أنسام الشالجي /
استنادا إلى البيانات اليومية لوزارة الصحة، فإنَّ الإصابات المسجّلة بفيروس كورونا بدأت ترتفع مجدداً بعد أن شهدت لأسابيع انخفاضا ملحوظا وجميعنا نعلم بوجود إصابات لا تسجّل وأقصد الذين يجرون التحاليل الطبية المطلوبة خارج المختبرات العامة ويخضعون إلى العلاج في البيت..
هل فشلنا؟
هذا الارتفاع ليس سارّاً وأخشى أنّه يشير إلى (فشلنا) لدرجة ما في تغيير أسلوب حياتنا في الالتزام بتوجيهات وزارة الصحة، سواء داخل البيوت أو في العمل والأسواق والجامعات وغيرها من الاماكن او استسهلنا الالتزام مع انخفاض عدد الإصابات، وفي الحالتين فإنّ الذي يوجه اليه اللوم هو نحن..
التوجيهات التي صدرت منذ أكثر من سنة ومع التأكيد اليومي عليها ليست صعبة التنفيذ وليست مكلفة بينما الإصابة مكلفة جداً ومن بين هذه التكاليف لا ننسى الإشارة إلى الأكثر كلفة وهو الوفاة، بينما الالتزام بها لا يعني فقط تجنب الإصابة إنما تغيّر أسلوب حياتنا نحو الأفضل من نواح عدة ومن بينها النظافة واحترام الآخر وحماية أفراد الاسرة..
مثال يحتذى
السيدة (أم حسن، ٤٥ سنة، ربة بيت) والأم لأربعة أبناء وثلاث بنات وجميعهم طلبة، الاكبر (حسن) في سنته الاخيرة من دراسته الجامعية والصغرى (ميس) في الصف السادس الابتدائي وزوجها كاسب، يملك دكانا لبيع المواد الغذائية، تقول بأنها مع أولى الإصابات في بغداد ويقينها بالتباعد الاجتماعي، قررت ولصغر بيتها، أن تحوّل قسما من صالة الجلوس (الهول) إلى منام لولدين، وبقي الآخران في غرفة النوم.. وتضيف أن من رحمة الله علينا أن هذا الفيروس الخبيث يقتله الصابون، أي صابون، وليس الغالي فقط واستخدمت الملح في تعقيم الفواكه والخضراوات ومحلول مطهر مخفّف لتنظيف الاسطح في المطبخ والغرف والجميع لا يغادرون البيت دون ارتداء الكمامة ووضع (الجل المطهر) في الجيوب.
“مع مرور الأيام، أصبح البيت أنظف من السابق وتعوّد الاولاد والبنات وأبوهم على غسل اليدين واستخدام المطهر في الخارج، ولزيادة المناعة استخدمت الفواكه والخضراوات وقللت استخدام السكر والملح، لأنّ شراء الفيتامينات مكلّف بالنسبة لعائلتي”، تقول أم حسن وتضيف بأن هذا الالتزام يطبقونه بفرح وكأنّه لعبة جماعية بين أفراد الأسرة وأبعد عنهم جميعا. وفي الوقت نفسه، استمر أبو حسن يرتدي الكفوف في دكانه التي يتقنها بين وقت وآخر كي لا يلوث أكياس النايلون حين يضع فيها المواد ويسلمها للمشترين.
أصبحت أم حسن وعائلتها مثلا يحتذى به في محلتهم السكنية وتوقفت جارتها عن الاستهزاء بالتزامها بالتعليمات والإجراءات الصحية المطلوبة وبأن كورونا (إشاعة) بعد أن أصيبت بالفيروس وتسبَّبت بإصابة جميع أفراد عائلتها وكاد زوجها يفقد حياته وتعلَّمت جاراتها منها عدم ترك حاوية النفايات دون تغطيتها وعدم رمي الكمامات والكفوف أمام الباب إنما وضعها في كيس نايلون وربطه ورميه في الحاوية.
المسؤولية
إذن الوقاية ليست صعبة أبداً والالتزام ليس معيبا وما نراه صعبا يكون سهلا بعد أيام وآن الأوان أن يكون أسلوب حياتنا الجديد..قلت في البداية إن الملام نحن.. ليس كل فشل يصيبنا هو بسبب الحكومة أو الجهات المختصة، ولا أريد أن أخرج عن سياق الموضوع، لكنني سأشير إلى مثال آخر، نظافة الاحياء السكنية والاسواق ليست مهمة أمانة بغداد او الدوائر البلدية في المحافظات، إنما تقع نسبتها الاكبر علينا، وكذلك الوقاية من كورونا وتقليل عدد الإصابات مسؤوليتنا نحن، الالتزام وحده سينقذنا وأفراد عوائلنا وزملاء العمل والدراسة وأثناء التسوق.
وأخيراً..
نتحدث بعدم رضا جميعا عما يجري في البلد ونطالب بالاصلاح والتغيير، لا بدّ أولا أن نتغيّر نحن إلى الافضل ونغيّر أفراد عوائلنا، الاصلاح قطعا يبدأ من البيت.. الالتزام بالتوجيهات والاجراءات الصحية للوقاية من كورونا هو الفيصل إن كنّا نريد الاصلاح والتغيير نحو الافضل.. لنعدّ هذا الالتزام تحدياً، تتذكرون مباريات التحدي العديدة التي بدأت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ودائما كان بين المشاركين عراقيون، للمثال وليس الحصر، تحدي (دلو الثلج) الذي كان يتطلب
إما سكب دلو ممتلئ بالثلج على الرأس او التبرع بمئة دولار لنشر الوعي عن مرض التصلب العضلي. لنجرّب هذا التحدي الذي سنسميه (تحدي الالتزام) الذي لا يلتزم يدفع مبلغا معينا سيجمع لشراء قناني الاوكسجين مثلا او يكلف، داخل الأسرة، بالقيام بمهام التنظيف ليوم واحد..هكذا تحد سيمنحنا المتعة، متعة المشاركة والفوز، والفائز سيكون الملتزم بالاجراءات كافة على مدى أسبوع، وهو مدة التحدي.. وهذه دعوة للتحدي والمشاركة فيه..والصحة والعافية للجميع.