خضير الحميري
لا أعرف من أطلق هذه العبارة لأول مرة، لكني أخمن بأنه كان عاملاً متعباً في مشغل لحياكة الليف، كانت مهمته أن يحمل الليف إلى المحال القريبة لتسويقه، وحصل معه في إحدى المرات أن صاحب المحل رفض تسلم البضاعة لعدم مطابقتها للمواصفات (الجَلفية) المعتادة، فطلب منه إرجاعها إلى المشغل، وحين جرى إصلاح البضاعة وإعادتها، رفضها صاحب المحل مجدداً بحجة جديدة.. فشعر العامل بالملل والتعب. ومن يومها حين كان يسأله أصدقاؤه عن طبيعة عمله كان يقول: جيب الليف ودّي الليف..
ويبدو هذا التعبير عصياً على الترجمة إلى أية لغة أخرى، بل ويصعب فهمه من قبل غير العراقيين، وحين حاولت تقريبه لم أجد غير عبارة (روح وتعال)، لكنها لم تف التعبير الليفي المستحدث حقه في التوضيح، فهو ينطوي على مفاهيم كثيرة، منها الجرجرة، وعدم الجدوى، والروتين، والمماطلة، والإجراءات المطلوبة، والتعب عالفاضي، والملل، والزمن المتآكل، والمسعى الفاشوشي، وشلعان القلب وغيرها..
وقد خطر في بالي أن أوجه السؤال إلى الذكاء الاصطناعي الذي يفتي بكل شيء ليفيدني بما يعرفه عن حكاية (الليف) العراقية، ولكني خمنت بأنه سيجيبني بأنها (تجارة ناشئة يتداولها العراقيون بنجاح فيما بينهم وليس معروفاً حتى الآن الجدوى الاقتصادية لها)..
ومع ذلك لا أعرف ما الذي حشر الليف بالموضوع، لماذا الليف وليس الطماطة مثلاً، وهي الأكثر حضوراً في موائدنا، ثم من أين (نجيب) الليف والى أين (نوديه).. لماذا هذه العملية المكوكية المرهقة، ولماذا كل هذا التعب.. لماذا لا نطلب الليف دليفري.. وأبوك الله يرحمه!