محسن إبراهيم /
لعقود طوال ظل المسرح العراقي يمثل ظاهرة استثنائية إذا ما قورن بالمسارح العربية، فعلى خشبته طرحت قضايا مهمة رغم الرقابة الصارمة على النصوص المسرحية التي كانت تلامس الواقع وتسبر أغواره، وكثيرة هي الأزمات التي ألمّت بالمسرح والمسرحيين، لكنها لم تنل من توهجه، فقد بقي رقماً صعباً في كل المهرجانات العربية والعالمية،
ومؤخراً قدم المسرحيون العراقيون مجموعة من الأعمال المدهشة التي أثارت اهتمام النقاد ومحبي المسرح…
مقارعة الإرهاب
بعد أن حظيت باهتمام شديد من قبل اللجنة الخاصة لمهرجان الأردن المسرحي، (ذا هوم) هي العمل المسرحي العراقي الوحيد الذي سيشارك في المهرجان. عن هذا العمل تحدث المخرج غانم حميد قائلاً: مسرحية (ذا هوم) عمل مسرحي إشكالي تناوبت مستويات الآراء بحقه بين معارض متطرف لأفكاره الجريئة، ومنحاز له ولثنايا الفكر والبنية الدرامية المتأصلة فيه كافتراض فني فلسفي، وبين مقتربات الواقع الذي يعيشه العالم بتحديه لوجود الإرهاب ومناهضتنا له، بدليل كمّ النقد العالي المستوى من أساتذة ومتخصصين في فن المسرح ولغته الجديدة المختلفة والرافضة للشكل والمحتوى (الستاتيك) الراكد خلف مدارس مسرحية أفلت وتناساها المنهج المسرحي.
تتحدث المسرحية عن الإرهاب بكونه فعلاً خبيثاً في تشويه الإنسان وقدراته التي غيّرت وجه العالم، وصنعت أطراً لاتشبه سابقاتها، وذلك تبعاً لتأثيرات وانتماءات الفرد وميوله في الفعل الكوني، وبناء الوجود بأشكال تجاوزت حدود الممكن والمعقول. هذه التجربة المسرحية أخذت دورها كمستقرئ حي لما يدور في كواليس مقارعة الإنسان للإرهاب في العراق، أو في كل أرض مرت عليها ظلال الظلم الهمجي بصنوفه كافة. شارك في تجسيد أدوارها كل من محمد هاشم، وبيداء رشيد، وهناء محمد، ومظفر الطيب.
مسرح الطفل
“ينظر البعض إلى مسرح الطفل، أو المسرح الموجّه إلى الطفل، بأنه مسرح بسيط ليس ذا أهمية تذكر، لأنه يخاطب فئات عمرية معينة هي بالأساس مغيّبة في بلدنا.” هذا ما قاله المخرج المسرحي حسين علي صالح، وأضاف: إن آخر ما نفكر به هو أن نقدم عروضاً لهم، فمسرح الكبار هو من ينال الأولوية في الحسابات والتهيئة، بل وحتى الميزانيات والمهرجانات، وكإسقاط فرض، فليقدموا عملاً أو عملين في يوم واحد وينتهي كل شيء. وطالب بأن ينال مسرح الطفل الأولوية في كل شيء، ولاسيما في بلد مثل العراق.
اليوم نحتاج إلى مسرح الأطفال كحاجتنا إلى خبزنا اليومي, من هذا المنطلق تستعد الفرقة الوطنية لمسرح الطفل لتقديم عرضين مسرحيين الأول بعنوان (ذا مويز) تأليف جمال الشاطئ وإخراج علاوي حسين، تمثيل مازن محمد مصطفى، وسولاف جليل، وعمر ضياء الدين، ونظير جواد، وريتا كاسبر، وأزهار العسلي.
وتتلخص فكرة العمل في بث روح التعاون والمحبة بين الأطفال من خلال نكران الذات والتضحية لزرع السعادة في نفوس الآخرين. كما ستقوم الفرقة أيضاً بعرض مسرحية (أميرة الأحلام) تأليف فالح حسين العبد الله، وإخراج حسين علي صالح, تمثيل لؤي أحمد، وسعد شعبان، وعدي الكرخي، وماجد جبار، ورانية أحمد، وعسل عماد، وعلي القريشي. وهي مسرحية تربوية تعليمية ترفيهية تتحدث عن احترام الوقت والابتعاد عن الكسل ونبذ روح العناد والاهتمام بالواجبات المدرسية، سوف تقدم بداية الشهر المقبل على خشبة المسرح الوطني.
تاريخ خصب
(سردنبال).. مسرحية لمؤلفها خزعل الماجدي ولمخرجها عماد محمد، الذي تحدث عن هذه المسرحية التي يمثل التاريخ مادتها بالقول:
يضم تاريخ وتراث وادي الرافدين القديم مادة ثرية وخصبة، تراثنا الذي تعتبره البشرية أحد أهم وأكبر كنوزها، ومحاولة توظيفه درامياً وإعادة استنطاقه وخلق مقاربات جديدة ومختلفة ومتنوعة للواقع الإنساني والعراقي بشكل معاصر وحديث, مستفيدين من التكنولوجيا الرقمية والفنون الحديثة في توظيف هذا الموروث موسيقياً وجسدياً من خلال فن الخشبة لاستنهاض وخدمة حاضرنا العراقي لإثراء مجمل الحركة الثقافية والمسرحية الحديثة ..مسرحية (سردنبال) هي المرحلة الأولى في مشروع مسرحي لإحياء التراث الرافديني القديم في المسرح العراقي (أيوب بابل، سميراميس، ايخانودا) جرى التحضير له قبل سنتين، لكن بسب الظروف –جائحة كورونا- وعدم توفر الإنتاج أُجل أكثر من مرة، لكن هناك أيديَ تعمل بشكل صحيح لصناعة عرض عراقي متقدم، ويقيناً سيكون هناك استحسان وقبول لهذا العرض المسرحي. مسرحية (سردنبال) تمثل رسالة إنسانية عظيمة وهي (الحضارة بوجه التخلف والحروب والدم).
وأكد عماد أن هناك عروضاً مسرحية مهمة وكبيرة في مرحلة استثنائية يعيشها العالم الإنساني من خلال البحث والاجتهاد والغوص في ثقافتنا وموروثنا وعمقنا الإنساني وقراءته بشكل حديث ومعاصر، وسنكون حرصين على إكمال مشروعنا المسرحي .
وأوضـــــــــــح أن المسرحية الملحمية (سردنبال) من تاليف: د. خزعل الماجدي، إخراج وسينوغرافيا: عماد محمد، التأليف الموسيقى: المايسترو قيس حاضر، تمثيل: د.ميمون الخالدي، وفاطمه الربيعي، وهناء محمد، وطلال هادي، وزمن علي، وسعد عزيز، وصادق الوالي، إنتاج: وزارة الثقافة -دائرة السينما والمسرح/ قسم المسارح/ الفرقة الوطنية للتمثيل.