الطقوس العراقية في رأس السنة لمّة محبّة وصواني كليحة..

271

ليث صبحي عبد/

ليلة العمر الميلادي، كأنَّها “تعلولة” فرح عراقي ولمّة محبة مُطعمة بصواني (الكليجة) وأطباق المكسرات البغداديّة بالعسل، فاجتماع العائلات في الثقافة العراقية مهم جداً من أجل الاحتفالات وتبادل التهاني والمحبة، ولاسيما بمناسبة رأس السنة، إذ تزين المنازل والطاولات بأجمل الديكورات والأكلات الشهية، وتتجه العائلات إلى إعداد أفخم وجبات العشاء المعروفة عند جميع أبناء العراق.
تعد رأس السنة مناسبة مهمة بالنسبة للعائلات العراقية في الداخل والخارج، إذ تحتفل العائلات ببداية العام الجديد وتجتمع لتناول الطعام والحلوى وتبادل التهاني والهدايا، وتكون الأسرة وتجمعها محوري الاحتفالات في رأس السنة الجديدة، لأن المشاركة والتجمع هما ركيزتان أساسيتان داخل لبنات المجتمع العراقي.
طقوس وقيم تراثية
تتجلى طقوس العائلة العراقية في تواصلها، فهي تجمع الأفراد وتعزز الروابط العائلية؛ وهي بذلك تعلم الأجيال الصغيرة قيم التراث والأهمية الحقيقية للأسرة والمجتمع، وبخاصة أن هذا التجمع يعد ملجأً للأفراد في الأوقات العصيبة، وفي الوقت نفسه تدعمهم وتحتضنهم بمحبتها وودها. وفي النهاية، فإن العائلة العراقية تحمل بين جنباتها العديد من القيم الجميلة التي تدعم وتنمي أبناء المجتمع العراقي وتحث على تآزرهم.
وبالوقوف على تزيين المنزل برأس السنة، يبدأ الإعداد لرأس السنة في تزيين المنزل بأجمل الديكورات والأضواء والزينة الملونة والشجرة المضيئة والفرش الملائم للمناسبة، وهم بذلك يستخدمون اللونين الذهبي والأحمر بشكل كبير في تزيين المنازل لرأس السنة، وتعلق الأضواء الملونة في الحدائق والشُرف والنوافذ. والهدف من ذلك هو إضفاء جو مميز للمنزل والتزامن مع جو الاحتفالات الذي يعم الناس في تلك الأيام.
ثقافة وجمالية شعبية
ضمن مشوار الاحتفال بطقوس رأس السنة يجري الاهتمام بوجبات الطعام، التي تعد جزءاً مهماً من احتفالات رأس السنة، فالعائلات العراقية تحرص على تحضير أطباق من الأكلات الشهية التي تعكس تراثهم وثقافتهم، وتتنوع الأطعمة بحسب المنطقة والحضارة المرتبطة بها، فمنها الأكلات الشعبية، كالكبة والدولمـــــة والشـــعرية وغـــيرهــــا، فضلاً عن إعــداد وجبات فاخرة كـ (المندي والبرياني)، ما يضفي البهجة على المائدة المزينة بها بتلك المناسبة.
على الجانب الآخر، هناك جملة شعائر يحتفل بها في رأس السنـــة، إذ يتبـــادل الأهـــــل والأصدقاء والمعـــارف التهــاني والتبريكــــات بهذه المناسبــــة، إذ إن هــذه الشـــعـــيرة ركــــن أساسـي من الاحتفال، وبذلك يستخدم العراقيون عبارات مختلفة تعبيراً عن التمنيات بالسعادة والخير والنجاح في العام الجديد، مثل “كل عام وأنتم بخير” و”عام جديد سعيد” و”مبارك السنة الجديدة”.
في الزاوية الثانية، توجد عادات وتقاليد لدى العراقيين للاحتفال برأس السنة، التي تختلف من منطقة الى أخرى، فمنهم من يعمل على تنظيف المنازل قبل حلول العام الجديد، ومنهم من يلجأ الى حرق الأعشاب اليابسة كرمز لبداية جديدة. ويجدر الذكر أن مدينة كربلاء تتميز بطقس خاص بها، اذ يحيي الزائرون للمدينة الإسلامية السوق الشعبي، ويرتادون المنطقة المقدسة قريباً من الاحتفال، وبمختلف العادات والتقاليد يستقبل العراقييون العام الجديد بكل فرح وسرور.
هدايا وتقاليد محبّة
هنا لا بد من ذكر تبادل الهدايا في رأس السنة وأفكارها؛ ولاسيما أنها أمر مهم لا يكمن الاحتفال برأس السنة في العراق من دونه، فيحرص الأشخاص على تقديم الهدايا للأصدقاء والعائلة للتعبير عن المحبة والتقدير، ويمكن الاختيار من بين العديد من الأنواع المختلفة من الهدايا التي تناسب الأفراد المختلفين. ومن الأفكار الرائجة للهدايا في رأس السنة هي المصنّعة يدوياً والهدايا الشخصية، مثل الأزياء والأكسسوارات والأدوات المنزلية والأجهزة الإلكترونية.
وفي العودة للأكلات التقليدية في رأس السنة بالعراق، فهي تشتمل على العديد من الأشكال والنكهات والأصناف، بضمنها: الحلويات مثل الكليجة والبيتفور والجلاب والتمر مع المكسرات والعسل. بالإضافة الى الأطباق الرئيسة مثل الدجاج المحشي والكبة والمندي والقوزي والأرز باللحم. وتختلف وصفات هذه الأطباق بين منطقة وأخرى في العراق وبين محافظة وأخرى، ويتميز كل منها بمكوناته الخاصة ونكهاته الفريدة، وهي تمثل التقاليد الأصيلة للبلد، وتعد جزءاً منفرداً لــكـــل مكـــان، وهـــي تمنح بدورها فرصة للاجتمــاع والتواصــل، وبخاصة عند استضافة الاشخـــاص الأقـــــارب للأســـــرة، ومشـــاركة تناول الطعام بشكل جماعي فــــــي المـــــنزل، وحيـن يجـــري تنــاول الأكلات المتوارثـــة فـــي رأس السنــــة يصبــــح الاحتفــــال المـــرتقــــب بمطلع كل سنة ميلادية إيذانــــاً وتعبـــــيراً عـــن الحب والتقدير للأسرة والأصدقاء.