خضير الحميري/
عصف ذهني، عصف عقلي، قدح عقلي.. وغيرها من التسميات المترادفة، التي تعد من أساليب الإبداع الجمعي، حين تحاول المجموعة إيجاد حل لمشكلة ما عن طريق تجميع قائمة من الأفكار والحلول التي يسهم بها أفراد المجموعة. هكذا قرأت تعريفها في (كوكل)، وقرأت أيضاً أنها وسيلة لاستحداث كمية كبيرة من الأفكار تنتج من عملية منظمة ذات قواعد واضحة تجعل العقل منفتحاً دون قيود تحد من إطلاق العنان لقدراته على التفكير..
لم يكن هذا المصطلح متداولاً ومعروفاً لدينا حتى وقت قريب، وأذكر أني سمعت به لأول مرة في دورة تدريبية أقيمت لموظفي الإعلام عام 2007، فبعد أن (هرانا) المحاضر بتنظيراته حول دور الإعلام الخجول في اجتراح الحلول.. طلب منا أن نتوزع الى مجاميع ونعمل (عصف ذهني) لإغناء مفردات المحاضرة.. لا أحد منا سمعها كما نُطقت، كلنا سمعناها (قصف ذهني)، متأثرين بظروف تلك المرحلة، وكان يمكن أن يبقى الأمر ملتبساً لولا تطوع (أحد) أفراد المجموعة المجاورة بالتساؤل: ماذا تقصد بالقصف الذهني أستاذ؟ و.. خجلنا جميعاً من التقريع الذي (عصف) بذلك (الأحد)..
المصطلح السابق للعصف، المتداول لدينا شعبياً، هو (الصفنة).. ومن الواضح وجود قرابة بين المصطلحَين، الجديد والقديم، تتمثل بحرف (الصاد) الذي يتوسطهما، فحين يتعرض أي شخص لمشكلة فإنه يقول (ينرادلها صفنة)، أو (خلوني أصفنلها شوية)، وبعد الصفنة يتفتق ذهنه عن مجموعة من الحلول السحرية لا تجترحها أكبر (عاصفة ذهنية). لذلك كانت لدى الشخص (الصافن) خصوصية، إذ يتجنب الناس قطع صفنته، ويتركونه (يجر صفنات) وهو يواجه مشكلاته العصيبة منفرداً، وهذا هو الفرق الجوهري بين العصف الذهني والصفنة.. الأول جمعي والثانية صولو..
في التطبيق العملي.. كنا نتشبث بالجزء الأول من المصطلح ونترك الثاني، فغالباً ما تنتهي نقاشاتنا بـ (العصف)، بعيداً عن تدخلات (الذهني).. نتعايط ونتكافش ونتشاتم ونتلاطم، والذهن في الركن البعيد يرفع شعار (من تدخل فيما لا يعنيه نال ما لا يرضيه)، وهكذا عرفنا أن العصف الذهني يمكن أن يعصف بالأول والتالي.. فرجعنا الى خيار (الصفنة)!