زياد الدليمي /
خلال فترة النزوح من الأنبار إلى السليمانية، بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدينة الرمادي، كان الهاجس الأكبر أو الشعور الغالب أننا سنبقى نازحين ومهجّرين ومهاجرين حتى نهاية العمر، لم يكن في الحسبان أبداً العودة لديارنا ومناطقنا التي تمكن التنظيم الإرهابي من السيطرة عليها بالكامل، لقد انتهى كل شيء، هكذا قالت أمي وهي تتابع التلفاز وكيف يسيطر عناصر التنظيم الإرهابي على مركز المدينة، وكيف تتزاحم الناس على جسر بزيبز للبحث عن مخرج ومهرب قبل أن تطالهم يد الإرهاب الداعشي القذر.
عودة الأمل
صولة وطنية أعادت الأمل، أو بصورة أوضح وأقرب للحقيقة، صنعت أملاً جديداً من المستحيل، الكثير من التشكيلات العسكرية القادمة من المناطق ذات الأغلبية الشيعية يتجهون لتحرير المناطق ذات الأغلبية السُنية، وتحتضن مدن شيعية وكردية أبناء تلك المناطق النازحين إليها من نار الحرب والإرهاب والموت والدمار، يستقبلونهم كأهلهم بل أكثر، كما شاهدت ذلك كنازح في مدينة عراقية جميلة كالسليمانية، ورجل إغاثة في مناطق عراقية أخرى من العراق الكبير، كبير بكل شيء، بأحزانه وتضحياته وبالمودة والمحبة والتقارب بين أهله برغم جور الأحداث، ومخططات الأعداء والمتربصين لهذا الوطن دائماً، لإيقاعه بمستنقع الفتنة والموت والضياع.
دروسٌ عظيمة
انطلقت جحافل الجنود العراقيين صوب الأنبار، وسحقت داعش وحررت الأرض، لتصنع أملاً جديداً لأهلها بالعودة إليها مرة أخرى، والمباشرة بالعمل والإعمار والبناء وبث الحياة في تلك المدن المنكوبة. آلاف الشهداء والجرحى وضحايا الحرب قدموا الغالي والرخيص لتحرير المدن العراقية من الإرهاب وشرّه، وصناعة الحياة كبديل لصناعة الموت الذي تفنّن به الدواعش، بعد سيطرتهم على المدن التي حررها أبطال العراق من إرهابهم الإجرامي المتطرف.
هذه التضحيات كانت دروساً عظيمة في مواجهة الطائفية التي روّج بعضهم لها في السابق تجاه الجيش العراقي والتشكيلات الأمنية الأخرى، وصورتهم كأعداء لأهلهم العراقيين في تلك المناطق العراقية المحررة، وأصبح اليوم أبناء تلك المناطق يتوافدون بقوة نحو مراكز التطوع ليكونوا جزءاً مهماً من التشكيلات العسكرية والأمنية العراقية التي تقاتل الإرهاب، وتنال منه في كل مكان من العراق، لتتحرر الأنبار وتكريت وبعدها الموصل، وقريباً لن يبقى شبر واحد من الأراضي العراقية خاضعاً لسيطرة الإرهابيين والصدّاميين المجرمين، الذين خسروا الرهان على تفرقة العراقيين وصناعة الكراهية والطائفية بينهم، فقد هزمتهم طيبة العراقيين وتضحيتهم وتطوعهم للقتال وتحرير مدن أهلهم العراقيين في جانب آخر من العراق.
لقد أثبت العراقيون من خلال تعاونهم في القتال ضد داعش أنهم شعب يرغب بالحياة ويتمسك بالمحبة والأخوة والتعايش بين مكوناته، عندما يتوفر خطاب سياسي وديني يدعم وحدتهم وتعايشهم السلمي، وينبذ الكراهية والتطرف والطائفية بين أبناء الوطن الواحد.
لذلك فإن اصدار قانون لتجريم الطائفية والتطرف والكراهية بين أبناء الوطن الواحد أصبح ضرورة وطنية وإنسانية لمنع ظهور داعش وأخواتها مرة أخرى في العراق، لينعم أهله بالحب والسلام وحياة خالية من الجريمة والإرهاب.