سنان السبع /
من مسارح الوطني والرشيد وحقي الشبلي أنطلق بأحلامه ومشاريعه الفنية، وعلى الرغم من صعوبة البدايات التي رافقتها ظروف الحرب والحصار، فإنه ظل مصرا على تجاوز كل مشاهد الدمار والخراب والمضي بطريقه الى الأمام، فمثل واشترك بعدة أعمال مسرحية قدمت في تلك الفترة التي يرى أنها ساهمت بتكوينه وطورت لديه حرفة المهنة،
ومثل العديد من اقرانه الممثلين، استقر في سوريا عقب سنوات الحرب الطائفية ليقدم أعمالا فنية أوصلته الى المتلقي العربي، لكن طموحه لم يتقصر على هذا الحد فحسب، فحمل حقائبه الى أقصى شمال اوروبا والى مملكة السويد تحديدا وكانت محطته الأخيرة التي قدم فيها العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية عقب وصوله بفترة قليلة، وبات اليوم يقف على أهم المسارح الأوروبية، انه الفنان علاء رشيد الذي حاورته مجلة “الشبكة العراقية” عن بداياته ومحطات الفنية:
سخام الحرائق
* الحصار وبعده حرب 2003، بهذه الأجواء كنت تمضي اوقات التمارين المسرحية، ماذا شكلت في ذاكرتك هذه الأحداث وهل أثرت على اعمالك؟
-الواقع الذي عشناه في كلا المرحلتين كان أكبر من الكلمة فللحصار وفترة التسعينات قساوتها وآلامها التي كانت تدفع بِنَا أنا ومن كانوا معي للبحث والخلق برغم التحديدات الكونية التي كانت تحيط بِنَا، فكانت لها حلاوة بحجم مرارة الواقع وكان لهذه الفترة حجم كبير في تكويننا مسرحياً، أما مرحلة مابعد ٢٠٠٣ فكان عنوانها الحرية ومضمونها صادم، لم تلتق فيها أبداً مشاعرنا المفعمة بالتفاؤل بالواقع الذي كنّا نرفض تصديقه، كان سخام الحرائق يمتزج بعرق التمرين المسرحي، وزعيق السراق يخترق لحظات الصمت بين الحين والحين سواء كنّا في حضرة مسرح حقي الشبلي أم مسرح الرشيد أم المسرح الوطني، فبعد يومين فقط من الأحداث بدأنا تنفيذ مشاريعنا المؤجلة وبغداد مازالت تحترق والدخان يملأ المسرح فكانت هي المرحلة الأهم في تكويننا مسرحياً وانسانياً.
المرحلة الأهم
* في سوريا ازدهرت الدراما العراقية حين انتقل العمل الى هناك كما يرى النقاد والمتابعون، كيف كانت تجربتك خلال هذه الفترة في الدراما التلفزيونية؟
-رب ضارة نافعة، هاجرت الدراما واغلب العاملين فيها الى سوريا والكل كان يظن ان الأمر سيُصبِح اكثر سوءاً، ولكن ماحصل هو عكس ذلك، فقد امتزجت الخبرات وظهرت الدراما بشكل جديد وعصري يدعو للتفاؤل برغم عدم اكتراث معظم المؤسسات المنتجة للدراما بهذا الموضوع، والشيء الأكبر هو عدوى ازدهار الدراما التي كانت الدراما السورية تعيشه آنذاك، فكانت هي المرحلة الأهم في الاكتشاف بالنسبة لي.
* عملت مع أهم المخرجين السويديين ومثلت على أهم المسارح بعد فترة قليلة من وصولك الى السويد، هل يعود هذا الى خزينك المعرفي أم قدرتك على الاندماج مع الفن الجديد؟
-هي قدرتك على الاكتساب والاصرار على وصولك للهدف الذي تبغي، ما دفع بي للدخول بهذا الشكل، فمنذ البدء ادركت انه يجب العمل بشكل مضاعف واغتنام الفرص للحصول على المكان المناسب، وبالفعل ماهي الا أشهر قليلة حتى باشرت بعملي هنا في السويد.
إمساك العصا من الوسط
* تواصل الآن الاشتراك بأعمال باللغة السويدية لا سيما في المسرح، ماذا اضافت لك هذه التجربة على مستوى الاداء وطريقة العمل؟
-الموضوع ليس موضوع لغة، فالمسرح يمكن التواصل معه بأشكال مختلفة ولكن الحديث هو عن الطريقة، نحن نتكلم عن بلدان تقع في أقصى شمال أوروبا حتماً سيكون هناك اختلاف ليس فقط في الفن، إنما حتى في مختلف أشكال الحياة من عادات وتقاليد، الاختلاف في المسرح والاشتغالات فيه واضحة جدا على مستوى الكتابة والإخراج والتمثيل والتنظيم وحتى التناول، فالمسرح يتبع حسابات بيئته التي يتكون فيها، تجربتي في المسرح السويدي اتاحت لي المعرفة بتضاريس واليات العمل فيه الأمر الذي ادى بالنتيجة الى المحاولة بالإمساك بالعصا من الوسط بالرغم من ان الأمر ليس بالسهل لكنه الهدف الذي أبغى.
* دراستك في السويد للمسرح هل اثرت بشكل ايجابي على مستوى أعمالك؟
-بالتأكيد الدراسة هنا اتاحت لي فك شفرات لعبة المسرح بشكل عام من بدء الفكرة الى التنفيذ الى النتيجة لان للمسرح هنا أو في أوروبا عموما عالم ارحب.
* بعد انقطاع عن الدراما عدت قبل سنوات اليها بتجربة عربية من خلال مسلسل عمر، هل كان انقطاعك بسبب مستوى الأعمال المعروضة عليك؟ وكيف تصف لنا هذه التجربة؟
-تجربتي في مسلسل عمر اضافت لي الكثير على مستوى تقنية اداء الممثل، حيث كان هناك مختصون من دول مختلفة في العالم وعلى مستوى الاهتمام بالمنتج الفني اي الحرص على ان يكون المنتج الفني يليق بمتلق عصري وواع بالصورة والمؤثر السمعي،
* كيف تقيم مستوى الأعمال الدرامية الآن ولماذا انت بعيد عن هذه الأعمال؟
– فيما يخص الدراما العراقية فأن عدم توفر الاهتمام الذي ذكرناه واستسهال المتلقي وعياً وذائقةً هو السبب الأكبر بالابتعاد عن العمل بها والمسؤول الأول والأخير عن تردي الدراما التلفزيونية في العراق هم القائمون على المنتج الفني.
* ما العمل الذي تعتقد انه اوصل علاء رشيد للجمهور وظل عالقاً باذهانهم؟
-“اعلان حالة حب” هو من أقرب الأعمال على نفسي لما فيه من محاكاة للواقع تجعل المتفرج يعيش المفارقات الانسانية التى يمر بها البلد.
هوية خاصة
* لديك تجربة جديدة في الغناء الصوفي، كيف تشكلت لديك فكرة البدء بهذه التجربة؟ وما اصداؤها لدى المتلقي السويدي؟
-تجربتي في الغناء الصوفي جاءت من الحاجة الى لون غنائي أستطيع ان اطلع المتلقي السويدي والعربي عليه من دون مناغمة احد الطرفين موسيقياً أو لغوياً. فن الموسيقى والغناء الصوفي ليس جديداً لكن خطابه الروحي والتجلي الذي يصاحب أنغامه هو من جعله مميزاً خاصاً، وقد حاولنا أنا ومجموعة من الموسيقيين باضافة وتحديث بعض التفصيلات رغبة منا باضفاء هوية خاصة على هذا النوع من الموسيقى.
أعمال جديدة
* حدثنا عن اعمالك الجديدة سواء على مستوى التلفزيون أم المسرح؟
-هناك عمل مسرحي جديد بعنوان (الأرصفة) من انتاج فرقة (يالادا) المسرحية بقيادة الفنانة ريام الجزائري، وهو عمل مشترك بين السويد وتونس ومصر. العمل يتحدث عن أطفال الشوارع ومن المؤمل البدء به قريباً، من ناحية أخرى لدينا جولات مسرحية قادمة في العديد من المدن السويدية والعربية في الشهرين القادمين.
* بكملة أخيرة ماذا تقول لجمهورك في العراق وكل مكان من خلال مجلة الشبكة.
-اخيراً أريد ان أقول مهما كان حجم الإنجاز الذي يقدمه الشخص فأن قيمته تتلاشى كلما زادت المسافة بينه وبين بيئته التي ولدت منها فكرة ان تكون فعالاً ومؤثرا.. فأتمنى ان تتوفر الظروف المناسبة لتقديم مايليق بالمتلقي العراقي، وأتمنى ان تعود الطمأنينة لقلوب العراقيين الكبيرة، وأتمنى لمجلة “الشبكة” المزيد من الازدهار والرقيّ.