“”الفخفخة”” على السوشيال ميديا.. سعادة وهميّة وعقدٌ نفسيّة!

355

ميساء فاضل/
تخيل فظاعة أن يكون تقييم الفرد في المجتمع بمقدار ما في جيبه من (شدّات) مال وحساب بنك! أو بماركة (سويچ) سيارته الفاخرة، أو بآخر إصدار موبايل يحمله بتبختر لتطارده العيون وتقول في سرها (هنياله). والكارثة أن كل هذا الترف المخصص للتباهي على مواقع السوشيال ميديا يندرج تحت عناوين (الفخفخة)، وليس من السعادة بشيء، وإنما هو حب المظاهر الفارغة وجنون الموضات والجري وراء الألقاب والخضوع للذوق العام ومحاولة الانتساب الى الطبقة الأرستقراطية وتقليدها، الى جانب العجز عن الخروج من قبضة العرف والعادة والخوف من مُخالفة رأي عام حتى لو كان خطأ.
هوس ومرض
سباق فخفخة مقرف في التباهي على صفحات المشاهير و(اليوتيوبرز) ليعرف متابعوهم باقتنائهم الماركات العالمية، وارتيادهم أغلى الفنادق والأماكن السياحية، واستخدامهم تذاكر سفر الدرجة الأولى، لتتحول تلك الممارسات إلى إدمان تلهث خلفه أعداد كبيرة من المهووسين، علماً بأن التباهي سلوك مرفوض يؤثر في الشخص نفسه وفي متابعيه أيضاً من أجل الحصول على أكبر قدر ربما من(اللايكات) او المشاهدات، لأن تلك الصور المترفة جداً أو الفيديوهات تجذب المشاهدين بدرجة كبيرة فيبدأون بالمقارنات فيما بينهم، لأن معظم الناس ينشرون كل ما لديهم في مواقع التواصل الاجتماعي بهدف التباهي والتفاخر، وكل همهم هو أن يظهروا أنهم أغنياء وفاحشو الثراء، وهو فعل غير لائق في مثل هذه التصرفات، وهذا لا علاج له، لكنه أصبح مرض العصر بحيث صار كثير من الناس لا يفرقون بين ما هو عام أو خاص.
نقص وإدمان
جدير بالذكر أن التباهي والفخفخة على مواقع التواصل الاجتماعي أنواع، فمنهم من ينشر عن التباهي بالأكل وهناك أناس جياع، ومنهم من يتباهى بالأولاد وهناك أزواج محرومون من الخلفة، ومن يتباهى بمقتنياته فيما هناك أناس لا يمتلكون شروى نقير.
وسيدات يشترين الماركات من المكياج والأكسسوارات والحقائب الفاخرة، وإمكانات السفر المتكرر تقابلهن أخريات لا يستطعن شراء حتى أبسط حاجياتهن. هناك من يتباهى بالذهاب الى المطاعم الفاخرة، أو الأماكن السياحية الفخمة، وهذا بحد ذاته يعد تعالياً على الناس برؤيتهم من هم أعز وأكبر جاهاً، وأن عندهم ما ليس لدى الآخرين، ما يؤدي إلى إفساد عقول كثيرين ممن يصبح شغلهم الشاغل تجميع المال بدون قيم ولا مبادئ سوى التقليد الأعمى لسد ثغرة النقص، والسبب يعود غالباً إلى أن كثيراً من هؤلاء يعتقدون أن مستوى الثراء هو الذي يُظهر المستوى الاقتصادي والاجتماعية للعائلة.
لذا يلجأون إلى التصرف ببذخ وإسراف على أمل أن يترك
ذلك انطباعاً جيِّداً عنهم لدى الآخرين.
تصنّع وأزمات
ولعل أكبر مخاطر تلك الظاهرة الاجتماعية هو تراكم الديون والمشكلات المادية عند بعض ممن أدمن الظهور بشكلٍ أرستقراطي مفتعل، فكثيرون يستدينون للتقليد والمضي مع تلك الموضة، سواء بشراء المقتنيات الثمينة، أو السفر، فيدخلون في أزمات مالية، وأسوأ من ذلك، فقدان السعادة، وزعزعــــــة الثقة والصحة النفسية، فالتباهي المصطنع أسهم في العديد من المشكلات، علماً بأن هناك ماهو خير في أن نتباهى مثلا بإنجازاتنا في الحياة ليستفيد منها الآخرون كخبرات تفيد الناس أو بعلم ينتفعون به.