التثقيف الجنسي في المدارس الغربية قنبلة موقوتة يتحاشى انفجارها آباء شرقيون!
باسم لازم/
الثقافة الجنسية تعد ضرورية من الناحية العلمية، وذلك لإنشاء جيل يعرف نفسه وكي يتمكن من التحكم بغرائزه ومنعها من أن تسيطر هي عليه. هذه وجهة نظر سليمة، لكن الأمر بالنسبة للبعض يشكل قنبلة موقوته، وهو يعد انفلاتاً في نظر العقلية الشرقيّة ، حيث يقع في فخها المراهق القادم من مجتمعات مكبوتة دينياً وعرفياً.
ويرى هذا البعض أن الانفتاح الجسدي داخل أوروبا رذيلة تتقاطع مع منظومة العرف الشرقي، وهي لذلك تحوّلت إلى مشكلة لدى العائلات القادمة من بلدان شرقية.
في هذا الاستطلاع الذي اجرته “الشبكة” تتحدث فتيات وأمهات عن تجاربهن في تلك المجتمعات، وماهي حدود الفسحة التي يمكن أن تسمح للفتاة الشرقية أن توازي بين الخطوط الحمر التي يضعها مجتمعها الأم وبين الانفتاح في المجتمعات الغربية… وألى أي حد يحدث التصادم أو التلاقي بين ثقافتين مختلفتين في النظر إلى الجسد.
خصوصية وعناد
المراهقة العراقية المقيمة في سويسرا (نبراس المهداوي ١٨ سنة) تعتبر أنّ الجسد ووظائفه هو ضمن خصوصية كلّ إنسان سيمّا أنّ فكرة قياس أخلاق الفرد وحصرها بالمظهر الخارجي غير موجودة هنا، مكملة حديثها بثقة: حينما تغيرت فكرة النظر للجسد وأعضائه على أساس أنهما شيئاً محترماً، صرت أملك الجرأة ولا أتصبب عرقاً حينما أطرح استفساراً على المدرسة المسؤولة عن وظيفة كل عضو بالجسم وبدون أي خجل، لدينا درس خاص بالثقافة الجنسية وماهي وظائف الأعضاء التناسلية، وكيفية الوقاية من الأمراض الناقلة، علماً أن كل مايطرحه المدرس في ذلك الدرس عبارة عن معلومات تثقيفية كي لايلجأ المراهق لايذاء جسده بالجهل الجنسي أو اكتشاف الأشياء ممن بنفس عمره، إنّ إدارة المدرسة حريصة جداً على ابقاء المعلومات ضمن اطار تربوي، حيث يقومون بربطِ ايعاز يعطي إشارة للأب أو الأم، اذا مادخل المراهق لأحد المواقع الجنسيّة والخارجة عن اطار المنهج.
توجيه خاص
الأم السورية لثلاث مراهقات (سعاد قامشلي) اعتبرت أنّ موضوع التثقيف الجنسي للمراهقين داخل المجتمع السويدي يجب أن يتم حصره ضمن الأب والأم فقط، قائلة بحذر: الانفتاح الزائد والحرية ومعرفة تلك الأمور وبشكل مكشوف صورة وصوت وباختلاط، هو أمر لايناسب ما أطمح له تربوياً ودينياً، أنّا أقوم باستمرار بتوجيه بناتي الأربع نحو طبيعة العلاقة مابين الرجل والمرأة، وماهو المقبول وغير المقبول بين الطرفين، فضلاً عن مساحة ونسبة الحلال والحرام بينهما، والجدير بالذكر أنّ المدرسة التي تعطي لبناتي الحصة الخاصة بالجنس، تواجه رفضهن حضور الدرس، برغبة تربوية طيبة.
منهج تربوي
الأب العراقي المغترب في السويد (زياد الحمداني ٤٤ سنة) قال أن الكبت الجنسي هو بوابة المصائب المسؤولة عن انجراف الشاب وتدمير رغبته الجنسيّة وانفلاتها، على عكس من يعتقد بأن الحريّة الجنسية ضياع، مكملاً: خطأ كبير ومترسخ بذاكرة العائلة الشرقية التي اعتادت أن تطلق الحرية المنفلتة للولد والتغاضي عن أخطائه، فضلاً عن غض الطرف وتجاوز كلّ انحرافاته السرية طالما كانت بعيدة عن العين، امّا الحديث عن تربية الفتاة بالمقابل فلا داعي له أصلاً في مجتمعاتنا، فأنّا أعيش بالسويد من خمسة عشر عاماً، وليّ ثلاثة أولاد وبنت صغيرة، واعتمد اعتماداً كلياً على المنهج التربوي الذي تعتمده المؤسسة هنا، صدقاً إن الحفاظ الأخلاقي والتثقيف هنا أفضل بكثير من المجتمع الذي جئت منه، ولا أنكر بأنني وبرغم كلّ قناعاتي بحرية أولادي، أنا أتابعهم وأحرص على النصيحة بطريقة التوجيه والصداقة لابطريقة العصا والعقاب مثلما تربينا للأسف.
شعب محافظ
الفنان المقيم بأوروبا (سعد سليم) أشار إلى ضرورة أن يدرك الشخص القادم من مجتمع مكبوت، ثقافة المجتمع الجديد وإلا سوف يرى نفسه خارج هذا المجتمع بشكل كلي، قائلاً: مسألة اقتران اسم الحرية الجنسية بمسميات الضياع الشرقي، فهذا فكر مغلوط في مجمله، لأن أغلب الدراسات التي اجريت حول الحرية الجنسية عند الأوروبيين اثبتت أنهم شعب محافظ، بل أكثر محافظة مما يقع في بعض الدول العربية نفسها، ولهذا السبب يجب أن لانعلق أخطاء مجتمعات بمصطلح الانفلات الأوروبي، والجميل في المجتمع السويدي، لايوجد مصطلح اسمه استسلام بل هناك مفهوم الاستيعاب، لأن الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يترعرع فيها المراهق ويفتح عينه في أحضانها حتى يشب ويستطيع الاعتماد على نفسه.لأن بناء شخصية المراهق جنسياً واجتماعياً وبشكل سليم سوف تساعده على أن يكون عنصراً ناجحاً ومتميزاً في المجتمع.
صدمة ثقافية
الناشطة بمنظمة الإغاثة السويدية (هالا السلام) اعتبرت أنّ المجتمعات المتحضرة هي التي تخصص مساحة مناسبة من التوعية الجنسية للأطفال تزامناً مع انتقالهم إلى عمر المراهقة وظهور التحولات الفسيولوجية على أجسادهم، قائلة: التغيرات الجسمية تلعب دوراً فاعلاً في التأثير على حالاتهم النفسية وسلوكهم الاجتماعي، فالثقافة الجنسية تعد ضرورية من الناحية العلمية وذلك لإنشاء جيل يعرف نفسه ليتمكن من التحكم بغرائزه ومنعها من أن تسيطر هي عليه، ومع الأخذ بنظر الاعتبار بأن الجهل بالشيء لا ينفي وجوده، لذا فأنا شخصياً أؤيد نشر المعرفة والوعي حول الثقافة الجنسية بين الجنسين بعمر المراهقة عبر الاستعانة بمناهج يسهم في وضعها مختصون في المجال العلمي وعلوم الاجتماع والطب النفسي وطب الأمراض الجنسية، اذ أن لهذه الاختصاصات علاقة متينة بموضوع الثقافة الجنسية، وفي حالة المغتربين الجدد خاصة الأعمار المتقدمة يكون الوضع أصعب منه عند الأعمار الصغيرة، اذ يصاب الشاب الآتي من مجتمع يمارس الكبت الديني والاجتماعي ويعتبر الثقافة الجنسية خطاً احمر غير قابل للمناقشة ويعاقب على طرح الأسئلة البريئة منها حوله. يصاب هذا الشاب بما يسمى بحالة “Cultural shock” أو الصدمة الثقافية.