أزمة كراجات!

خضير الحميري

ذهبت قبل فترة مع بعض الأصدقاء لنجلس في أحد مقاهي الكرادة المعمورة ليلاً، أوصلتهم للمكان واستأذنتهم لدقيقتين، ريثما أجد مكاناً مناسباً أصفُّ فيه سيارتي وأعود لمجلسهم. سمعت قهقهاتهم وأنا أغادر، تعقيباً على كلمة (دقيقتين). وبعد أكثر من نصف ساعة، عدت إليهم ليستقبلوني بالقهقهات ذاتها، دقيقتين ها.. شاركتهم القهقهة مضطراً وأنا قلق للمكان البعيد الذي حشرت فيه سيارتي. وكنت قد جبت الفروع القريبة والبعيدة بحثاً عن موقف آمن لركن السيارة، عدت إليهم وأنا أردد.. التوبة، لن أفعلها ثانية واستخدم سيارتي في مساءات بغداد، وأضع نفسي في هذا الموقف، مالم أضمن لسيارتي (موقف)!!
قد تتطوع وترشدني إلى مواقف نظامية للسيارات، وهي قليلة وباهظة على أية حال، وتعمل غالباً بنظام (خلي سويجك بالسيارة)، غير المأمون، ولذلك يهرب أصحاب السيارات إلى الأزقة القريبة من وجهتهم، وهناك.. غالباً ما ينط لهم (شخص) من أقرب منعطف ليبلغهم بأنه يمتلك حقوق تسلم أجرة الوقوف في هذا الزقاق، أباً عن جد..
الأمر لا يقتصر على المناطق التجارية في المدينة، وإنما انسحب مؤخراً إلى الأحياء السكنية (وهو موضوعنا اليوم)، بعد أن تجزأت البيوت وفقدت كراجاتها الخاصة، فضلاً عن مضاعفة أعداد السيارات الخاصة في كل بيت. ونتيجة لذلك، بدأت تحصل مشاحنات بين الجيران على عائدية هذه الفسحة من الشارع أو الرصيف المخصص لرصف السيارات، وسيارتكم تجاوزت على الحدود الإقليمية لكراج سيارتنا، أو سيارتكم طخت سيارتنا.. و حضر عمامك!
وهكذا أصبح أغلب الأزقة عبارة عن كراجات متنازع عليها، وقد تحضر عبوات الماء الكبيرة او مخروطات المرور لحجز الأرصفة، وتحديد عائدية الرصيف أو الواجهة، وسوف تكون في مأزق حقيقي وأنت في بيتك عندما تستقبل ضيفاً، أو أكثر، بسياراتهم التي لم تجد لها موطئ (تاير) في واجهة البيت، أو بالقرب منه. أما إذا كانت سيارتهم من النوع (عريض المنكعين)، وتشغل مكان سيارتين، فسوف تكون مشكلتك.. شلولخ!