خضير الحميري /
قبل أيام مر علينا (اليوم العالمي للتسامح) وتناثرت في وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المنشورات التسامحية التي تدّعي إدارة خدها الأيمن لمن يصفعها على خدها الأيسر، وبهذه المناسبة الأممية التي بدأ الاحتفال بها منذ عام 1996 تذكرت شعارا (تسامحيا) يتكون من (كلمة ونص) رافقنا أيام الطفولة والصبا، وربما اعتز به البعض ليرافقهم حتى الكهولة.. هذا الشعار هو (لا تسكتله) !!
لا تسكتله.. كلمة تقال حين يتعارك اثنان من أصدقائك عراكا عابرا وتنتهي العركة بانتصار مادي أو معنوى لأحدهما، فما عليك وأنت تشاهد علامات الصفح تتغلب عليهما سوى أن تبادربصفتك زميل أو صديق (محب) للتسامح.. أن توشوش في أذن الخاسر بالعبارة السحرية: (لاتسكتله !) لتتجدد العركة مباشرة أو بعد حين وتبقى أنت متحفزا لرصد مفاعيل وشوشتك من تراشق بالكلمات واللكمات..
وتقال حين يعود الطفل من المدرسة ويحدّث أهله بما حصل له من خصام طفولي عابر مع أحد الأصدقاء، لم يترك سوى خرمشة طفيفة في أحد الخدين، فيقفز الأب أو تقفز الأم وتقول : لاتسكتله.. باجر خرمشة بخده!
وتقال حين يتلف لك صديقك حاجة من حاجياتك ويعتذر لما حصل، وتنوي أن تتقبل الضرر وتسامحه ، فيأتي صديق أو شخص عابر (محب) للتسامح ويقول لك: لاتسكتله..مثلما مزق كتابك مزق كتابه..
وتقال حين تتقاذف مع أصدقائك الكرة ، وتصيبك إحدى الكرات المتقافزة قصدا أو عرضا في وجهك فتسقط وتتألم قليلا وأنت تعاتبه، ثم يخف الألم وتنهض بقصد معاودة اللعب قبل أن يتدخل الصديق (المحب) إياه ويقول لك (لاتسكتله.. ضربة بضربة والبادئ أظلم)!
المشكلة إننا لانغادر هذا الشعار ونتركه في متحف الطفولة والصبا، وإنما نسمح له أن يكبر معنا ويتخذ لنفسه قيافة متبدلة تتناسب مع كل مرحلة من مراحل العمر،وبدلا من الوشوشة الصبيانية أصبحت للفلسفات التحريضية قنوات ومنصات وهوبزات وقصائد ومهاويل ..
و..الـ(لا تسكتله) في الصغر ..كالنقش على الحجر!