التأثير الكوني على الإنسان
علي البكري- باحث فلكي /
أما من يتأخر زواجه فهذه قصة ثانية في موضوع الفشل، بعضنا يعتقد أنه مسحور أو أن لديه (أو لديها) تابعة، كما اسمع منهم ذلك. تفسير ذلك علمياً أن هناك حالات فلكية تقف بالمرصاد بالضد من زواجك، وهذه الحالات مرتبطة بسنة المولد أحياناً، وبمواقع الكواكب أحياناً أخرى، وهذه الحالات هي علاقة الكواكب بعضها مع بعض (القمر والزهرة والمريخ والمشتري وزحل)، فعند وجود القمر مع المريخ في برج واحد تولد حالة من العنف النفسي قد تبدو أشبه بتصرف متسرع. ووجود الزهرة مع زحل يجعل المتقدم للزواج إما أن يكبر أو يصغر بسنوات كثيرة بالنسبة للمطلوب الزواج به. أما وجود المريخ مع زحل فينتج المعارضة وصعوبة الاقتناع والإقناع. والمريخ مع المشتري يولد النفور والقبول السريع، وقد لا يمنحك الفرصة الحقيقية في معرفة أوضاع الشريك، بل يعطي حالة من التكبر.
كل ذلك يحصل ونحن لا ندري ونفسر الموضوع حسب الموروث الذي ولد معنا، كما أن المولود الذي لديه هذه الحالات لا يمكن أن يجذب أو يتقدم له مولود ذو حظ كبير عاطفياً، بل سيكون قريباً من صبغته التكوينية، أي أنه يعاني من نسبة معينة من الفشل، لذا يجب أن نلتفت الى ذلك. الكثير يقول لي إن هذه الخطبة لا تناسبني، وإن المتقدم غير مميز، وهنا فإن المشكلة الحقيقية تكمن في هدر هذه الفرصة، وتلوح الفرصتان الثانية والثالثة، والمشهد يتكرر وتمر السنون، وتبدأ الفرص تقل تدريجياً لأنها لا تنتهي أبداً إلا بموت الإنسان، وهذا ما وجدته من خلال تجاربي، وأن بعضهم ولد في سنوات معينة، وهذا للأسف عليه أن يتزوج إما من غير مكان إقامته، أو من غير قوميته، أو من غير دينه، أو أن يتزوج خارج وطنه، أو عبر سفر.
هذا هو التفسير لمن يتأخر زواجه، وليس بفعل عمل يقوم به إنسان آخر. أما انعدام السعادة الزوجية فهذا بحث آخر، إذ أن نسبة 25% من الأزواج راضون ومقتنعون باختيارهم، والنسبة المتبقية 75% هم غير راضين، وعندما تسألهم عن السبب يقولون إنه اختيار خاطئ أو بسبب تنافر الطباع وعدم التوافق، وهذا كلام صحيح جداً من الناحية العلمية، لكن ما الحيلة وقد أصبحت هناك أسرة وعدد أفرادها كبير ومر على الزواج عشرون عاماً، هنا علينا أن نلجأ الى بث الروح في حياتنا -إن استطعنا- من خلال بعض التغييرات، فقد يكون الأبناء هم سر سعادتنا وسر تقارب بعضنا بعضاً, علينا أن نبحث في هذه السنوات الطوال عن سبب تمسكنا بهذا الزواج، فلو كان فعلاً زواجاً فاشلاً، فلماذا كونت هذه الأسرة إذا كنت غير راض عن حياتي؟ هنا سنتقبل ذاتنا وستهدأ تدريجياً هذه الصبغة المتمردة في عش زوجي لو فهمناه لقبلنا بما عندنا. بعضنا يعيش في حلم وخيال، لو لم يتزوج هذا الزواج، لكان هناك زواج أفضل، نقول له إن هناك من تزوج أربع زوجات وعندما تسأله: هل وجدت ما كنت تبحث عنه في زوجاتك الأخريات؟ تكون إجابته (لا) لأن كل زواج له ظروفه التي أخذتني لنفس الواقع، وبمرور الوقت تعيدني الى الزواج الأول، لو تقبلت حياتي واقتنعت بأن اختياري قد يكون خطأ، لكني لم أحاول أن أجرب التقرب لهذا الزوج -أو الزوجة- وأحرك فيه بواعث الأمل.
عند ذلك نسمع هؤلاء الأزواج وهم يتذمرون ويذهبون لإيجاد علاج خارجي عبر ورقة مكتوبة من الشعوذة أو السحر، وينسون أن الحل في أيديهم، فهذه تقول الحسد، وذاك يقول تسليط، ونسمع الكثير. في الحقيقة نقول إنكم تمرون بالفترة السلبية، وعند ذلك يبدأ التنافر بالظهور بشكل كبير وتضيق خياراتكم شيئاً فشيئاً، وعند خروجكم من هذه الفترة يكون وضعكم قد وصل إلى نهاية الارتباط وفك هذه الشراكة التي استمرت 20 سنة، لكن بعد زوال هذا المؤثر سنشعر بنوع من الندم لقرار الانفصال، ليس السحر أو الشعوذة من فك ارتباطك، لكن تكوينك لم يعد يستجيب لإشارات الشريك التكوينية، لذا انتهت هذه العلاقة، هذا يحصل للجميع لكن رد الفعل يختلف من شخص الى آخر.