الأمانة: المواطن هو المتسبب بنقص مياه الاسالة وتلوثها

752

بشير الاعرجي/

عند مراقبة فلاتر جهاز تنقية المياه الذي اصبح لا غنى عنه في اي منزل، نرى تغير لون تلك الفلاتر من الأبيض ثم الأصفر الى البني مع مرور الوقت، ومن يلمس الرواسب في الفلتر يجد انها عبارة عن “طين” تسرب مع مياه الاسالة صوب جهاز التنقية، وهنا تبدأ عملية التغيير الاسبوعي، حفاظا على ديمومة الحصول على ماء نقي.

ولو لم يكن الفلتر موجودا، لترسبت الأطيان في الكليتين، لكن هل من السهل تغيير الفلتر البشري، كما نغيره في الجهاز المنصوب على صنبور ماء الاسالة! بالطبع لا، غير ان هناك الكثير لا يملكون اجهزة تنقية المياه، ويستخدمون في افضل الحالات مياه معبأة، ولا يعلمون انها ضيفا شريرا على صحتهم، ولا تقل خطرا عن مياه الاسالة الملوثة.

مياه الاسالة نقية 100%!

في موسم الصيف، أول ما يفكر فيه المواطنون، هو البحث عن ديمومة تجهيز الكهرباء والماء الصالح للشرب، فمن دون هاتين الخدمتين تكون الحياة قاسية جدا ومن الصعب تجاوز اشهر الصيف من دونهما، لكن هل يكفي حقا الماء المنتج من المجمعات الحكومية المواطنين، كما تعلنها على الدوام الجهات المختصة؟، ومن المتسبب في هذا النقص؟، ولماذا يتزود المواطنون بمياه ملوثة تحتوي على شوائب تصل الى مرحلة عدم صلاحياتها للاستخدام البشري، على الرغم من اعلان الجهات المختصة ان مياه الشرب نقية 100%؟ فيتجه المواطنون صوب قناني المياه المعبأة لارواء ظمأهم، ولا يعلمون انها تسبب الأمراض لهم.

مياه العاصمة بغداد واحدة من الأمثلة التي نستطيع من خلالها التعميم على باقي مدن العراق من ناحية نسب تسلم المواطن لكميات كافية من المياه بشكل يومي، ونوعية هذه المياه، وهل هي صالحة للاستخدام البشري من دون أي ضرر على الصحة.

المواطن هو السبب

المتحدث باسم أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة بدأ كلامه عن سبب النقص في مياه العاصمة وتلوثها بالاشارة الى ان المواطن هو السبب الرئيس في ذلك. لكن كيف؟

قال عبد الزهرة في حديثه لـ”الشبكة العراقية” ان انتاج الماء في العاصمة صالح للشرب بنسبة 100%، لكن هناك تلوثا خارجا عن نطاق الأمانة، ويتمثل بحالات التجاوز على الشبكات والنضوح، خصوصا في مناطق التجاوز.
واضاف: تنتج أمانة بغداد 3.25 مليون متر مكعب من الماء الصالح للشرب يوميا، يستفيد منه 7 ملايين بغدادي، وهذا الانتاج يفوق كثيرا ما تنتجه جميع عواصم الشرق الأوسط، فمثلا تنتج بلدية اسطنبول 2 مليون متر كعب من المياه يوميا يقابلها 15 مليون نسمة يسكنون العاصمة التركية، فلا يوجد في العالم عاصمة تنتج مياها مقارنة بعدد سكانها مثل بغداد، ومع هذا يشكو المواطن من قلة المياه، ولا يسألون لماذا.

مبررات

قد تبدو الاجابة عن هذا السؤال اعمق مما نتصور، فالمتجاوِز والمتجاوَز عليه لديهما مبرراتهما، ويطول الحديث عن اسباب التجاوز وشعور المتجاوزين ان لهم “الحق” في الحصول على الماء بأية طريقة لديمومة معيشتهم.. ويمثل هذه الفئة بنسب عالية، الساكنون في العشوائيات التي قامت الحكومات المحلية في الكثير من المحافظات بتمليك الاراضي التي يسكنونها، فأصبح تجاوزهم – حسب ما يرونه- مغلفا بغطاء قانوني، وازداد نزيف الماء غير المقنن، وتحمل وزره الساكنون في الأحياء القانونية.

35% نسبة هدر المياه

رسميا، تبرر أمانة بغداد أسباب شح المياه وتلوثها من عدة نواح، وقال الناطق باسم الأمانة: هناك سبب واضح لهاتين المشكلتين، يتمثل بالهدر، فالنسبة الموجودة لدينا تؤكد ان ما نسبته 30-35% من الماء يذهب هدرا، أما بالنضوحات أو التجاوز، ناهيك عن الاستخدام السيء للمياه الصالحة للشرب. لدينا 32 مجمع مياه تكفي لخدمة مواطني العاصمة، كذلك في حال افتتاح مشروع ماء الرصافة فانه ستتم اضافة 920 الف متر مكعب الى مناطق كثيرة في بغداد.

وتابع عبد الزهرة بالقول: اغلب حالات التلوث نتيجة التجاوز على شبكات النقل، فالكثير من المواطنين يحدثون فتحات ويسحبون الماء من الشبكات الرئيسة فتتلوث، ونحن نؤكد ان نسب النقاوة في مجمعات الانتاج 100%، لكنها تنخفض مع تدخل المواطن بشكل سيء في سحب المياه، فنرى انخفاضا في مستوى النقاوة مع استمرار التجاوز واحداث فتحات على الشبكات الرئيسة.

أمراض المياه المعبأة

ولا يقع ضرر مياه الاسالة بالتلوث، واتجاه المواطنين نحو استخدام المياه المعبأة وتحملهم تكاليف مالية اضافية، بل تذهب دراسات عالمية حديثة، الى ان عادة شرب المياه المعبأة في القناني تؤثر سلبا على صحة الأسنان، وبينت ان معدلات تسوس الاسنان ارتفعت بنسبة 71% خلال عشر سنوات، وارجع الباحثون أسباب هذه الظاهرة، الى ان مياه الاسالة تحتوي على كميات من مادة الفلوريد التي تقوي طبقة الاينامل بالاسنان في حين ان المياه المعبأة لا تحتوي على هذه المادة.

المياه.. اذواق

ولا تقف القضية الى هذا الحد، بل هناك مشكلة كبرى يلاحظها العراقيون من خلال اختلاف طعم المياه المعبأة في قناني تمت تعبئة المياه فيها لعشرات المرات متجاهلين خطورة استعمال وتعبئة القنينة لاكثر من مرة، والسبب يعود الى ان الكثير من معامل التعبئة لا تخضع للرقابة .

حلول..

ويبدو ان مسألة تزود المواطنين بمياه نقية صعبة المنال، يعزوها البعض الى قدم شبكات النقل، لكن المتحدث باسم امانة بغداد نفى ذلك، وقال: 90% من مناطق العاصمة قد تم تجديد شبكات المياه فيها خلال السنوات العشر الماضية، والمتبقي فأن شبكات النقل فيها جيدة جدا، لكن التجاوز من قبل المواطنين هو السبب في نقص المياه الصالحة للشرب وتلوثها. واضاف: للخلاص من مشكلة التلوث وشحة المياه، على المواطن الشعور ان تجاوزه هو سبب وصول المياه الملوثة اليه، ما نحتاجه هو ثقافة الحفاظ على ثروات بلادنا وعدم التجاوز عليها، فهي ملك الجميع.