احمد مختار/
قد لا يفرق العديد من مستمعي الغناء والموسيقى بين التأليف الذي يعني الموسيقى الصرفة والتلحين الذي يعني الموسيقى الغنائية حيث أن ايقاع القصيدة او الشعر هو من يفرض الايقاع على الملحن تماشيا مع بحور الشعر والضروب الزمنية اما موضوع القصيدة وصورها فيقود الى اختيار المقام الملائم لها..
الجملة الموسيقية
التأليف الموسيقي يطلق على الموسيقى الصرف غير الغنائية, وهنا تكون الجملة الموسيقية مختلفة من حيث الشكل والبناء عن اللحن لأنها غير مرتبطة باللغة ومداخل الحروف ومخارجها والمد والحصر في بعض الأحرف العربية. أي أن الجملة الموسيقية تبنى حسب قدرات المؤلف الموسيقية وخياله والموسيقى الصرفة التي ينتجها المؤلف تكون ذات أفق مفتوح واسع وتعتمد الصورة والرؤية في التعبير عن الفكرة الموسيقية المؤلفة وتكون فيها قوة تركيز عالية لأنها تنقل الصورة بشكل تجريدي وبدون عوامل مباشرة أو غير مباشرة أخرى وتقنع المتلقي وتترك له حرية التواصل مع الفكرة حسب وعيه وخبرته الموسيقية لذلك تجده- أي المتلقي- يصل أحيانا الى فكرة المؤلف وأحيانا أقل وفي بعض الأحيان يقوده خياله الى اوسع مما يصوره المؤلف. والتأليف في الموسيقى الغربية يعتمد على عناصر عدة اهمها الهارمونية أي تعدد الاصوات في المؤلف الواحد ولكن التأليف في الموسيقى العربية والشرقية عموما أحادي اللحن وتنوعه النغمي يعتمد على التحول بين المقامات.
التطريب ليس هدفا
الموسيقى الصرفة لم تجد لها في تأريخ الموسيقى العربية سوى حيز صغير قياسا الى الموسيقى الغنائية التي لها الدور الأكبر. بينما هدف الموسيقى الصرفة (غير الغنائية) هو الأفق لا التطريب وبناء جملة موسيقية لا تعتمد على الكلمة ولا تحدها الحروف وامتداداتها اضافة الى استخدام عوامل أخرى على قدر عال من الأهمية في تكوين البناء الموسيقي الصرف مثل الصمت، وسيشكل الصمت عالما مهما وذلك بناءً على ما يسبق الصمت ومايليه من جمل موسيقية ومن هنا تمكن فعاليته داخل المؤلف الموسيقي.
التأليف بناء وهيكلية موسيقية لها أصول وأسس تكون القالب الموسيقي الذي يتكون من حركات ولكل حركة اساسية من تلك الحركات موضوعة وتسمى theme اي الفكرة ولتسلسل الحركات وإعادتها شروط جمالية وحسية عاطفية، وفي داخل كل حركة مجموعة من الجمل الموسيقية وكل جملة موسيقية تتكون من محرك(Motives) والذي بدوره يتكون من أربعة حقول ( Bars ) النغمات تكون الحقل.
موسيقى هشة
برغم أن اعادة تكرار الجملة الموسيقي جزء من طبيعة الموسيقى العربية والشرق اوسطية لكن المبالغة في تكرار الجمل يشي بفقر التأليف وشح خيال واضع الموسيقى. وخلافا لما تقدم من الترتيب الهيكلي المحسوب بدقة متناهية نجد أن ما يوضع من موسيقى ليس سوى موسيقى هشة سرعان ما يملها المتلقي ولا تعيش طويلا. ولابد من التأكيد على أن التكرار في الموسيقى لا ينقذ الوضع بل يسيئ الية خصوصا اذا كانت الجملة المكررة هي أصلا تفتقر الى الجمال.