رجاء حسين /
مشروع خيري نسوي هو الأول في العراق، ميزته أنه مخصص للأم، وتقوده الأمهات أيضاً.. بدأت فكرته منذ عام ٢٠١٨ بتحويل المرأة الأم، في مؤسسة السيدة فاطمة، من مستهلكة الى منتجة، لكنه أصبح حيز التنفيذ عام ٢٠١٩ عبر فريق كربلاء النسوي الذي قاد هذا المشروع المهم..
الهدف والبداية
جاء المشروع الخيري التنموي “MOM مام” بهذا الاسم لأكثر من دلالة ، إذ أن (مام) تعني الأم، وتمثل المرأة عموماً، وحتى إن كانت غير متزوجة، فهي خطوة لتمكين المرأة التي تمثل المجتمع كله، سواء أكانت أرملة أم مطلقة أم متزوجة معنّفة، او غير متزوجة، وتوفير فرص عمل للأمهات.. أي النساء عموماً اللواتي دون عمل، والخياطة هي الحد الفاصل في توفير عمل لهن..
يبدأ المشروع بدورة تدريبية للمرأة “الأم” تستمر شهرين لتعليم الخياطة، سواء أكانت للأم خبرة ما بالخياطة أم أنها تعرفها بشكل بسيط، أم أنها جديدة عليها تماماً، إذ يتعلمن خلال هذه الدورة كيفية التفصيل وأخذ القياسات والتطريز والخياطة على الماكنة ضمن خمسة أيام في الأسبوع، من الثامنة صباحاً وحتى الثانية عشرة ظهراً، مع توفير نقل مجاني ووجبة طعام مجانية.
تتحدث مديرة المشروع، السيدة أم سيف، لـ “الشبكة” عن كيفية اختيار الأمهات ومميزات المشروع وأهدافه بقولها: “نحن فريق متكامل يدير هذا المشروع الاستثنائي، وليس ضمن فرد واحد مسؤول، إذ أن كل واحد منا يكمل الآخر، وفريق كربلاء للمشروع يتكون من مسؤولة مالية ومسؤولة ورشة وباحثة اجتماعية ومن الأمهات الموجودات العاملات في المشروع، كذلك هناك سبعة أشخاص مسؤولون عن الجودة في الإنتاج، وهو فريق نسوي بحت.. أما طريقة اختيار الأمهات فتكون حسب الأولويات لهن من خلال دقة المعلومات التي تؤخذ منهن من قبل الفريق، وكذلك الباحثة الاجتماعية، فكل واحدة منهن حسب حالتها المادية التي تعاني منها، سواء أكانت أرملة أم مطلقة أم متزوجة أم خريجة بلا معيل او عمل.. لذلك لا يتم منحهن فرصة الالتحاق بالدورة والعمل بعدها بشكل اعتباطي، إنما حسب حاجتهن الفعلية لتمكينهن في المجتمع بالاعتماد على أنفسهن دون الحاجة لأحد.” تضيف أم سيف: “بعد التخرج من الدورة يتم تقييم الأم من قبل لجنة مختصة بالخياطة، والتقييم لا يشمل عمل الخياطة وخطواتها فقط، بل السلوك العام للأم من حيث الالتزام أثناء الدورة التدريبية، وطريقة تعاملها مع باقي الأمهات، ومدى تعاونها مع الجميع وحبها للعمل، لتتحول بعدها الأم الى الإنتاج والمباشرة في العمل براتب شهري ثابت.”
بناية وتأهيل
مكان المشروع الذي يقوم بالتأهيل والإنتاج يقع في كربلاء – حي شهداء الموظفين، ضمن عمارة تتكون من ثلاثة طوابق وتشمل: الطابق الأول يتضمن بيع المنتجات الوطنية من الألبسة التي أنتجتها الأمهات، وهي ملابس أطفال ونساء، وملابس طبية أيضا، إما الطابق الثاني فهو للإنتاج، والطابق الثالث هو قسم التدريب للأمهات.
ما يوفره المشروع
بعد تخرج الأمهات من الدروة التدريبة سيتوفر لهن الآتي: أولا راتب شهري ثابت، سواء كان الإنتاج والبيع قليلاً، أم في تزايد، فلا علاقة لذلك براتبها الشهري، بل إنها تحصل على حوافز تشجيعية فيما لو أنجزت عملها بصورة جيدة وبوقت قياسي. ثانياً ضمان صحي من خلال مستشفى (الإمام الحجة) حيث يتم توفير الرعاية الصحية المجانية للأم وعائلتها على حساب المؤسسة، مع وجبة طعام يومية مجانية وخطوط نقل مجانية. ثالثاً بناء شخصية الأم وحل مشاكلها بمساعدة الباحثة الاجتماعية، مع محاضرات مستمرة ومواضيع مختلفة عن تربية الأطفال والاعتناء بالنفس والاعتماد عليها والتعبير عن الضغوط التي يتعرضن لها والتخلص منها ومن طاقتها السلبية، أي أنها تنمية بشرية لهن يومياً خلال نصف الساعة الأولى صباحاً قبل العمل.
مشاريع مقبلة
“هدفنا ليس ربحياً مادياً فقط، بل كلنا طموح في تمكين الأمهات، ودعم المنتج الوطني، وتعزيز دورهن في المجتمع.” هكذا انطلقت السيدة أم سيف وهي تؤكد المشاريع المقبلة بقولها: “نسعى في العام الجديد الى تثبيت خط الإنتاج للورشة وفتح أكثر من فرع للمشروع، ونحن مقبلون على فتح فرع في النجف الأشرف قريباً، كذلك أن لا يقتصر مشروع (مام) على الخياطة فقط، بل نسعى أن تكون للطبخ والأكلات الجاهزة التي تعملها الأمهات في البيوت حصة الى جانب الخياطة.”
تضيف أم سيف: “كذلك نسعى الى تفعيل مشروع (الهاند ميد) مع الخياطة، إذ أن كل ما تصنعه الأمهات في بيوتهن من أعمال خاصة بهن، كالحياكة والأعمال اليدوية والسلات والكوشات والسيراميك، يعرض في الطابق الأول من البناية ويكون الربح للأمهات فقط، لتشجيعهن ودعمهن.” تختم أم سيف رحلتها مع “الشبكة” برسالة فريق مشروع (مام) بأنه “المشروع الذي يأخذ بيد المرأة من حيث يعتقد الآخرون والمجتمع أنها انتهت.. لتنطلق بدايتها بحياة جديدة واكتفاء ذاتي وفرصة صناعة حياة.”