ظاهرة نقص فيتامين D حقيقة أم افتعال؟

19

رجاء الشجيري

من منا لم يفاجأ، عند إجرائه تحاليل طبية، بنقص حاد أو متوسط في فيتامين DD، أو إدراجه دون النسبة الطبيعية المقررة طبياً؟ فما الذي أدى إلى هذا النقص شبه الجماعي؟ وهل هي ظاهرة عالمية أم محلية؟ ما أسباب انتشارها؟ أسئلة طرحتها “”الشبكة العراقية”” على أطباء ومختصين في المجال الطبي، لمعرفة صحة وجودها أم أنها ظاهرة مفتعلة من أجل التسويق؟

فيتامين (D) من الفيتامينات المهمة التي تحافظ على صحة كل من الهيكل العظمي والعضلي معاً، وذلك لدوره الرئيس في الحفاظ على توازن الكالسيوم في جسم الإنسان، فهو يختلف عن الفيتامينات الأخرى، وذلك لأن جلد الإنسان، إضافة لأشعة الشمس، يدخلان في عملية تصنيعه، بالتالي فإن نسبة وجوده ترتبط بالشمس والجلد المكشوف لاستقباله، وتصاحب فقدانه أعراض شائعة، منها الخمول وفقدان الطاقة، وآلام المفاصل، وهشاشة العظام، والاكتئاب، وزيادة الوزن.
معلومات خاطئة
في سؤالنا الذي طرحناه على الدكتور خالد الدليمي، اختصاصي التغذية، عن تزامن انتشار هذه الظاهرة منذ تفشي مرض كوفيد 19حول العالم، وإلى اليوم تحديداً. أجاب (الدليمي): “انتشرت معلومات خاطئة حول فيتامين (D) وإمكانية علاجه لكوفيد (19)، مع أن فائدته تحمل جزءاً من الحقيقة.” مشيراً لمواجهتهم، آنذاك، صعوبات في تلقي المعلومات الصحيحة والتعامل معها علمياً ومختبرياً، وأن هلع الناس بشأن تعاطيه في تلك الفترة جاءت لتعزيز دوره في تقوية نظام المناعة. مبيّناً أن علاجات مثل (هيدروكسي كلوروكين)، و(إيفرمكتين) مع فيتامين (D)، كانت كلها في طور الدراسة التجريبية، التي تشير إلى أن العلاج يمكن أن يكون فعالاً، وبعد إجراء المزيد من الأبحاث اكتشف عدم فعاليته، لكن هذا لا ينكر حقيقة نقصه عند الأشخاص في جميع أنحاء العالم.
(الدليمي) أوضح أن من الأسباب المهمة الأخرى التي تسبب نقص فيتامين(D)، إضافة إلى عدم التعرض لأشعة الشمس، وهو السبب الأكثر شيوعاً، عدم احتواء النظام الغذائي على هذا الفيتامين، ما يؤدي إلى ضعف العضلات والعظام، والشعور بالألم، وتساقط الشعر، والوهن، وغيرها من الأعراض. لافتاً إلى أهمية إعطاء الأطفال الرضَّع مكمّلات الفيتامين منذ الولادة، وذلك لاحتواء حليب الأم على نسبة قليلة منه. منوهاً بأن الأطعمة المُدعمة، تعد المصدر الغذائي الأكثر شيوعاً له، ولاسيما الحبوب ومشتقات الألبان، فضلاً عن وجوده في زيوت كبد السمك والأسماك الدهنية ومحّ البيض والكبد.
مشكلة عالمية
فيما عدَ الدكتور صادق محمد الهماش، استشاري الأمراض القلبية والباطنية والأطفال، ظاهرة نقص الفيتامين بالمشكلة العالمية، وبأنهم، كجهة علمية طبية، لا يمكنهم إلا التوضيح بنقصه فعلاً بعد التحليل، دون تلاعب أو تغيير في النسب، مضيفاً: “في بعض المدن، لندن مثلاً، توزع أقراص هذا الفيتامين على البيوت كروتين مهم، بسبب النقص الحاد عند أغلب الناس.” معللاً هذا الإجراء بسبب نقص الفيتامين عند المواطنين هناك، إذ لم تتوفر سابقاً مختبرات دقيقة تحلل وتكشف مستوى ونسب وجوده في جسم الإنسان كما هي موجودة الآن.” مشيراً: “وبسبب هوس غالبية الناس لتناوله دون استشارات طبية، أو تحليل مختبري، بدأنا نلاحظ زيادة وجوده في أجسام المرضى، حيث أن النسبة الطبيعية التي حددتها منظمة الصحة العالمية تتراوح من 25 – 30 ملغرام، في حين نجد أحياناً عند بعض المرضى نسباً تصل إلى 100ملغرام، ما قد ينتج حالات تسمم في أجسامهم.”
طلب متزايد
فيما بيّنت الصيدلانية سبأ نصر، وبسبب تماسها في العمل مع الطلب المتزايد عليه، أن حصة الشراء لهذا الفيتامين هي الأعلى بكل أنواعه، سواء أكانت حبوباً أو حقناً، لافتة إلى أن بعض المراجعين يتناولونه دون إجراء تحليل، مضيفةً: “وهذا خطأ فادح قد يعرض حياتهم للخطر، فكم من حالات ثبت وجود زيادة لديهم بسبب إصرارهم المستمر على أخذه دون أي اشراف طبي يسوغ ذلك.” موضحةً وجود أخطاء في طريقة تعاطيه، حتى لمن يعانون النقص فيه، تتمثل إما بكمية الجرعة، أو في كيفية تناوله بين فترات محددة.
تعويض الفيتامين
عن أسباب نقصه الرئيسة، تحدثت الدكتورة هند زهير، اختصاص طب الأسرة والطفل قائلةً: “لا يمكننا تجاهل نقصه الملحوظ لدى الناس، فالمشكلات والأضرار التي يسببها كثيرة، وبالذات عند الأطفال، ومنها الكساح وانحناء الساقين.” مشيرةً إلى أن طريقة تعرضنا للشمس، وأوقات استفادة أجسامنا منها ليست صحيحة ومتاحة ضمن وعي وثقافة علمية، إذ إن التعرض لأشعة الشمس يجب أن يكون في أوقات محددة من الصباح، ولأغلب أجزاء الجسم. مضيفةً: “نلاحظ هنا، تجاهل هذه الأوقات المحددة، التي يكون فيها الناس في أماكن مغلقة، وإن صادف وتعرضنا لها في هذا الوقت المحدد، نجد أن جميع أجزاء الجسم قد غطيت بملابس كثيرة، مع نظارة شمسية، بالتالي، كيف يمكن للجسم الاستفادة من أشعة الشمس؟!”
لهذه الأسباب، وغيرها، ترى (زهير) أن من الطبيعي ملاحظة نقص الفيتامين المنتشر بين غالبية الناس، تضاف إليها عوامل أخرى تتعلق بنوعية تغذيتهم وطبيعة مناعتهم، وغيرها.