ضحى الخطيب لـ” الشبكة”: رسمت للأطفال عوالمهم البريئة في زمن القتل والإرهاب

رولا حسن /

ضحى الخطيب.. فنانة سورية اقترن اسمها برسوم الأطفال وعوالمهم البريئة في زمن القتل والخوف والحرب …فنانة لا تعرف سوى الدهشة التي افتقدها العالم تحت وقع حرب لا ترحم. رسمت بمختلف الألوان لتشكل عالما كما تريده، لا كما تراه، بأسلوب أنثوي شفاف وروح مفعمة بالفراشات.

والفنانة ضحى خريجة معهد أدهم اسماعيل للفنون التشكيلية اختصاص تصوير لعام 2006,مهتمة بالكاريكاتير ورسوم الأطفال، لها العديد من المشاركات في مسابقات وورشات عمل، خبرة جيدة بتدريس الرسم للأطفال (معاهد خاصة – ومعهد ادهم اسماعيل), قدرة على التعامل مع برامج الغرافيك (فوتو شوب)، تدريب لمدة ستة اشهر بشركة النجم للكرتون (قسم التحريك)،.اقامت العديد من المعارض ولها الكثير من المساهمات الفنية التي يحتفظ بها المتلقي. حول تجربتها كان لنا معها الحوار التالي:

* هلا تحدثينا عن علاقتك كفنانة بمدينة دمشق وما تأثيرها على أعمالك؟

– دمشق ليست مدينه أعيش فيها. أو كبرت فيها، وعشت لحظات حياتي بمختلف مراحلها التي شكلت شخصيتي ورتبت تفاصيلي، دمشق .. حياتي وذكرياتي ..دمشق .. ذاكرتي الكرنفاليه..

بدءا من بيتنا في باب توما مركز الكون، وبيت جدي في المهاجرين وليس انتهاء بقوارب الورق التي كان ابي يصنعها لي لتمشي في مسارب الماء في البساتين.. وليس انتهاء بمراقبة كل انسان مبدع في مهنته: الخباز، والحمصاني، والفنان الذي يصنع الزجاج وكأنه ينفخ فيه من روحه، وكل الأمكنة التي لا تنضب في دمشق. كل هذه التفاصيل راكمت في روحي ذاكره مرحة ملونة .. تظهر في لوحاتي كتوقيع لطيف يشي أنى دمشقية الهوى والهوية.

* اسمك مرتبط برسوم الأطفال بتلك الأشكال التي تشي بأرواح وحكايات، ما علاقتك بما ترسمين؟
– لطالما فكرت أن الحياة أكثر حرية على سطح اللوحة، أؤلف شخصيات رسومي وأبني لها عوالم كرنفالية كما لو كنت أعمل سينوغرافيا لمسرحية حقيقية، بقدر ما أمنح هذه المساحة ألواناً من روحي.. بقدر ما يمنحني العمل عند انتهائه عالما ملوناً أسكنه ويسكنني .. فأصير إحدى شخصياتي وألون بخيالي يوميات الحزن العادي التي نعيشها في الحقيقة.

* اتجهت لرسوم الأطفال لأنك تعتبرينهم الأهم في بناء المستقبل فعبرت عن أحلامهم ورؤاهم بشكل شيّق وهادف، هلا تحدثينا عن ذلك..

– عندما بدأت الرسم كان اهتمامي الأول باللوحة الزيتية، وكنتيجة لعدة ظروف اتجهت لعالم رسوم كتب الاطفال. وبدأت العمل على مشروع (لوحة موجهة للطفل..) بعيدا عن الديجيتال والرسوم الجاهزة التي لا تشبهنا من رسوم المانغا والرسوم التي تنتمي لرسوم الكرتون الأجنبية…. حتى أنى درست الرسم للأطفال في مركز أدهم اسماعيل وفي عدة ورشات ومعاهد خاصة، أفكر أن للأطفال قلبي وألواني… وان فنانين هم من عمروا الأهرامات، وفنانين هم من بنوا برج ايفل…وفنانين هم من سيعيدون بناء سوريا الملونة..حيث هناك كثيرون يحلمون بمدينة أفلاطونية …. أما انا فأحلم بمدينة ملونة، ولأجل بناء هذه المدينة، علينا البدء بتلوين ارواحنا، ولو من خلال تطوير الذائقة البصرية، ومراكمة الفرح عند الاطفال وحتى الكبار لذا أجدني أرسم للجميع، للصغار الكبار، وللكبار الصغار.

* ترسمين أشخاص نصوص الأطفال.. كيف تؤلفين بين النص واللوحة؟

– انا فقط لا اسعى لترجمة النص اللغوي ترجمة حرفية، بل احاول تأليف نصي اللوني الخاص الموازي للنص اللغوي والمكمل له. وهذا ما اسعى اليه منذ زمن بعيد.

* ألا توجد صعوبة في التوجه للأطفال عبر الرسم؟

– طبعا…. لكن بقدر ما يتحلى الفنان بالثقافة المتنوعة عموما، والثقافة البصرية خصوصا، بقدر ما هو مؤمن بالفكرة التي يعمل عليها، ويمتلك ادواته بقدر ما يخطو بخطى ملونة باتجاه قلوب الأطفال وعقولهم …الأمر ليس من الصعوبة بمكان بقدر ما هو بحاجة للجدية في التعامل، والتمييز بين التهريج والمرح.

* في أحد حواراتك قلت :(انا لا أجيد الرسم لكني أحب تلوين أفكاري وهواجسي فأدخل لوحتي بحثاً عن مكان أوسع أقول فيه ما أريد) هلا تحدثينا عن ذلك…؟

– لطالما احببت العوالم الكرنفالية، واللعب على حافة الفانتازيا والتقليدي.. بين المدهش والحقيقي، وكأن العالم في علبه ألوان …أفكر ان حدودي وجنّتي بين ريشتي وبياض لوحتي.

* ترسم ضحى لوحات يحبها الكبار ويستمتع بها الصغار، كما يقال، هل ذلك ضمن مشروعك الفني…

– كلنا نحب الألوان، احيانا نحن ككبار صغار نستطيع التعبير باللغة، وغالبا ما تصير اللوحة الى مجد القول في عيوننا وارواحنا وتختصر الكثير، وكأن حدود الرسم هي إطار باب. الكبار يستمتعون بها ربما لأنهم يجدون فيها الطفل الذي افتقدوه، أما الأطفال فهي تجسد أحلامهم الصغيرة والبسيطة وهذا ما أسعى إليه.

* طيب ألا ترين أن الرسم الخاص بالأطفال يحظى باهتمام لائق؟

– ليس كما يجب… فنحن بحاجة للكثير من ورشات العمل، وتدريب الفنانين والكتاب على السواء/ ليتمكن الرسام من خلق لوحة مميزة ..خيالية ..مدهشة .. أضف إلى ذلك ادواته وخياله…. هو بحاجة لنص يخرجه من الصندوق ويحمس عند الفنان الخيال والألوان…. وهي عمليه بحاجه للكثير من العناية الجادة من قبل الجهات المختصة بهذا المجال ..واشراف فنانين وأساتذة حقيقيين على هذا العمل .. فهو ليس عملا اداريا يؤديه استاذ رسم … بل بحاجه لفنان وملون حقيقي، صاحب خبره في مجال كتب الأطفال ورسومهم…فمثلما هناك مسافه بين الفنان والرسام، هناك مسافه بين عالم اللوحة وتقنياتها ..ولوحه الطفل وما يتبعها من اخراج وتصميم وطباعه…ونص.

* كأنك ترسمين العالم كما تحلمين أن يكون أليس كذلك؟

– أنا ألون العالم حولي، أخفف من شحوبه وقسوته …أريده ملونا ورقيقا وحنونا، هو ما أريد أن يشعر به الأطفال وهم يرون رسومات حكاياهم …

* وسط كل هذا الخراب الذي صنعته الحرب، هل يسهم هذا النوع من الرسم في التقليل من قبح العالم بالنسبة للطفل على الأقل…؟

– علينا المحاولة جميعا، أفكر اننا على مسافة قرار واحد لنبني اوقاتا وشوارع مختلفة ملونه. كل ما علينا إطلاق ارواحنا نحن الكبار، ونفض الصدأ العالق بالمفاصل، وعدم تقييد أطفالنا، ومنحهم كل الحرية بالإحساس بما يرونه.

* بماذا تحلم ضحى عبر رسومها، او بعبارة اخرى ما هو مشروعك الفني؟

– أفكر في لوحه تجعل القلب يبتسم، والعقل يستيقظ ليشرب الألوان على مهل على وزن توقيع في أسفل اللوحة، لكن هذا التوقيع ليس توقيعي حصرا… بل هو أسلوب، اسلوب حياة واسلوب تفكير نتشارك فيه نحن جميعا من نحاول ان نفتح الأبواب والنوافذ، ونهدم الجدران ونترك أرواحنا تتشرب هواء مختلفا له رائحة الحرية.