تشجير..بلاستيك!

خضير الحميري
لابد أنكم لاحظتم أثناء مراجعتكم للدوائر وبعض العيادات والمكاتب الخاصة وجود شجيرات زاهية الخضرة تتوزع بين الممرات وزوايا المكان، و جوار مكاتب المدراء والمسؤولين، وقد تكون محملة بالورود المتفتحة أو على وشك التفتح، وإذا صادف أن راجعتم المكان ذاته بعد ستة أشهر أو سنة، فإنكم ستجدون الشجيرات (إن أفلتت من الغبار) ما زالت زاهية الخضرة، محملة بالورود المتفتحة أو على وشك التفتح، من دون أن تنمو مليماً واحداً.. ذلك لأنها شجيرات بلاستيك!
وبحسب مشاهداتي فهي القاسم المشترك لتزيين دوائر الدولة عموما، وقد لاحظت هذا الغزو البلاستيكي يوما في دائرة سياحية ثقافية جملت باحتها الداخلية بأشجار بلاستيكية كبيرة، وهي لا تبعد عن نهر دجلة سوى 30 أو 40 متراً فقط، فصورت المشهد ونشرته في وسائل التواصل علهم يخجلون من دجلة.. وقد خجلوا ولله الحمد، إذ شاهدت بعد فترة أشجاراً مترعة بالأوكسجين والكلوروفيل تتمايل في تلك الباحة.
ما الدافع لهذه الظاهرة؟ هل هو ضعف الاحساس البيئي، أم الاستسهال، أم هي مسألة تتعلق بالذوق؟ لا أدري، ربما هي مجتمعة، أو تتعلق بانخفاض تكلفة التشجير البلاستيكي، ولكنها تتصل بالتأكيد بغلبة المظاهر البراقة غير الحقيقية في حياتنا اليومية، شجيرات تلمع وتقف في الممرات بانتظام يمكن أن تعكس وفقاً لرؤية مدير الدائرة (لمعان) الدائرة وانتظامها، فلا ورق يتساقط، ولا أغصان تتمايل، ولا حاجة لمن يسقيها الماء!
ولكن تحت اي بند يجري شراء تلك الشتلات والشجيرات وباقات الورود، أقصد من ناحية حسابية، هل هو بند مكافحة التصحر، أم انعاش البيئة، أم تحسين مظهر الدائرة، فغالبا حين تطلب من دائرتك صرف مبلغ معين لغرض يتعلق بالعمل يأتيك الرد: لا يوجد تخصيص مالي لهذا الموضوع، وليس من صلاحياتنا إجراء مناقلة، وغيرها من الأجوبة (اللاصمة).. ولكن هذا البلاستيك البائس يتكاثر من دون رداد، فمن اين حصل على التخصيص المالي، وماهي التخريجة الحسابية التي أتاحت للمدير الصرف (بلا وجع كلب) على هذه الفقرة.. هل هو بند التزيين.. أم التزييف؟!