أنسام الشالجي /
كانت تغريدة لعضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، عن العنف الأسري، دافعاً لهذه المادة. والعنف الأسري، مع الأسف، أصبح أسلوب حياة للبعض، وتساعد الظروف الصعبة، التي زادتها ظروف الجائحة صعوبة، على تفاقمه.
التغريدة
أشار الدكتور علي البياتي، عضو المفوضية في تغريدة على صفحته في تويتر إلى حوادث العنف الأسري المسجلة فقط في ٢٠١٩، أي قبل الجائحة، ومما لا شك فيه أن هذا الرقم سيكون مرتفعاً في ٢٠٢٠. وأكد على “وجود 17 ألف قضية عنف أسري في المحاكم العراقية لسنة 2019، منها 12 ألفاً ضد النساء وأكثر من ٣ آلاف حالة عنف ضد المسنين و ١٦٠٠ ضد الأطفال.” أضاف البياتي في تغريدته أن “بغداد احتلت المرتبة الأولى (والرصافة تتصدر) بواقع أكثر من ٤ آلاف حالة، تليها محافظة ذي قار أمام غياب قانون العنف الأسري وغياب المأوى للمعنفات.”
تعريف
نقرأ في موسوعة ويكيبيديا أن العنف الأسري هو شكل من أشكال التصرفات المسيئة الصادرة من قبل أحد أو كلا الشريكين في العلاقة الزوجية أو الأسرية، له أشكال عدة منها الاعتداء الجسدي (كالضرب، والركل، والعض، والصفع. والرمي بالأشياء وغيرها). أو (التهديد النفسي أو السيطرة أو الاستبداد أو التخويف، أو الملاحقة والمطاردة، أو الاعتداء السلبي الخفي كالإهمال، أو الحرمان الاقتصادي).
عيادات للسعادة
سبق أن طالبنا، في مادة سابقة كان عنوانها (لحياة أفضل.. الحاجة إلى عيادات للسعادة)، بفتح فروع لمستشفى ابن رشد في مناطق بغداد والمحافظات، فالكل بحاجة إلى علاج وتشاور نفسي بسبب الظروف التي نمر بها وبسبب تراكمات عقود من الخوف والحروب والحصار والفقدانات والاحتلال والعنف والإرهاب والفقر، وغير ذلك من الظروف التي تؤدي إلى ضغوط نفسية. وبالمناسبة، في ١٠ تشرين الأول، اليوم العالمي للصحة النفسية والذي استمرت نشاطاته هذه السنة لمدة أسبوع تحت عنوان (معاً لمواجهة الأثر النفسي لجائحة كورونا) لم ألاحظ أي نشاط إعلامي وصحي في العراق! في الوقت الذي نحتاج فيه جميعاً الدعم النفسي، ولأن غالبية العراقيين يتجنبون زيارة عيادات الأطباء النفسانيين، فلا بأس من إطلاق اسم عيادات السعادة على مراكز الطب النفسي.
قضية عالمية
العنف الأسري ليس حالة عراقية، إنما، استناداً إلى دراسات واستبيانات قامت بها منظمات دولية ومن بينها الأمم المتحدة فإن ٣٥-٤٠٪ من النساء في العالم والنسبة نفسها وأحياناً أكبر من الأطفال، وهناك رجال، ولاسيما الكبار في السن يتعرضون للعنف أيضاً، وهناك دول لديها قوانين صارمة للحد من هذا العنف، فضلاً عن توقيع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كافة على اتفاقيات مناهضة العنف ضد النساء، لكننا في العراق ما نزال في انتظار تبني قانون العنف الأسري.
انتباه
المعروف علمياً أن الشخص الذي سيكون في المستقبل إنما تتشكل شخصيته في عمر ٣-٦ سنوات، ومهما تغيرت ظروفه فلن تتغير شخصيته، وفي لحظة ما تعود إليه تلك السنوات الثلاث ولابد أن يقوم بتصرف ما تظهر عقده النفسية. وفي غالبية ورشات العمل التي أنظمها للطاقة الإيجابية فإن غالبية الذين يعانون من طاقة سلبية (رجال ونساء) تؤثر عليهم وعلى علاقاتهم الاجتماعية والعملية كانوا قد عانوا من حرمان في ذلك العمر، حرمان من العاطفة التي لم يقدر الأبوان رغم حبهما لهم أن يعبرا لهم عنها، ومن حرمان مادي رغم أن بعضهم كانوا ينتمون إلى عوائل ذات دخل ثابت أو كانوا تحت ضغط المشاكل اليومية بين الأبوين أو تحت ضغوط الظروف العامة. وبمراجعة حوادث الانتحار والعنف الأسري نجد أن غالبية مرتكبيها هم من الأجيال التي حرمتهم الحروب من الأب وحنانه وأجبرتهم ظروف الحصار على عدم الالتحاق بالمدرسة وكذلك الذين عانوا من العنف الطائفي والتهجير والإرهاب والنزوح، فضلاً عن ظروف الفقر ولاسيما أن نسبة الفقراء والذين تحت هامش الفقر ليست بالقليلة. لذلك لابد من الانتباه للأطفال الذين هم في هذا العمر، وعلى السلطات المختصة، وبالأخص الصحية والتربوية والمجتمعية، القيام بواجباتها في العلاج النفسي والإرشاد للتقليل من هذا الخلل المجتمعي الذي أصبحنا نلمسه بوضوح.
كما أن على منظمات المجتمع المدني مهام ضرورية ومطلوبة بشدة ينبغي القيام بها وأن لا تكتفي بالشعارات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، وأستثني منظمات معدودة تبذل كل جهودها لحماية المرأة والطفل خاصة والأسرة عامة.
أخيراً
في إحدى حلقات (أستراليا غوت تالانت)، شاركت فرقة تقودها امرأة وتضم أكثر من ٢٠٠ سيدة، عانت غالبيتهن من عنف أسري، سواء من قبل الأبوين أو الزوج، قالت سيدة من بينهن في الخامسة والستين من عمرها إن العنف الأسري جعلها صامتة وخائفة حتى من المكان الذي كانت تختبئ فيه داخل البيت، وإن هذه الفرقة جعلتها تستعيد حياتها وثقتها بنفسها، وقالت قائدة الفرقة إن مبيعات بطاقات حفلاتهن تذهب الى الملاجئ التي تضم الأطفال الذين تعرضوا إلى سوء المعاملة والنساء المعنّفات وإن كل أغانيهن تشجع على المحبة ومناهضة العنف الأسري..
وفي العراق، في السليمانية واستنادا الى تغريدة هوزان زبير، فان الفنانة تارا عبد الله وبالتعاون مع ١٠٠ ناشطة عبرت عن احتجاج تعنيف النساء من خلال عمل فني مميز عبارة عن قطع ملابس لنحو ١٠ امرأة معنفة تم تعليقها على طول ٤٨٠٠ متر في شارع سالم بين حديقة نالي وصولا الى المحكمة.