الشبكة العراقية/
التغيرات المناخية والمخاطر التي تواجهها الطبيعة، تشكلان المصدر الأول الذي يستلهم الفنانون منه أفكارهم، كانتا موضوعاً لمعرض جمعية التشكيليين العراقيين، التي تعمل على استغلال الفن كأداة فاعلة في نشر الرسائل التي تعنى بحياة الناس والمجتمع.
افتتحت جمعية التشكيليين مؤخراً، على قاعتها الكبرى، معرضاً حمل عنوان (طبيعة عراقية)، بمشاركة عدد من الفنانات والفنانين العراقيين من مختلف المحافظات. الهدف الرئيس من هذه النشاط هو محاكاة الطبيعة العراقية وإظهار مهارات الفنانين المشاركين، وتسليط الضوء على موضوع انحسار المساحات الخضر في العراق عموماً وتحويلها إلى مبانٍ.
جمعية التشكيليين العراقيين تقيم هذا المعرض بشكل سنوي، باعتباره رسالة إلى المعنيين وكأنها تريد أن تنبه إلى الضرر الذي لحق بالبيئة العراقية، وخصوصاً البغدادية، التي أصابها التصحر بسبب الزحف العمراني على المساحات الخضر في المدن وخارجها. ومثل كل عام، بات هذا المعرض نافذة يناشد الفنانون من خلالها جميع السلطات المعنية، أن تقف إلى جانب الطبيعة العراقية التي اصبحت مهددة بالانقراض. والمفارقة أن الطبيعة تعتبر أهم مصادر الإلهام لدى الفنانين، فلو راجعنا تاريخ الفن لوجدناها حاضرة في لوحات أهم الفنانين العالميين، لكنهم كانوا حريصين على أن يخرجوا للرسم في الهواء الطلق، إذ لا يمكن أن يقوموا برسم الطبيعة في الستوديوهات الخاصة المغلقة، لكن هذه الفكرة الآن أصبحت شبه مستحيلة في بغداد تحديداً، ما جعل غالبية أعمال المعرض ترسم داخل ستوديوهات الفنانين، سواء أكانت من الخيال أو محاكاة لصور. أما القسم القليل المتبقي، فربما يرسم في الهواء الطلق، لكن في مناطق مختلفة من العراق، مثل ديالى أو شمال العراق، أو محافظات أخرى لا تزال فيها مناطق خضر.
نمط تشكيلي
شارك في هذا المعرض 60 فناناً وفنانة من جميع أنحاء العراق، تنوعت أعمالهم وأساليبهم برسم مناظر الطبيعة الخلابة لعدد من المحافظات العراقية، إذ قدم الجميع تجارب إبداعية تؤكد حضورهم وأهميتهم في المشهدين الأكاديمي والفني. كما يعد هذا المعرض احتفالية بالفن والحياة، بشكل يتيح لمبدعينا إظهار قدراتهم في هذا النمط التشكيلي الجميل، وقد قام الفنانون المشاركون بدورهم، من خلال أعمالهم الفنية التي جرى عرضها، في نشر الوعي ولفت الانتباه إلى الواقع الذي لا يمكن إنكاره، وهو الضرر البيئي الحاصل، وتأكيدهم على الحاجة إلى أسلوب حياة مستدام.
مشكلة بيئية
لا شك في أن الحوار العام بشأن موضوع الاستدامة يجعل الفنان التشكيلي في الواجهة، وهذا ينطبق على جميع فناني العالم، باعتبار أن المشكلة البيئية باتت الآن تهدد الكوكب بأكمله. لذلك تعتبر الجهود الفنية صوتاً آخر يضاف إلى الأصوات المدافعة عن البيئة، كما تعتبر تعزيزاً لها. ولم تتوقف جهود الفنانين على إقامة معارض رسم الطبيعة فحسب، وإنما تتمثل في إنجازات أخرى عديدة تخدم البيئة، ربما من خلالها ينجح الفنان في إيصال الأفكار والتساؤلات والتطلع لإيجاد الحلول للمعضلات البيئية المهددة للحياة عموماً، حين ينتج الفنان من خلال أعماله الفنية خطاباً بصرياً لا يخضع للحكم الجمالي للمتلقي فقط، وإنما للدلالات المتعددة التي يمكن لها أن تحل القضايا العالقة.