سمير ناصر /
إنه ليس خبراً من أخبار المنوعات التي تنشرها الصحف في صفحاتها الأخيرة، ولاهي فكرة من نسج الخيال، بل أنه مشروع واقعي واستثماري أقدمت عليه الحكومة السويدية وذلك بتعليب الهواء وبيعه على المواطنين! ومع أن الفكرة أثارت الاستغراب في البداية، إذ لايمكن تصديق أن الهواء يمكن أن يباع في الأسواق، لكنها سرعان ما أصبحت حدثاً فعلياً في الواقع وليس في الخيال أو في الأحلام.
وبالإمكان اليوم أن يشاهد المواطن السويدي أو السائح عشرات الأكشاك في العاصمة وهي تستقبل الزبائن بطوابير طويلة لتبيع لهم الهواء النقي المعلب بأسعار ليست زهيدة. مراسل “مجلة الشبكة العراقية”، في ستكهولم، زار أحد مراكز البيع وخرج بهذه الحصيلة من المعلومات عن مشروع بيع الهواء الذي تم تطبيقة على أرض الواقع بنجاح منقطع النظير، وحقق نسبة كبيرة من الاستجابة والرواج والانتشار والتداول.
تنشيط الحركة السياحية
عن فكرة الموضوع وحيثياته وأبعادة ونتائجه قالت أحدى البائعات السويديات العاملات في بيع الهواء في العاصمة السويدية ستوكهولم : إن الحكومة السويدية فكرت في مشروع بيع الهواء السويدي على السيّاح والمواطنين المغتربين الذين يزورون السويد بين فترة وأخرى بهدف تنشيط الحركة السياحية في البلد وإيصال هذا الهواء الى أبعد نقطة في العالم ليكون في متناول الأيدي للأشخاص الذين يعشقون هواء السويد من المواطنين المغتربين عن بلدهم ، كما تعتبر هذه العلبة أثمن هدية تقدم الى المواطنين السويديين الذين يعانون من الاكتئاب والاختناق ولوعة الغربة عن بلدهم، وقد يتحول الإنسان من حالة الاكتئاب الى حالة السعادة والانشراح والارتياح النفسي خصوصاً لدى المواطنين السويديين الذين يسكنون في دول أميركا وكندا وأستراليا والبرازيل واليابان وغيرها من بلدان العالم .
بلد الـ 100 ألف بحيرة
وأوضحت أن دولة السويد، ومنذ أن تم إنشاؤها، هي عبارة عن مناطق واسعة من الغابات الخضر تغطي المساحة الكلية للحدود السويدية وتقدر مساحتها الكلية بـ (450) ألف كيلو متر مربع، حيث تعتبر ثالث أكبر دولة في الاتحاد الاوروبي من ناحية المساحة، وتنتشر بين هذه الغابات البحيرات الكبيرة والواسعة والتي يقدر عددها بأكثر من ( 100) ألف بحيرة، فضلاً عن انتشار الأنهار والجزر المائية التي ترتبط ببعضها بواسطة الجسور الكونكريتية والمعلقة والعائمة، وأن أغلب هذه المناطق تعتبر سياحية وتزخر بالمناظر الطبيعية الخلّابة.
جمال ساحر
وأكدت بأنه يتم تشييد الدور والعمارات السكنية والبيوت الخشبية وسط هذه الغابات والبحيرات لإسكان المواطنين السويديين وغيرهم من الجاليات من الجنسيات الأخرى المتواجدين ضمن الرقعة الجغرافية للبلد. كما تتميز بعض المناطق بغابات الصنوبر دائمة الخضرة، فيما تعتبر السويد مدينة الألوان الساحرة مع تبدل ألوان أوراق الأشجار في الفصول الأربعة من الأخضر الى البنّي بتموجات تعجز العين عن وصفها من أثر جمالها الساحر. وقالت إن إحدى الدراسات العالمية أكدت أن هواء السويد يعد الأنقى والأصفى في العالم، فيما تم تصنيف هذا الهواء من الدرجة الأولى محلياً ودولياً.
زيادة سعر علبة الهواء
وعن سعر علبة الهواء قالت إن الحكومة السويدية ووزارة السياحة قررتا في بادئ الأمر وبعد افتتاح المشروع أن يكون سعر العلبة الواحدة من هذا الهواء بـ (50) كروناً سويدياً، ولكن بعد أن شهد هذا المشروع نجاحاً كبيراً واقبالاً واسعاً من خلال الطوابيرعلى الأماكن المخصصة للبيع، تمت زيادة السعر فأصبح (70) كروناً سويدياً للعلبة الواحدة.
وأكدت أن الإحصائية اليومية للبيع تكشف أن اكثر من (500) علبة تباع في اليوم الواحد من خلال الأكشاك المنتشرة في الأسواق المحلية والتي خصصتها وزارة السياحة، وتقدر نسبة البيع خلال السنة الواحدة بأكثر من (مليوني) علبة، مؤكدة أن علبة الهواء تكون مليئة بالنيتروجين والأوكسجين والأرغون، ويأتي هذا من خلال نمو النباتات العالية والكثيفة المنتشرة في عموم البلد والتي تنمو تلقائياً على مدار السنة. وقالت إن هناك شروطاً تتطلب من الذين يشترون هذه العلبة ان يحفظوها في مكان بارد وبعيد عن أشعة الشمس والحرارة العالية. موضحة ان البيئة السويدية تسجل رقماً قياسياً من الجودة بسبب تساقط الأمطار الغزيرة طيلة أيام السنة صيفاً وشتاءً، وهذه الأمطار تساعد على صنع الهواء النقي والصافي الخالي من الأتربة والغبار، مؤكدة أن نسبة ( 99.9 ) من الهواء تكون خالية من الدهون والسكر ، فيما تسعى الدوائر المعنية بالأراضي والتربة ومنها وزارتا الزاعة والري للاعتناء بشكل مستمر بالتربة السويدية، والعمل على تنظيم حملات مكثفة لقص الأشجار باستمرار وعلى مدار الساعة، وتحسين خصوبة الأرض من أجل انبعاث الهواء النقي من محيط هذه الأشجار التي تشكل لوحة فنية جميلة، والتي تشعر النفس البشرية من خلالها بالراحة والطمأنينة والدفء والألفة .