الكاكائيون: ديانتهم الإسلام وعقيدتهم التوحيد!

2٬954

عامر جليل ابراهيم/

الكاكائية.. احدى الطوائف الروحانية العرفانية التي نشأت حديثاً، ديانتهم الاسلام وعقيدتهم التوحيد، يتكلمون الهورامية التي تعتبر أم اللهجات للغة الكردية، وينتشرون في كركوك والموصل وديالى وبغداد واقليم كردستان وايران وتركيا.

تعرض الكاكائيون، شأنهم شأن الكثير من الطوائف، الى شتى انواع التنكيل والتهجير من قبل زمر داعش الإرهابية لكنهم تمسكوا بهويتهم وانتمائهم الى ارض العراق التي عاشوا فيها بسلام منذ مئات السنين.
واستكمالا لمشروع “مجلة الشبكة” بالتعريف بتنوع المجتمع العراقي كان لها هذا الحوار مع امير الطائفة الكاكائية العام سردار ارجمند وممثل الكاكائية في وزارة الأوقاف الدينية في اقليم كردستان هاشم عاصي سعيد.

من هم الكاكائيون؟

يؤكد سردار ارجمند امير الطائفة الكاكائية العام أن الكاكائية هي احدى المذاهب والطوائف الروحانية العرفانية العلوية، نشات على يد السيد اسحق والذي اشتهر بالسلطان اسحق في مناطق شهرزور وينحدرون من سلالة الإمام علي. والكاكائية طائفة توحيدية قديمة معروفة في العراق، تسكن في مناطق مختلفة في العراق مثل كركوك والموصل وديالى وبغداد واقليم كردستان, لهم معتقدهم الخاص الذي استمر لفترات طويلة وتعرض للتغيير خلال مسيرة الكاكائية الطويلة التي تمتد لمئات السنين, ورغم ذالك استمرت هذه العقيدة التوحيدية وأثرت وتأثرت بالأديان والأفكار التي سبقتها والتي تلتها, وهذه حالة طبيعية لحركة الأفكار والمعتقدات التي تتطور مع تقدم الزمن وتطور الانسان.

* ماهو تاريخ الكاكائية؟

– تاريخ الكاكائية بدأ في العام 1290 م 670 هـ، بدأه السلطان اسحق ابن شيخ عيسى البرزنجي الذي كان من اصحاب التكايا وله اتباع ومريدون، انهى السيد اسحق تعليمه في المدارس الدينية ثم انتقل الى بغداد في المدرسة النظامية وبعدها الى دمشق ومن ثم الى تركيا، ساهم في دراسة فكر العلويين آنذاك واستطاع جمع واستقطاب الكثير من الأتباع الذي نشروا فكر التعويم والتوحيد وبالطرق الإيمانية العرفانية. بعده قام ابنه السيد محمد بتوسيع الكاكائية في مناطق العراق وايران وتركيا، ثم خلفه ولده السيد ابراهيم والمدفون في بغداد وله مزار ويعتبرمن المزارات المشهورة في بغداد وكانت تلك المراحل هي مراحل ازدهار الكاكئية في العالم الاسلامي.

* ماهي عقائد الكاكائية؟

– عقيدتنا التوحيد، ونؤمن ببدايات التكوين الكوني والانسان والحياة والروح وعما قبل الحياة الدنيا وعما بعدها وعن العلاقة بين ما قبلها وما بعدها، فالعقيدة تتناول مباحث الايمان والاعتقاد بالخير والشر وما اجمع عليه ائمتنا ومشايخنا والتسليم التام لله تعالى والحكم والطاعة والاتباع لرسوله، فالعقيدة الصحيحة عندنا الأعمال وهي الثوابت العلمية والعملية التي نجزم ونوقن بها وجوهر العقيدة هو التوحيد والروحانية الباطنية.

وكغيرنا من الطوائف نعتقد بعدة عقائد ونقدسها نعتبرها عماد طائفتنا وهي بالمجمل عقائد انسانية مشتركة، فنحن نعتقد بالطهارة حيث على كل واحد منا أن يكون طاهرا، نظيفا في الظاهر والباطن، ويجاهد النفس بجعلها نظيفة، سواء في الجسم، أو الروح، اللباس، الفكر، أو العمل، ونعتقد بالصدق فهو السبيل الصحيح للقيام بما امرنا الله به، ونقول بالفناء بمعنى الابتعاد كليا عن التكبر والغرور والأنانية وهوى النفس، والرذائل الأخلاقية، لكي يتم التسامي إلى الحق تعالى، واخيرا العفو أي المغفرة، والإحسان، حيث يجب على كل إنسان ان يمد يد العون والمساعدة للمحتاجين، لكي يكسب رضى الله سبحانه وتعالى.

ومن يستند إلى هذه الأركان الأربعة في حياته، يصل الى مرحلة الفناء في الله، وتستجاب دعواته، وينال لطفه ورحمته.

وعن سر قربهم من الإيزيدية يقول امير الطائفة الكاكائية أن طائفتهم مستقلة لاتربطها بالايزيدية الا العلاقات العامة وحسن الجوار ومن المحتمل ان تكون هناك مسائل مشتركة حالها كحال باقي الأديان كالمسيحية واليهودية وغيرها.

وأوضح أن جميع الايام مقدسة عند الكاكائية ايمانا منهم بان الانسان عليه ان يستغل يومه للقيام بالاعمال التي تخدم المجتمع وأن يومي الاثنين والخميس مباركان بشكل عام لدى المسلمين، ونحن كطائفة مسلمة نقدس مايقدسه المسلمون.

ولغة الكاكائية الأم هي الهورامية التي تعتبر ام اللهجات للغة الكردية، اضافة الى لغتنا الأم نتكلم لغة المنطقة التي نعيش فيها هي اين ما كنا فنتكلم الكردية في المناطق الكردية والعربية في المناطق العربية وكذلك الحال في تركيا وايران.

طقوس

* لكن ماهي طقوسكم في الزواج والوفاة؟

– بالنسبة للزواج فهو عقد مبارك ومن سنن الله تعالى في الكون وتقام نفس الطقوس والاجراءات المتبعة حسب الشريعة الاسلامية شرعا ومدنيا وفق قانون الاحوال المدنية العراقي، والوفاة تكون ايضا بنفس الطقوس المتبعة في المنطقة الموجودين فيها ولكن وفق الشريعة الاسلامية.

واشار الى ان سر طول الشارب عند الكاكائية انما هو موروث ثقافي يتمسك به الكثير من ابناء الطائفة كمثلهم من الموجودين في المنطقة ولكنه خف في الآونة الاخيرة وتغير مع العصر الحديث بصورة عامة. كما ان لدينا زيا خاصا بنا ونعتز به كثيراً وهو موروث من اجدادنا ويتكون من الصاية والجاكيت مع ربطة الرأس التقليدية.

وقال امير الطائفة الكاكائية: ليس لدينا تمثيل حقيقي في البرلمان العراقي ونعتبر من المهمشين في العراق. ولكن لدينا مجلس يتكون من كبار القوم والعشائر واخر برئاستي باعتباري امير الطائفة. علما ان أغلب مناطقنا سقطت بيد الزمر الإرهابية الداعشية واستهدف الإرهاب ابناء الكاكائية في جميع مناطقهم حيث قتل الكثير من ابنائنا في ديالى وبغداد وكركوك وصلاح الدين والموصل وقدمنا المئات من الشهداء وتم استهداف قرى الكاكئية وتدميرها في داقوق والحمدانية في الموصل.

مندمجون في الجيش والمجتمع

ويتحدث ممثل الطائفة في وزارة الأوقاف الدينية باقليم كردستان هاشم عاصي سعيد أن ابناء الكاكائية مثلهم مثل كل العراقيين مندمجون في جميع صنوف القوات العراقية وليست لنا قوة عسكرية محددة غير افراد القبيلة ودورهم معروف في التصدي للهجمات الاخيرة وكان لهم الدور الأساس عندما دخل داعش الى كركوك حيث استشهد العديد من ابنائنا ومنهم في قوات الجيش والبيشمركة والشرطة الاتحادية والمحلية، دفعنا بابنائنا للدفاع عن وطنهم وشهداؤنا موجودون في كل جزء من ارض العراق.

ويضيف هاشم: بعد سقوط النظام السابق في 9 نيسان 2003 الذي حكم العراق مدة 35 عاما كانت الكاكائية كغيرها من مكونات الأخرى محرومة من حقوقها الدينية والإدارية, ولم تذكر في الدستور العراقي كديانة, وفي دستور العراق الجديد ايضا رغم المحاولات العديدة.

وبعد العام 2003 دخل أبناؤنا في صفوف القوات المسلحة الجيش والشرطة وقوات البيشمركة, وقد قدم الكاكائيون شهداء وضحايا في سبيل الوطن، لذا قامت تيارات دينية متطرفة باستهدافنا بحجة اننا لسنا مسلمين ونعتونا بالهرطقة.

ان اختلاف الكاكائية كمذهب عن المذاهب الإسلامية كان من الأسباب الجوهرية وراء استهدافهم من قبل بقايا البعثيين والتنظيمات المتطرفة، التي سعت بكل الوسائل للانتقام من الكاكائية, وبدأت اولا بقتل المنتسبين الى الأحزاب السياسية ومنتسبي القوات المسلحة, ومن ثم اتجهوا لاغتيال المواطنين العاديين داخل المدن, ورمي المنشورات التي تهدد الكاكائية بالقتل في حالة عدم الرحيل عن مدينتي كركوك والموصل, وقد اسفرت هذه العمليات عن مقتل نحو 250 مواطنا من الأطفال والنساء والشباب, وقد هجرت اكثر العوائل الساكنة في مدينة الموصل قاصدين مدن وقصبات اقليم كردستان.

وفي الموصل، نفذت المجموعات الإرهابية عملية اعد لها مسبقا لتدمير اهم المراكز الدينية المتمثلة بمقام شاه هياس في قرية وردك, ومقام باوة حيدر, ومقام باوة يادكار وبير دستوة اذ تم تفخيخه وتفجير مقام شاه هياس في ليلة 21 /22 كانون الثاني 2014, وكان الهدف الأساس من ورائه استهداف الكاكائية في معتقدهم, ولم تكتفِ تلك الجماعات بتلك الأعمال بل خططت هذه المرة لتدمير قرية وردك بالكامل كونها تعد اهم قرى الكاكائية من النواحي الدينية والسياسية, واكبرها من حيث الحجم السكاني, اذ يزيد عدد عوائلها على 600 عائلة.

ومع بداية هجوم داعش على مدينة الموصل تم احتلال مناطق الكاكائية حيث نزح اكثر سكان المدينة وخاصة الكاكائية والشبك والمسيحيون من جميع المناطق التي كانوا يعيشون فيها، مثلا كان اكثر الكاكائية يعيشون في 7 قرى تابعة لقضاء الحمدانية وبلغ مجموع النازحين منهم 20 عشرين ألفا الى ناحية خبات وقصبة سوفية التابعين الى اربيل.

وبعد تحرير مناطق الكاكائية عادت نسبة من النازحين لا بأس بها الى قراهم المدمرة والمحروقة من قبل داعش وكانت اكثر البيوت ملغمة ولم يتم رفع هذه المتفجرات بشكل جيد حيث ادت الى استشهاد عدد من المواطنين الذين عادوا الى ديارهم لأن لديهم رغبة ملحة بالعودة وذالك لتمسكهم بقراهم ومزارعهم رغم وجود الصعوبات وعدم الطمأنينة على حياتهم وان يتوفر لهم مستقبل ايجابي، لذلك فإن الأمن والاستقرار لمناطق الكاكائية وغيرهم هما اساسيان لضمان اعادة التوطين للمرة الثانية واعمار ما تدمر من البيوت والمدارس واماكن العبادة والمزارات المقدسة ومساعدتهم ماديا.

وبخصوص حماية الأقليات في الإقليم هناك قانون رقم 5 لحماية المكونات الدينية والقومية اعترف فيه بالديانة الكاكائية، ولكن مع الأسف الشديد لم ينفذ ولم يعط لهم، لحد الآن، حق التمثيل في وزارة الأوقاف او مشاركتهم في المجالس الادارية, وان هذا القانون بالنسبة للكاكائية كان حبرا على ورق وإرضاء للأمم المتحدة والمنظمات الدولية فقط.