عامر جليل إبراهيم /
في الطريق الصحراوي بين كربلاء والنجف، على بعد 16 كم باتجاه الغرب من خان النخيلة، إلى الجنوب الغربي من مدينة كربلاء بنحو 30 كم، ثمة بناء قديم على شكل خان ترى أطلاله ورسومه في البادية، بناء قديم يعود تاريخه إلى الفترة التي بني فيها قصر الإخيضر الشهير مطلع العصر العباسي.
بني الخان بالآجر، ومازالت أكثر جدرانه وأقواسه، وبعض زواياه، صامدة تقاوم طبيعة الصحراء، وللخان تسميتان هما: قصر العطشان، وخان العطشان.
تزخر كربلاء، التي يقع فيها خان العطشان، التي يعود تاريخها إلى سنين موغلة في القدم، وتعد واحدة من أهم المدن الحضارية الإسلامية وأكثرها شهرة في العراق والعالم، تزخر بموروث حضاري وديني، بدءاً من صحرائها التي تضم أقدم كنيسة في الشرق الأوسط: كنيسة الكصير، المشيدة في عمق الصحارى، وليس انتهاء بماضيها التليد ومكانتها المرموقة، إذ يسعى إلى زيارتها الآلاف من الزائرين.
معالم القصر
يقول الآثاري في مفتشية آثار كربلاء المقدسة مصطفى فائز نعمان: إن هذا المعلم الأثري، قصر العطشان، مربع الشكل تقريباً، أبعاده من الشمال إلى الجنوب (25.5 متراً) وعرضه من الشرق إلى الغرب (24.90 متراً)، وهو محاط بسور سميك مدعم بثمانية أبراج بنيت لتكون ركائز لهذا المبنى الضخم من مادتي الآجر والجص المخلوط بمادة النورة. ويوضح نعمان أن بناء القصر يتكون من ساحة شبه مستطيلة الشكل، توجد في قسمها الجنوبي أواوين مستطيلة الشكل، وتطل على الساحة المكشوفة عُقد مدببة مسقوفة بقبو نصف أسطواني، وينفتح الإيوان من الخلف على باب حجرة مربعة الشكل ومسقوفة أيضاً بقبو نصف أسطواني، ثم تنفتح هذه الحجرة على حجرتين صغيرتين يميناً ويساراً، وهما مسقوفتان أيضاً، أما الجدار الغربي من القصر فتوجد فيه ثلاث قاعات جميعها بعرض واحد تطل على الصحن بباب مستقل.
أهمية الموقع
عن الأهمية التاريخية لموقع القصر، يؤكد الآثاري فائز نعمان: بُني القصر في هذا المكان تحديداً ليكون نقطة اتصال تربط القوافل التجارية بدرب الساعي وطريق الفرات الواصل إلى حلب، كما يربط أيضاً القوافل الأخرى بطريق الحج.
تسميتان
أما تسمية القصر فيقول عنها السيد نعمان: إن تسمية القصر بالعطشان هي تسمية محلية تعود الى حادثة اندثار بئر الماء الموجودة في داخل القصر، التي كانت تعد المصدر المائي الوحيد في القصر، فضلاً عن إرواء المناطق المحيطة به.
الأخيضر والعطشان
يختتم نعمان حديثه عن تاريخ القصر فيقول: ارتبط تشييد القصر -تاريخياً وعمرانياً- بالإخيضر، فقد دلت الدراسات والبحوث الميدانية على أن القصر بني في نفس الفترة الزمنية التي شيد فيها قصر الإخيضر، وأن بعض المستشرقين أمثال (كريزويل) يحدد تاريخ بناء كل من قصري الإخيضر والعطشان بسنة (161 هـ – 778م)، أي ضمن الفترة العباسية، ويبقى تاريخه معلقاً لحين إنجاز جميع التنقيبات الأثرية في الموقع لحسم تاريخه, وعن تسميته الثانية بالخان، يقول السيد نعمان: إن أغلب الظن أن هذه التسمية أطلقت عليه في فترة متأخرة لنزول المسافرين والقوافل التجارية فيه والزوار المشاة الذين كانوا يستبشرون برؤية قبة الروضة الحسينية المقدسة.