خضير الحميري/
هذا الاستشهاد -أو المثل- يقال دائماً عند فض المنازعات بين الأشخاص وتطييب خواطرهم، بأن (العنفصة) التي أقدموا عليها من شتائم ولكمات وتشنيعات وتسقيطات ليست بالأمر المستنكر أو المستغرب، فحتى مصارين البطن..الخ، فهذه المصارين من وجهة نظر هذا المثل -أو المثال- تتعارك، ومع ذلك تبقى على علاقاتها الهضمية دون أن تشوبها شائبة على الرغم من القرقرات والالتفافات المتبادلة..
لكن لماذا ألصقت هذه التهمة الباطلة بالمصارين؟ من شاهدها وهي تتعارك؟ أو سمع عياطها وهي تتكافش؟ لا أحد بالمرة، حتى أن البنكرياس، وهو جار العمر، لم يشهد يوماً بحصول الواقعة، فهو منشغل بإنتاج الأنسولين والأنزيمات وليس متفرغاً لمثل هذه الترهات.. وكذلك المرارة أو الكبد أو الطحال.
أما الآلام والالتواءات التي تحصل في المصارين، فإنها غالباً ما تكون نتيجة لما نحشوه فيها من مصائب، إذ لم يحصل أن مصرانا حزم زغاباته وأنزيماته نتيجة خصام مع مصران مجاور وارتحل الى مكان آخر، الى جوار الرئتين مثلاً، على اعتبار أن (نَفَسها) طويل، فهي ثابتة في مكانها ومُثبتة بواسطة المساريق، وما حركتها العشوائية الرجراجية حين نركض أو نضحك إلا لأننا نفخناها وحشوناها بأكثر من طاقتها الاستيعابية..
وحتى في الحالات التي تتلوى وتتداخل فيها المصارين وتعاني من اضطرابات لأسباب مرضية فهي لا تتعارك، وإنما تستنجد لتعديل سلوكنا الغذائي العدائي، لتتفرغ هي لعملها الذي غالباً ما تنجزه بسلاسة وهدوء رغم دقته وجسامته وتواصله من الولادة حتى الموت..
وعليه.. يمكن صياغة المثال بطريقة منصفة، كأن نقول (منسجمين.. مثل المصارين)، لأن العركات من اختصاصنا حصراً!!