أسماء عزيز – تصوير:بلال الحسناوي /
هيثم عبد الرزاق، فنان خاض تجارب فنية وأكاديمية مختلفة، فقد بدأ حياته الفنية بمسرحية (كلكامش) مع رائد المسرح الراحل سامي عبدالحميد، لكنه كان في الوقت نفسه ينجز أعمالاً في مجالي الرسم والنحت. أسس (ورشة فضاء التمرين المستمر) لتكون مشغلاً تدريبياً يتخرج فيه الناشئة من الممثلين والممثلات.
هو مخرج وحاصل على شهادة الدكتوراه في التمثيل، له باع طويل في المسرح كما في التلفزيون، إذ قدم أعمالاً تلفزيونية ومسرحية عدة، واشترك في عمل سينمائي عالمي هو فيلم (بغداد في خيالي) للمخرج العراقي الأصل السويسري الجنسية سمير جمال الدين، هذا الفيلم الذي لاقى صدى واسعاً في الصحافة الأوروبية.
“مجلة الشبكة” التقت الفنان عبد الرزاق في حوار خفيف الظل:
* عرّف هيثم عبد الرزاق الإنسان؟
– أجمل كلمة وأقربها اليَّ هي هيثم الإنسان بكل تجرد، بمعزل عن كل الأسماء والألقاب لأنه توجد مسافة طويلة بيني وبين الآخرين، أنا هيثم فقط.
* ما الذي قاد قدميك إلى ملعب الفن؟ أين كانت بدايتك؟
ـ أنا من عائلة علمية بعيدة عن الفن، كلهم يعملون في مجال الطب، وكانت والدتي تقول دائماً: (خلي طبيبك في بيتك)، كانت تحب أن تراني طبيباً مثل إخوتي، إلا أنني انشغلتُ في قراءة الكتب المنوعة التي أهملت دراستي بسببها، ثم حصلتُ على معدل لم يؤهلني إلا لأكاديمية الفنون الجميلة التي اكتشفت فيها موهبتي الفنية، بعد أن اختارني الفنان سامي عبدالحميد لدور في مسرحية (كلكامش)، ثم أحببت هذا المجال وبدأت أعمالي المسرحية تأخذ صداها في الوسط وخارجه. أما بدايتي في الدراما فكانت في مسلسل (القلب في مكان آخر) الذي مثلتُ فيه شخصية سرمد.
* كيف سنحت لك الفرصة للعمل في أوروبا ؟
ـ بعد أن حصلت على الجائزة المتكاملة في مهرجان القاهرة الدولي عن عمل (أعتذر أستاذي لم أقصد ذلك)، الذي شاركت فيه 66 دولة عربية وأوروبية، تعاقد معي الفرنسيون فأصبحت أُخرج سنوياً عملين أو ثلاثة هناك * آخر أعمالك الفنية؟
ـ (تسجيل خروج)، عمل يعالج سلوك العقل العشائري الخاطئ في المجتمع العراقي وكيف يهيمن على مرافق الحياة كافة.
* ما المشاكل التي يعاني منها الفنان العراقي؟
ـ لا يوجد لدينا مشروع ثقافي متكامل يصدّر الفنان بشكل جيد، كل ما لدينا فعاليات شخصية، وهذا يجعل الممثل يرضى بأي دور حتى وإن كان لا يتوافق مع الطرح، التمثيل هو مصدر رزق كثير من الفنانين.
* هل ثمة عمل ترك أثراً في نفسك أكثر من سواه؟
ـ شخصية (توفيق) في فيلم (بغداد في خيالي) كانت تبكيني لأنها تحمل كل مأساة العراقيين وحزنهم وألمهم عندما تعيش الغربة في داخل بلدك وخارجه.
* هل ترى الدراما العراقية اليوم ناقلاً أميناً للواقع الاجتماعي في العراق؟
ـ الدراما العراقية بعيدة جداً عن واقعنا، لأن واقعنا فيه كنز كبير لا يفيه حقه ما يطرح اليوم من أعمال، فلدينا قصص وحكايات لن تنتهي ولو بعد مئة عام، ولو استثمرها الكتّاب على نحو حقيقي وعميق فسنغزو الوطن العربي درامياً!
* وما السبب الذي يمنع الكاتب من نقل التاريخ والواقع بشكل حقيقي؟
ـ لأن في داخل كل منهم شرطياً يحاسبه ويريده أن يرضي جميع الأطراف دون استقلالية في الفكر ولا تحرر من قيد المجاملة.. نحن نفتقد الكتابة بتجرد وصدق.
* من يتحمل مسؤولية تراجع الدراما العراقية بهذا الشكل وابتعادها عن مشكلات المجتمع وهمومه الحقيقية؟
ـ الإدارة السياسية والاقتصادية والفكرية في المجتمع هي من تتحمل المسؤولية، الثقافة لا تقتصر على قراءة الكتب فقط، بل هي سلوك الفرد داخل المجتمع، والمجتمع أيضاً مساهم كبير في هذه المسؤولية .
* كيف نصحح مسار الدراما العراقية ونطرحها بشكل مختلف؟
ـ يجب على الجهات المعنية بإنتاج الدراما بناء مشروع كبير لمحاربة الظواهر السلبية في المجتمع من خلال طرح أعمال مختلفة وعميقة تتناسب مع واقعنا وتسهم في معالجة الظواهر السلبية فيه.
* مَنْ يشدّك بأدائه مِن الممثلين العالميين والعرب والمحليين؟
ـ من الممثلين العالميين يستهويني جداً الممثل الأميركي توم هانكس ومن العرب يحيى الفخراني ومن العراقيين الراحل خليل شوقي.
* ما دور المرأة في حياة هيثم عبد الرزاق؟
ـ أحب المرأة كثيراً لأنها ذكية جداً وتمتلك قوة الدفاع عن نفسها، وبسبب كثرة الضغوط عليها تكون دقيقة في اختياراتها وحريصة، وهذا يجعلني قريباً منها دائماً لمزيد من المعرفة والتعلم من هذا الكائن الرقيق القوي في الوقت نفسه، حتى أنني أفضل صداقة المرأة أكثر على صداقة الرجل.
* كم بقي من معالم الطفولة في داخلك؟
ـ إذا ماتت الطفولة في داخل الفنان فسينتهي إبداعه، لأن الفن لعبة أطفال، والعمود الفقري للتجربة الفنية هو التخيل، ولأن عالم الطفولة مرتبط بالمخيلة فأنا مازلت في هذا العالم الخالي من القيود ذي الفكر المتحرر.
* كلمة أخيرة لمن توجهها؟
ـ أوجهها إلى زملائي من الفنانين وأدعوهم فيها إلى التزام بعضهم البعض وتصدير أنفسهم بشكل صحيح، لأننا لا نقل شأناً عن الفنانين العرب، ويجب أن نعتز بأنفسنا ونأخذ استحقاقنا بالشكل الذي يليق بنا وباسم بلدنا.