خضير الحميري
سجال فيسبوكي متشعب قادنا إلى تناول حالة التجهم المستدام لدى الموظف الحكومي، ولماذا لا يقابل المراجعين بابتسامة ودودة كما يفعل نظيره الموظف في الشركات الخاصة. طُرح في النقاش الكثير من الأفكار الجادة والساخرة، منها رأي طريف يقترح صرف مبلغ بسيط بعنوان (مخصصات ابتسامة) يمنح للموظف حين يتبسم ويقطع عنه حين يتجهم. وضرب صاحب هذا الرأي مثالاً بما يحصل في مهنة (المضيفة)، وكيف أنها تقابل الناس بابتسامة مشرقة، التي من دونها قد تفقد مهنتها. لكن برغم اعتراض بعض المتحاورين (النكديين) على المثال، مستشهدين بصور توثيقية لتجهمات بعض (المضيفات)، إلا أن المقترح لاقى إعجابي، فقررت أن أحوله إلى كاريكاتير..
سرحت مع الفكرة طويلاً، وبحثت عنها في محركات البحث، فعرفت أنها تقترب كثيراً من الحقيقة، فالموظف يحصل على هذه المخصصات (ضمناً) في تفاصيل مرتبه، وأن الشركات الكبرى تحرص على زج موظفيها في دورات تأهيلية متخصصة للفصل بين هموم البيت وأجواء الدائرة، واعتبار الوجه الشرح السمح (برستيجاً) وظيفياً لا تجوز مغادرته، ويحق للمدير في هذه الحالة توجيه عقوبة (قطع مخصصات) عن الموظف الذي يستخدم ابتسامته لأغراض خاصة!
تخيل ما الذي يمكن أن يتبادر إلى ذهنك حين تدخل دائرة وتجد كل العاملين يستقبلونك بابتسامة ودودة، ربما ستطلب من أقرب شخص أن يقرصك لتتأكد من صحة ما ترى، أو تتلفت حولك وتتفحص مظهرك لاكتشاف سبب الابتسام، وقد تغادر الدائرة معتقداً بأنك دخلت المكان الخطأ..
ومن أغرب ما قرأت، أثناء التحضير لهذا الموضوع، (مثلاً) من تراث أحد الشعوب يقول (إن كنت لا تجيد الابتسامة فلا تفتح متجراً).. وتخيلوا معي عدد المحال والمتاجر والدوائر التي يجب أن (تعزّل) بناء عليه!