محسن إبراهيم /
كتب أولى قصائده في منتصف التسعينات, ربما كان ينظر الى الأشياء من حوله بشكل مختلف، أحس أنه قادر على الوصف ويمتلك شيئاً مختلفاً, فاتخذ منحىً آخر في كتابة القصيدة.
حاول أن يؤسس لنفسه نمطاً شعرياً جديداً من خلال القصيدة الممسرحة، فهو لايؤمن بلغة الأرقام في عالم الشاعر بل هو حالة إبداع يقيّمها الجمهور.
مع الشاعر الشعبي يحيى العلّاق كان لنا هذا الحوار:
* هل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بديلة عن المنصة الشعرية؟
– بالتأكيد الأولوية هي للمنصة وذلك للاحتكاك المباشر مع الجمهور, لكن مواقع التواصل الاجتماعي هي من تجعل القصائد تحلّق في مستويات أخرى وممكن ان تتعدى المحلية, وهذا الموضوع يجعل الشاعر معروفاً على مستوى الوطن العربي فضلاً عن التواصل مع الجاليات العربية في العالم, ناهيك عن إيصال القصيدة الى أبعد مدى، لكن تبقى المنصّة هي الرمز الحقيقي للشعر، ومن خلال تعابيرالوجوه عند قراءة القصيدة ستعرف مدى تأثر الجمهور بالقصيدة. ربما في مواقع التواصل الاجتماعي تكون المجاملة هي سيدة الموقف, الكثير من الشعراء غير المعروفين يكتبون قصيدة لاتمتّ للشعر بصلة لكن تجد التعليقات تمجد هذه القصيدة وتجعلها ضمن القصائد العصماء.
* غالباً مايكون المكان هاجساً للشعراء، ماذا يعني لك المكان واختلافه؟
– المكان يعتمد على الهدوء, أنا أميل دائما الى الأماكن الهادئة، ويمكن أن نعتبر أنّ الهدوء هو واحة الشاعر, رغم صعوبة الأمر في أن تجد الهدوء في واقعنا الحالي الصاخب في كل شيء, أحياناً وسط هذا الصخب أبحث عن خلوة أمارس فيها كتابة الشعر, الليل والهدوء هما أكثر مايناسب الشاعر, أما من ناحية المكان، كبيئة، فهناك قول لأحد الشعراء يقول: مازال الشعر جنوبياً. لذلك تجدنا دائماً في حالة شجن دائم وهذا ماينعكس في قصائدنا، فمنذ الولادة يعي الطفل تراتيل الأم الحزينة و(الدللول). ومايزال الشاعر يحلق في عالم من الخيال الذي ينتقل به من مكان لآخر. والشعر غالباً ما مرتبط بالخيال وأنا أعتقد أن الشاعر هو مسرح متنقل ولهذا تجد التفاوت بين الشعراء من ناحية الإبداع.
* هل تريد لقرّائك أن يدمنوا قصائدك؟
– بالطبع، فالشعر هو أشبه بالبضاعة وعليك أن تجد طريقة صحيحة لتسويق هذه البضاعة, أكيد سيستخدم الشاعر مواضيع جديدة تلامس أكبر شريحة من الجمهور, الشاعر في بداياته الشعرية يكتب عن تجاربه الشخصية، وعند نضوج القريحة الشعرية يتجه الى كتابة مايدور في خلجات الناس وما يلامس مشاعرهم وكل قصيدة تكتب يظن أحد الجمهور أنها كتبت له خصيصاً، وهذه طريقة استقطاب الجمهور من خلال كتابة قصيدة تلامس مشاعر الجميع.
* طفل مشاغب ومجنون أم مدلّل وساكن ذاك الذي يسكن الشاعر؟
– مشاغب الى حد بعيد، وفي بعض الأحيان يقودني الى أشياء قد لاتناسب عمري, يجعلني جامحاً أحياناً ومغامراً أحياناً أخرى، هناك مقولة لنزار قباني “إن الجنون وراء نصف قصائدي أوَليس في بعض الجنون صوابُ.” وحتى الجنون يخلق في بعض الأحيان حالة معيّنة ولابد أن يكون هناك تمرد على الواقع.
* هل ممكن أن يكون الشاعر مؤرخاً؟
– غالباً مايكون الشاعر على معرفة ممتازة بالماضي وقارئاً جيداً للواقع، وكلما اتسعت هذه المعرفة زادت الفرصة في تقديم إضافة نوعية إلى الفن الشعري. الشاعر تزداد قيمته من قيمة ماضي لغته وفنه وثقافته, وحتى في الجانب السياسي فالشاعر مؤرخ من حيث لايشعر, كتبنا قصائد وأرّخنا لحالة معينة والقصيدة مؤثّرة أكثر من أي خطاب سياسي.
* من يطرق باب الآخر أنت أم القصيدة؟
– عادة حين تطرق باب القصيدة لاتكون القصيدة بالمستوى المطلوب وليس كما تطرق هي بابك وتداهمك, في بعض الأحيان أنت في حالة اللاوعي تنساب إليك أبيات معيّنة حتى وإن لم تكن تفكر أن تكتب عن موضوع معين، وكما يقال إن الأبيات الأولى هبة الله للشاعر.
* في كثير من الأحيان يطلب من الشاعر أن يكتب في موضوع معين لكن لايمكن أن تكون القصيدة التي تكتب بهذه الطريقة هي بقوة القصيدة التي تداهمك.
– ممكن أن تكون القصيدة عصيّة كامرأة متكبّرة؟
عصيّة ومرهقة جداً.. هي أشبه بمخاض عسير, والشعر هو أن تأتي بشيء لم يقله أحد قبلك, الكتابة بإسلوب الاستنساخ لا تضيف شيئاً للشعر والشاعر, الشعر هو ابتكار، 28 حرفاً تشكل منها كيف ماشئت شرط أن لاتدخل منطقة شاعر آخر، والذائقة العراقية خطرة جداً لايمكن أن تتغاضى عن التشابه بين القصائد, لذلك فإن القصيدة عصيّة جداً حين يريد الشعر أن يبتكر أسلوباً جديداً.
* كيف تتجلّى المرأة في قصائدك؟
– المرأة موضوعي، وأنا دائم الدفاع عنها في قصائدي, وأحياناً أتقمص دورها وأتكلم بلسان حالها، وأغلب قصائدي تنصف المرأة وتدافع عنها، هذا المخلوق الذي يتمع بالوفاء والطيبة والمغلوبة على أمرها في أغلب الأحيان, عكس الرجل الذي ربما تكون تطلعاته اكبر، المرأة ممكن أن تكون أكثر من نصف المجتمع فهي الأم والأخت والزوجة والحبيبة والصديقة.
* أين انت من القصيدة الغنائية؟
– بصراحة أنا بعيد عن القصيدة الغنائية وأؤسس لموضوع أن أكتب قصيدة والملحن يلحنها كقصيدة, نزار قباني لم يكتب أغنية إنما كتب قصيدة لكنه أجبر الملحنين أن يطرقوا بابه. أنا أؤسس لهذا الموضوع وأعتقد أني وضعت قدمي على أول الطريق حينما اختار الفنان ماجد المهندس قصيدة “الحب والكبرياء” وسيؤديها قريباً.
* الحب والكبرياء من ينتصر للشاعر؟
– الحب والكبرياء عنوان لإحدى قصائدي كما أسلفت وعنوان لديواني الشعري الذي سيصدر قريباً, الحب والكبرياء هي النسخة المخبأة داخل كل إنسان, في الكثير من الأحيان يعيش الإنسان حالة من الزعل مع محبوبه، تتأرجح هذه الحالة بين الضعف والقوة, هذه المشاعر التي لايمكن البوح بها خوفاً من جرح الكبرياء جسدتها بهذه القصيدة. هذه القصيدة لامست مشاعر الكثيرين وأذكر أني قابلت امرأة ورجلاً كانا على وشك الطلاق وحين سماعهم القصيدة عادت الأمور بينهما الى مجراها الطبيعي. كما انتشرت القصيدة على نطاق واسع ونالت استحسان الجمهور.