك محصلة نهائية لرسم الشخصية المراد تجسيدها.
*هل تعتقد أن البيئة ممكن أن تكون بوابة للولوج إلى عالم الفن؟
-نعم، هذا ممكن، فبالنسبة لي كانت كرة القدم هي ميداني الأول ولم أكن أفكر بالفن إطلاقاً, علماً بأني منذ صغر سني كنت أجيد تقليد الممثلين العالميين، لكن كرة القدم هي ما كنت أسعى أن أكون في عالمها، لكن والدي الراحل فاضل خليل جعلني أفكر جدياً في دخول عالم الفن، واعترف، وبشدة، أن بوابة دخولي إلى عالم الفن هو أبي.
*أما زال الحنين يسحبك إلى ميدان كرة القدم؟
-نعم، وبشدة، وقبل فترة خضت مباراة مع الأصدقاء. بالمناسبة أنا كنت ألعب ضمن منتخب أشبال العراق، ثم مع منتخب الناشئين، ولكن قبل الاشتراك في بطولة اليابان لم يحالفني الحظ في الحضور مع المنتخب، كذلك بسبب بدء الحرب في 2003، وأيضاً تعرضي لإصابة رياضية اضطرتني للابتعاد فترة طويلة، لذا لم أكمل مشوار كرة القدم.
*يقال إن للمسرح سحراً خاصاً.. لمَ غادرت هذا السحر؟
-تكلمت عن هذا الأمر في أحد اللقاءات، فقد أصبت مرة بعارض صحي جعلني أفقد وعيي للحظات، لذا كنت أخشى أن يحصل ذلك على المسرح، لأنه بالتأكيد سيفشل العمل المسرحي، علماً بأني لم أتحدث عن هذا في ما سبق، وإنما كنت أتحجج بأن الدراما سحبتني، وتزاحم الأعمال، ومبررات أخرى، لكن الحقيقية أن هذا المرض رافقني لمدة عشر سنوات، وهذا ما أثر علي سلباً في مسألة المسرح.
*حلمت ذات مرة بهوليود.. هل مازال الحلم قائماً؟
-إن قلت لا فإني حتماً سأجافي الحقيقة، ولمَ لا؟ فكل شيء يبدأ بالحلم وبالسعي والطموح ممكن أن يتحقق. في مسلسل (العشرة) غالبية النقاد أكدوا أن الأداء كان عالمياً وتعدى مرحلة المحلية والعربية، إن شاء الله سيتحقق الحلم.