تشير الوثيقة التي حصلنا عليها والصادرة من رئاسة جهاز المخابرات، الى أنه تم القاء القبض على المتهم صباح محسن محمد والمعروف بالاسم الفني صباح السهل، من قبل جهاز الأمن الخاص، بتأريخ 4 / 4 / 1993، ثم أودع في سجن المخابرات، وسبب التهمة كما مبين في الأمر الإداري الصادر من رئاسة المخابرات السري، هو تهجمه على شخص الرئيس المخلوع وعائلته والقيادة السياسية
وكان الفنان صباح السهل كشف، في غفلة منه، وأمام زوجته وحدها، الكثير من الحقائق والأسماء، التي سنوردها لاحقاً، وقد اعترف ان الكلام بصوته، لأن الخطة كانت محكمة، كما يبدو، للإيقاع به وتوريطه وإعدامه، لكنه كرر أمام المحقق أنه كان في حالة سكر، وذكر أنه تبرع بفدان من الأرض للمعركة لكن لم ينفع الفدان الذي تبرع به كما لم تنفع توسلاته بطلب الرحمة من الرئيس المقبور.
وكان الفنان السهل يؤكد في أكثر من مرة في التحقيق أن هذا الكلام تفوه به في بيته وأمام زوجته فقط.
قرار الإعدام
وجاء في الوثيقة: تشكلت محكمة المخابرات ببغداد بتاريخ 2/ 5/ 1993 برئاسة القاضي ابراهيم سهيل نجم وعضوية راضي سعد أحمد وصلاح مهدي كريم المأذونين بالقضاء وأصدرت قرارها الآتي: حكمت المحكمة على المدان صباح محسن محمد حسين السهل بالإعدام شنقاً حتى الموت استناداً لأحكام المادة ”225 “ من قانون العقوبات الشق الثاني الفقرة الأولى، مع احتساب مدة موقوفيته اعتباراً من 4/ 4/1993 ولغاية 3/5/ 1993 ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة.
شهر واحد للحكم بإعدامه
الذي يدقق النظر بتاريخ اعتقال صباح السهل وهو يوم 4/4/1993 وصدور حكم الإعدام وهو بتاريخ 2/5/1993 سيجد ان المدة بين جمع فصول التحقيق في جهاز المخابرات وتشكيل المحكمة وإصدار الحكم، هو مدة شهر واحد فقط، لأن التهجم على شخص الرئيس بألفاظ نابية يعدّ في عرف النظام السابق جريمة لاتغتفر، ومن الكبائر، التي تؤدي بصاحبها إلى حبل المشنقة، لذلك طويت صفحة الفنان السهل بشكل سريع وسهل أيضاً، ليس هذا فحسب بل تمت مصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة، ولا ندري ما المبرر القانوني، لشخص أساء بالكلام إلى الرئيس السابق بمصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة؟
نص التسجيل بصوت السهل
ورد نص الإدانة للفنان صباح السهل، التي تم تفريغه من الشريط المسجل، وحسب ما مدون في ملف جهاز المخابرات وفيه الكثير من التفاصيل التي تعري مسؤولي النظام السابق من رئيس الجمهورية الى ابنيه ومروراً بأخوته ووزراء العهد المباد، والذي يطلع عليها يلاحظ مدى السقوط الأخلاقي والشذوذ السلوكي والتربية المنحرفة لدى هؤلاء الذين كانوا يقودون سدة الحكم، وبالنظر لاحتواء ملف الإدانة على الكثير من التفاصيل، سنقتصر على أبرز الاعترافات، مع تعديلنا للعبارات التي أطلقها المرحوم السهل باللهجة العامية التي تتضمن مفردات القذف والتهجم على أزلام النظام السابق، بلغة فاحشة.
وإليكم ما تضمنه التسجيل بصوت الفنان السهل وحسب ما مدون في الوثيقة:
عدي والفنانات العربيات
السهل: “بعد انتهاء حفلة المطربة سيمون… الناس كلها تطلع من القاعة بعد انتهاء الحفلة، طالب القره غولي يقول لسيمون: اكعدي، تكله يابه ليش اكعد مو خلصت الحفلة أريد اروح. قال: عندنا أوامر أنتي تبقين، كلتله آني يابه طالب ليش تبقه… كلي صباح انت مالك علاقة… اباوع فوك اشوف عدي والعصابة مالته فوك، اكو صالة فوك، الحماية نزلوا واخذوها… وحق هذا الماي، بس فلتت منهم وحدة، حتى ماجدة الرومي اخذوها، بس فلتت أمينة فاخت، انهزمت واخذت تكسي من الشارع وعافت فرقتها الموسيقية، هم جان عدي فوك وكال احجزوها، لكن أمينة فاخت شلعت!
زوجة السهل: آني ما اصدك ليش ينزلون سمعة العراق لهذي الدرجة؟
السهل: وداعتج هي بالضبط ليش ما تصدكين، مو آني بالوسط الفني واعرف.
زوجته: يعني اكول معقولة سمعة ابوهم؟
السهل: ابوهم انكس منهم… ابوهم كله هنديات وفرنسيات، هذا صدام من يسكر يطلع الزباد من حلكه.
زوجته: منو؟
السهل: صدام حسين، وحق هذه النعمة، ما عنده غير السكر والبنات لعد شنو هذي الصورة، التي تشوفيها انت في التلفزيون والاعلام تختلف عن الحياة الطبيعية… هذا سعد نسيب ابو علي، هذا يكود لعدي، شكو بنات بالمعهد أو بالاكاديمية يجيبهم.. لعد شعبالج، وحق هذه النعمة… البارحة كدامي اجتني وحدة، كالتلي انت موصديق عدي… بنات ياخذوهن بالكوة، الكلية تمنح شهادات لو….. شلون احنا درسنا بالمعهد.
زوجته: الرئيس يسمع هيج يسوي ابنه؟
السهل: يسمع الرئيس ويدري ابنه، ويسكتله، قتل المرافق ما له، الخادم اللي يشيل سترته ويداريه، كتله وعفه عنه، مو قتل كامل حنا، على اساس سجنه، كلاوات، بعدين وزارة العدل تطلب الرحمة من صدام حسين بخصوص عدي، شنو ها الكلاوات.
كما يسترجع السهل شيئاً من ذكرياته ضمن الشريط المسجل والمدون في ملفات المخابرات، على صعيد التربية التسلطية وبعض ما خلفوه من عقد سادية لدى أبنائهم، ومعاملة الآخرين وحتى الفنانين وكأنهم عبيد، اقتداءً بآبائهم.
يقول السهل: ذهبت الى تكريت أغني بحفلتين، رادوا يكتلوني آني وأمل خضير وسهام محمد، نجدة اجت حمتنا رادوا يبوكون أمل وسهام، اطفال بعمر 14 ـ 15سنة، بايدهم مسدسات، وفي نيتهم ان ياخذوهن، صدام حسين كلاوجي وسختجي…. يغارون من كل الشعب ومن المحافظات.
ويستطرد السهل وهو يكشف عن واقع الفن في العراق، وان دائرة الاذاعة والتلفزيون صارت بيد أبناء المسؤولين، ويذكر عن ولد خير الله طلفاح: “أكو واحد يحجي وياهم، بالنعال يضربون مدير التلفزيون ومدير الإذاعة”.
السهل يتنبأ بإعدامه!
زوجته: معقولة ينزلون هل نزلة؟
السهل: معقولة شنو، انت شعبالج، هذوله سفلة كاولية، جان يدكون بالربابة، هذولة عصابة في الجعيفر والله اني مستعد ان أعدم وأحجي هذه وأموت، احجي وارتاح، خلي يعدموني روحي كليلهم، وآني أواجه هذولة السفلة. انه موعندي علاقات ويه ناس بالمخابرات والقصر ويحجولي، حجي يخبل من يسكر صدام يخر من حلقه الويسكي والزباد، وجلساته بيها بنات هنديات واسبانيات وفرنسيات… الله اكبر كلها كلاوات.
آخر الكلمات
وكانت آخر الكلمات في ملف الفنان المرحوم صباح السهل: ان صدام حسين حقير، بس عدنان خير الله شريف، وان صدام اميركي ومتفق مع اسرائيل على ضرب النجف، خطة… اميركا واسرائيل هم اللي انطوا الحبل مثل ما انطوه الحبل واعتدى على ايران. سبعاوي، هسه دكتور ومدير الأمن العامة وجان مدير مخابرات، وهو كان بنجرجي في تكريت، كلهم لا شهادة، ولاشيء… هذولة لازم يخلوهم في ساحة التحرير ويقطعونهم بمنشار كهربائي، معقولة الطماطة تصير 250 دينار أبو اللحم عدي، وابو الدجاج عدي، والأراضي اخذها خير الله طلفاح واشتراها بالقوة.