خضير الحميري
المقصود هنا الورطة التي يمر بها شخص ما حين يقدم على إنقاذ شخص آخر يتعرض إلى حادث طارئ، دهس، أو اعتداء، أو أي حادث يتطلب النقل الفوري الى المستشفى، إذ إن هناك تخوفاً من نقل المصاب الى المستشفى من قبل فاعلي الخير خشية تورطهم بتهمة التسبب بالحادث. ومن المؤكد أن هذا التخوف قد تسبب بخسارات ما كان يجب أن نخسرها..
أروي لكم هنا حادثتين اطلعت على تفاصيلهما بشكل مباشر، الأولى حدثت لأحد أصدقائي من الفنانين المعروفين قبل سنة، فحين كان يقود سيارته صباح أحد الأيام (وفقاً لما رواه لي شقيقه) شعر بآلام في صدره اضطرته الى التوقف في منطقة الغدير للراحة، لكن سرعان ما داهمته أزمة قلبية أغمي عليه على إثرها، وبقي مغمياً عليه في سيارته لفترة طويلة والناس يمرون به دون أن يبادر أحدهم لنقله الى أقرب مستشفى، وذلك خوفاً من (الورطة) التي أحكمتها إجراءاتنا بحق المنقذين. وبعد أكثر من نصف ساعة، استخدم أحد المارة موبايل الصديق الفنان للاتصال بآخر رقم اتصل به، وهكذا حضر أهله بعد أكثر من ساعة ليقوموا بنقله إلى أقرب مستشفى.. لكن كان للوقت المهدور ثمنه المؤلم..
الحادث الثاني حصل قبل أيام على الطريق السريع الرابط بين تقاطع الدرويش وسريع الدورة، حيث دهس أحد المتهورين فتاة أثناء عبورها الشارع، وتوقف السائق بعد الحادث للاطلاع عما اقترف، وحين رأى دماء الفتاة تملأ الإسفلت صعد سيارته ثانية وولى هارباً.. ورغم أن الحادث قد مزق إحدى ساقي الفتاة التي كانت بحاجة للإنقاذ، لأن النزف كان شديداً، إلا أنها انتظرت كثيراً الشخص الذي يتجاوز مخاوف (الورطة) لينقذها ويقوم بنقلها الى المستشفى.. وفي المستشفى أمسكوا به بتهمة التسبب بالحادث، لولا تدخل الفتاة لإنقاذ من أنقذها.. ولكن ماذا لو كانت غائبة عن الوعي؟
من المؤكد أن في ذاكرتكم حوادث كثيرة مماثلة لهذه (الورطة) كان لعدم الاجتهاد في تجاوزها دور في تأخر حالة الإنقاذ التي (توجبها) تقاليدنا وطبيعتنا البشرية، و(تلجمها) إجراءاتنا وطبيعتها الروتينية، التي تستسهل القبض على المنقذ بدلاً من البحث عن الجاني.. تطبيقاً للمثل القائل (منقذ في اليد خير من عشرة جناة.. على الشجرة)!