ارشيف واعداد عامر بدر حسون /
تحدث معالي الأستاذ كامل الجادرجي رئيس الحزب الوطني الديمقراطي العراقي عن رأيه في الموقف الذي يجب أن يقفه العرب من التكتلات الدولية وعما اذا كان يؤيد فكرة الحياد وعقد معاهدة صداقة بين الدول العربية والاتحاد السوفيتي فقال:
ربط الدول العربية
يسرني أن أبين الآن وجهة نظري بصراحة في المحاولات الخفية وغير الخفية التي تقوم بها بريطانيا – ومن ورائها أميركا -لربط الدول العربية- واحدة واحدة على انفراد او بمجموعها ككتلة إقليمية ربطاً محكماً بما يسمونه بالكتلة الغربية.
مشروع دفاعي للدول العربية
وإذا لم يكن هناك من خلاف جوهري –على ما يظهر- بين أكثر الفئات الحاكمة في البلاد العربية والإنجليز حول هذا الموضوع فإن المثقفين الواعين من العرب على اختلاف طبقاتهم ليسوا في هذا الوادي، إذ أن الأمة العربية أصبحت تدرك كل الإدراك خطر الحرب وما سيصيبها من دمار وخراب، كما أصبحت تدرك أنه ليس هناك ما يبرر لها الاستسلام للإنجليز والأميركيين كي يفرضوا عليها مايشاءون فرضه من مشروعات مضرة بكيانها. ولما كانت الفئات الحاكمة من جهتها تعلم ايضاً أن هذا الاستسلام يضعف من مركزها، فليس من المحتمل أن تقدم على عقد اتفاقيات انفرادية مع الإنجليز والأميركيين، ولذلك لا يستبعد أن تعالج هذه القضية الخطيرة في بداية الأمر على أساس مشروع دفاعي ترتبط فيه الدول العربية بعضها بالآخر بوصفها كتلة إقليمية كأول مرحلة، ومن ثم ربط هذه الكتلة بإحدى حلقات الدفاع التابعة للكتلة الغربية كمرحلة ثانية، وفي اعتقادي أن محاولات الإنجليز والأميركان منحصرة الآن في تحقيق المرحلة الأولى التي يظنون أنها اذا ما تم تحقيقها سهل عليهم تحقيق المصلحة الثانية وهي السيطرة على هذا الجزء الستراتيجي المهم في الشرق الاوسط.
واجب العرب
ولذلك أصبح من واجب الدول العربية أن تعمل على اجتناب كل ارتباط من شأنه أن يورطها في هذه التكتلات بأية صفة كانت ويزج بها في أتون الحرب، وأرجو أن تكون الغاية التي يجب أن يهدف اليها ميثاق الضمان الجماعي العربي هي الوقوف موقف الحياد في الصراع القائم بين المعسكرين.
معاهدات صداقة مع الكتلتين
ولما كانت مصلحة الشعوب العربية تتطلب هذا الحياد فيجب ألا تقتصر علاقاتنا الدولية على دولة معينة او كتلة معينة وانما يجب أن نسعى لعقد معاهدات صداقة مع دول الكتلتين على السواء بحيث نضمن عدم قيام اعتداء ما على البلاد العربية، ولا يمكن أن يكون الضمان الجماعي المنشود ذا فائدة للشعوب العربية إلا إذا استهدف هذه الغاية.
وهنا سئل معاليه عما اذا كان يؤيد فكرة عقد معاهدات صداقة بين الدول العربية والاتحاد السوفيتي فردّ بالإيجاب وقال: إن كلامي واضح وصريح في هذا الشأن.
قضية مصر
وتحدث معاليه بعد ذلك عن القضية المصرية فقال:
وإني أود أن أقرر حقيقة لا أظنها خافية على إخواننا المصريين، وهي أن لمصر مكانة رفيعة في نفوس العراقيين قاطبة، وهذه المكانة لم تكتسب عفواً بطبيعة الحال وإنما اكتسبتها مصر بنضالها الطويل ضد الاستعمار وبموافقها الوطنية الرائعة، وكل ما نرجوه هو أن تزداد في نفوسنا هذه الثقة التي هي خير واسطة للتعاون بين مصر والدول العربية في المستقبل إن شاء الله.
على مصر أن تسلك الطريق
أما إذا لم تستجب بريطانيا لمطالب مصر القومية المشروعة، فعلى مصر أن تسلك الطريق الذي تسلكه الشعوب الحرة في سبيل التخلص من الاستعمار وأن تعتبر بالنهضة العظيمة القائمة في الشرق.