اضرب القدوة.. وشاهد (باربي)

249

كيف يمكنكِ أن تنجحي كامرأة مستقلة وقوية؟!
.. اتبعي التعليمات الآتية:
– تخلَّصي من الرجل.. وأي شيء له علاقة بالذكورة والمجتمع الذكوري (!!)
– تخلَّصي من الأمومة والأطفال والمسؤولية.. والمطبخ وتبعاته (!!)
– تمسَّكي بحقّك في الإجهاض المتكرّر (!!)

أعلاه.. ليس رأيي.. ولا أتبنّاه.. وناقل الكفر ليس بالضرورة أن يكون معتقداً به إطلاقاً.. بل هو المختصر المفيد لفكرة الفيلم المتصدر لشباك التذاكر في الولايات المتحدة وأوروبا، والممنوع في بعض الدول العربية، (باربي).
(باربي) في الفيلم.. فتاة جميلة.. أنيقة.. تعيش حياتها بحرية بحجم الكون.. صاحبة الشخصية القوية المواجهة لعالم ذكوري عفا عليه زمن يمكن فيه العيش مع رجل.. أو حتى رجال العائلة الممتدة.. بلا حسيب ولا رقيب.
(باربي) بفكرتها المُسوَّقة في الفيلم السينمائي، أو حتى في أساس اختراعها كدمية، قُدِّمت أولاً باسم (ليلي) ذات المظهر الجنسي، الذي تلقفته بعد ذاك سيدة الأعمال الأمريكية (روث هاندلر).. لتصنع منها (باربي اليوم)، لم تكن بعيدة.. بل كانت في أساس فكرة تسويقها بكل ما تحمله من أفكار بعيدة عن تطبيقها لنظرية (التّعلُّم بالنمذجة) للعالم الكندي (البرت باندورا 1925-2011)، التي يتلخص فحواها في: (أن الفرد قادر على فعل شيء معين، وبالتالي يمكنه أن يكرّر ويعمل ذات الشيء من خلال المشاهدة والتقليد والمحاكاة والتكرار)، ومن هناك أفضل من هذا النموذج الذي نسوقه كأيقونة لكل نساء العالم.. أفضل من (باربي)؟!
واذا ما ربطنا نحن، بعد ذاك، ما ذكره الفيلسوف والطبيب والكاتب المصري (مصطفى محمود 1921 – 2009) في كتابه (قراءة للمستقبل)، وهو بالمناسبة أحد كتبه من مجموع مؤلفات تجاوزت الـ (89) كتاباً إذ يقول:
إنَّك اذا ما أردت أن تهدم حضارة.. أية حضارة.. عليك بثلاث لا غير:
أولاها: يتمثّل بهدمك للأسرة.. فإذا ما غابت الأسرة غاب الإنسان وحلَّ الضياع، ولكي تهدم الأسرة.. عليك بتغييب دور الأم، مع زيادة الترسيخ النفسي والاجتماعي لديها بضرورة أن تخجل من دورها الفطري في تكوين أسرة وأطفال ومسؤولية منزل، وأعمال مطبخ (مقرفة)!!
مع التأكيد عليها بضرورة استيعاب مفهوم الحرية المطلقة، وضرورة التمرد على الأب – الزوج – الأخ.. وما شابه، وأن تتمتّع بشخصية قوية ومستقلة في مجتمع ذكوري لا يرحم، ولا يسمح لها بعد ذلك بحق الإجهاض!!
وثانيها.. عليك بتهديم التعليم، والتقليل من قيمة المعلم ومكانته، مع ضرورة أن تجعله موضع (احتقار) وقلّة قيمة أمام طلابه ومجتمعه، وبالتالي ليست هناك ضرورة أن تنقلب الدنيا ولا تقعد إذا ما قدّم الطالب لأستاذه (سيجارة) بداعي (الأريحية)، لكون الحياة قد تطورت، والمفاهيم قد اختلفت وفقاً للمعايير الأخلاقية الحديثة المستوردة!!
وثالثها.. اسقط القدوات والمرجعيات (الأب – المعلم – العالم – الأم – الناجح – الملتزم -العصامي..الخ) واطعن بهم، وقلّل من إنجازاتهم وشكّك في طروحاتهم وآرائهم وحرصهم تجاهك، وصولاً إلى صمّ الآذان تجاه نصائحهم المرتكزة على المركزية الأبوية (الأسرة –الجامعة – المدرسة..الخ).. ووصولاً إلى عدم الإصغاء لهم بداعي (شبّ عن الطوق عمرو)..
وماذا بعد ذلك؟!
وأي بعد ذلك.. مما ذكر؟!
فاذا ما غُيِّبت الأم الواعية.. وتلاشى دور المعلم.. وأسقطت من عين الأبناء القدوات والنماذج المشرّفة التي يحتذى بها كضرورة لمجتمع سليم أسّس الله مرتكزاته في أساس كتبه المُنزَّلة.. يتبادر إلى الذهن السليم سؤالٌ.. ما النتيجة المنتظرة بعد كل ذلك؟!
الجواب.. لا شيء.. أكثر من ثمن بخس تحتاجه لشراء تذكرة مشاهدة فيلم (باربي) ولنزيد من غلّة مردودات الفيلم الذي تجاوزت مدخولاته لحد الآن.. المليار دولار(!!)