من المعروف ان العرب هم سكان الجزيرة العربية في نجد والحجاز واليمن ودول الخليج العربي الصغيرة. وهذا لا يعني عدم وجود اقوام اخرى كانت تسكن الجزيرة العربية مع العرب او قبل وجود العرب التاريخي.
ومن الخطأ القول ان كل من هاجر من الجزيرة العربية الى الاراضي المجاورة خصوصا الى سوريا والعراق هم من العرب في مختلف الازمنة وتدفق الموجات البشرية من الجزيرة ( التي نسميها الان الجزيرة العربية ).
لقد نشأت في الجزيرة العربية مدن عظيمة وانهار كبيرة عندما كانت ارضا خضراء خصبة ثم بعد فترات زمنية اصبحت صحراء قاحلة في اغلبها تعتمد على العيون والآبار وسوف ترجع هذه الصحراء الى اراض خصبة مرة اخرى بتغير مناخها في المستقبل كما ذكر ذلك النبي محمد (ص).
الساميون او الجزريون
لقد أطلق بعض المفكرين على الموجات البشرية التي وفدت الى سوريا والعراق من الجزيرة العربية في مختلف العصور التاريخية لقب ( الساميين) نسبة الى سام بن نوح وهذا لقب يعتمد على مفهوم العنصر السامي في مقابل عناصر بشرية اخرى كالعنصر الآري الذي يختلف عنه في خواصه العديدة ولكن علماء الآثار لا يحبذون هذه الاختلافات العنصرية البشرية ويفضلون تسمية هذه الموجات البشرية (الجزريين ) نسبة الى أرضهم التي قدموا منها وهي الجزيرة والتي سميت لاحقا الجزيرة العربية.
من الطبيعي ان يرث العرب في لغتهم كلمات كثيرة من اللغات القديمة للاقوام التي كانت قبلهم في الجزيرة العربية وحتى لغتهم القديمة ليست التي في زمن الجاهلية القريبة من بعثة الرسول محمد (ص) وجاء الاسلام بالقرآن الذي أخذ أجمل ما في لهجات القبائل العربية وبقيت في غالبيتها كما هي الان بفضل وجود القرآن وهو المستوى اللغوي والادبي الاعلى في اللغة العربية والذي سيبقى كذلك الى يوم القيامة.
العرب لاول مرة في بلاد الرافدين:
لقد حكم الملك الاشوري شيلمنصر الثالث ( 858-824 ق.م) من العاصمة الاشورية ( كالح وتسمى نمرود) في الموصل وقد أرسل عدة حملات عسكرية الى بلاد الشام وجرت عدة معارك اشهرها موقعة ( القرقار) على نهر العاصي في عام 853 ق.م . و ورد ذكر اسم العرب لاول مرة في اخبار ملوك العراق القديم اذ كان احد الامراء المتحالفين ضد الملك ( شيلمنصر الثالث) هو الامير العربي (جندبو). وفي الرسومات الجدارية والمسلات وجدت لاحقا صورا لمحاربين عرب يركبون جمالا وهم يهربون من امام الجيش الآشوري، ولربما في فترات اخرى استخدم الاشوريون القبائل العربية وجمالهم وخيمهم في الحرب ضد اعداء الاشوريين.
العرب في بلاد الرافدين:
بعد سقوط بابل عام 539 ق.م وقبلهم بقرن الآشوريين اصبحت بلاد الرافدين (العراق القديم ) مسرحا للصراع بين الامبراطوريتين العظيمتين في ذلك الزمن وهما بلاد فارس والاسكندر ثم السلوقيين والفرثيين والساسانيين والرومان. ومن الطبيعي ان يسيطر الغزاة على المدن الكبيرة المطلة على نهري دجلة والفرات.
وفي هذه الفترة حصل فراغ سياسي وعسكري داخل بلاد الرافدين سمح للقبائل العربية ان تتدفق من الجزيرة العربية الى سوريا والعراق بعضها مع مجاري الانهار والقسم الاخر نشأ على اطراف بلاد الرافدين القريبة من صحراء الجزيرة العربية فتأسست المدن العربية الصحراوية الواقعة على طرق القوافل التجارية بين سوريا والعراق والجزيرة العربية وسميت بمدن الصحراء مثل تدمر والحضر والبتراء.
وقد شيدت مدينة الحضر العربية في القرن الثاني او الثالث قبل الميلاد وظلت مزدهرة الى منتصف القرن الثاني بعد الميلاد، في بداية نشوئها حكمها الكهنة ثم السادة ثم اصبحت مملكة واول ملوكها المشهورين هو ( سنطروق) الذي لقب نفسه في الكتابة المكتشفة في المدينة عام 1961 بـ(ملك العرب) واسم ابيه (نصر) الكاهن الأعلى.
فشل الرومان في احتلالها اكثر من مرة. وتم العثور على مجاميع مهمة من النصوص الآرامية في مدينة الحضر. و دمر الملك الساساني سابور الاول مدينة الحضر العربية عام 241 بعد الميلاد. وظل العراق لاكثر من اربعة قرون تحت الحكم الساساني وفي زمن الملك يزدجرد الثالث ( 632-651 م) انتهى عهد الدولة الفارسية في العراق على أيدي العرب المسلمين في معركة القادسية.
مملكة الحيرة والمناذرة:
وهي دويلة عربية تكونت في بداية القرن الثالث الميلادي في منطقة جنوب الكوفة واصل اهلها وملوكها من عرب اليمن عرفوا بالمناذرة واللخميين وكان اهلها نصارى على المذهب النسطوري ومن ملوكها الاوائل امرؤ القيس الاول ( القرن الرابع الميلادي ) والنعمان الاول والمنذر الثاني وانتهى عهد هذه الدويلة العربية في زمن النعمان الثالث الذي يُكنى ( ابو قابوس) ( 580-602 م)، وصار الملوك الساسانيون يتدخلون في شؤونها فانحاز عرب الحيرة الى خالد بن الوليد في فتحه العراق عام (633) ميلادي.
وتدفقت القبائل العربية بقوة الى بلاد الرافدين أي العراق مع الفتوحات العربية الاسلامية وبنيت البصرة ثم الكوفة ثم واسط ثم بغداد ثم سامراء ثم الموصل واصبح العراق في العصر العباسي مركز الحضارة العربية الاسلامية بل الحضارة الانسانية حتى ضعفت الخلافة في بغداد ومجيء المغول ودمروا كل شيء جميل في العراق وبعدهم ضاع العراق في خضم الصراع الفارسي – العثماني حتى الحرب العالمية الاولى 1914.