في فيلم القرن: أوبنهايمر Oppenheimer.. ضغطة زرّ نوويَّة تهدد العالم!

آمنة المحمداوي – فرنسا/
في بورصة الفن الأوروبي وشريط السينما العالمية، يمرُ سكريبت المشاهد على الذاكرة، فإمّا أن يطفئها مثل حبَّةِ منوّم، أو يُذهلها إلى الأبد بذكاءٍ احترافي ولباقة نصٍ لا علاقة لهما بالتمثيل.
بروباغندا سينمائية مُرعبة ومطبوخة على نار الآيديولوجيا الفظيعة، رهبتها البصريَّة تجمد قدميك بالشلل المؤقت وتبتلع عينيك، ولاسيما في مشهد تفجير القنبلة الذريَّة. هول تلك اللحظة -تحديداً- يُشبه الهروب من ليل القيامة، فعالم الفيزياء النظرية المغمور “أوبنهايمر” الملقب بـ”أبي القنبلة الذرية”، الذي يلعب دوره الفذّ “كيليان مورفي”، هو رئيس مشروع مانهاتن لصناعة القنبلة النووية الأولى في التاريخ، اختير لإدارة أخطر فريق علمي لتنفيذ مشروع البحث والتطوير في الولايات المتحدة الذي أنتج القنبلة الذرية الوحيدة، لكن (المفارقة) أن الرجل غزاه الندم، لذلك عندما طلب منه الإشراف على القنبلة الهيدروجينية رفض، فاعتبروه خائناً.
الآيديولوجيا سلاح فتاك
يعيد الفلم إلى الأذهان مخيال الحدث الأهم في تشكيل تراتبية العالم ومحاور القوى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، باختراع الإنسان لما سوف يدمر الإنسان، بل إنه بدأ في تدميره فعلياً، إنها لعنة السلاح النووي الفتاك، على يد أوبنهايمر، المغمور الباحث عن لحظة الإنجاز الخاصة به، لتستغله الآيديولوجيا في تصنيع دمار يغير وجه العالم، فكانت فرصته النوويّة هي فرصة “الموت” الذي سيدمر العالم يوماً ما باختراعه.
كواليس صناعة القنبلة
تحفة سينمائية عملاقة من العبقري “كريستوفير نولان”، هي أقل ما يقال عن هذا الفيلم، احترافياً وتكنيكياً وصناعة، إذ جاءت طريقة شرح صناعة المواد وكواليس بناء القنبلة الذرية بمهارات بصرية مُرعبة. أمّا بطله “كيليان مورفي” فسوف يجد منافسة صعبة على الأوسكار مع “ليوناردو دي كابريو” باعتبار أنه قدم أعظم دور في مشواره. فيما كان مات ديمون عبارة عن تاريخ مخلوط بالخيال. أمّا “أميلي بلانت” فعلى الرغم من أنها جسدت شخصية ثانوية، إلا أنها قدمت أداءً أسطورياً، كذلك “روبرت داوني جونيور” الذي جسّد دوراً محورياً.
البشاعة لا تعرف الإبداع
على الرغم من أن الفلم لا يمجد مخترع القنبلة النووية أبداً، بل يتعامل مع الصراعات النفسية التي يمكن لشخص كهذا أن يعيشها حين يرى نتائج سلاح يُذيب الأجساد، إلّا أن المتداول في الصحافة العالمية يؤكد رفض اليابان وامتعاضها من هذا الفلم، فلا يمكن -في نظرها- تقديم إبداع سينمائي في مثل هكذا موضوع، علماً بأن للفن قواعده، ومن حق السينمائي أن يتناول الشخصية رغم بشاعة ما اقترفته، باعتبار أن الأمر يشبه الكتابة عن السيرة.