صمت الأزواج اكثر ألما من المجادلة
ترجمة: آلاء فائق/
ظهر مصطلح “المعاملة الصامتة” في القرن التاسع عشر من خلال العقوبة الصامتة التي كانت تطبق بالسجون بدلا من العقوبة الجسدية، اذ كان يُعتقد أن حرمان المساجين من التحدث، ومناداتهم بأرقام مجردة بدل من أسمائهم, وتغطية وجوهم بحيث لا يرون بعضهم بعضا قد يحفزهم علي التفكير بجرائمهم.
معاملة عدوانية
تعد المعاملة الصامتة واحدة من اكثر الوسائل احباطا واعمقها سلبية وعدوانية إذا ما اتخذه الفرد كوسيلة للتعامل مع الطرف الآخر. وهو تكتيك يعرفه كلا الزوجين، ولكن الأبحاث الجديدة وجدت مؤخرا أن الأشخاص الذين يعاملون أحباءهم معاملة باردة كهذه سيكونون هم انفسهم بنهاية المطاف غير سعداء وأكثر تعاسة من الطرف الثاني.
ويصف الباحثون المعاملة الصامتة بـ “الجمود السلبي”، كما هي أحد أشكال السلوك العاطفي المعروفة بـ”فك الارتباط، ويترك الزوجان بحالة من الاستياء والغليان بعلاقتهما، ما يمنعهما من التواصل مع بعضهما بعد وقوع الشجار.
تكتيك دفاعي
يقول أستاذ علم النفس كيث سانفورد في كلية الفنون والعلوم، جامعة بايلور بتكساس: “الانسحاب العاطفي هو من أكثر المعضلات صعوبة بالعلاقات الزوجية، مضيفا “انه تكتيك دفاعي، يستخدمه الأزواج عند شعورهم بالتعرض بهجوم في علاقتهم، وثمة ارتباط مباشر بين الانسحاب العاطفي والارضاء الضعيف عموما في العلاقة.”
يشير سانفورد “الانسحاب عندما ينتقدك شريكك أو يشكو منك او من تصرفاتك هو وسيلة لتجنبك تهديد محتمل، لكنه بالأخير يجرك للحزن والتعاسة، “علينا أن نوضح لكل شخص يفعل ذلك من وقت لآخر، أنك تجر علاقتك الزوجية لنوع من العلاقات المتعثرة، مع رغبتك بالحفاظ على الاستقلالية والسيطرة والتحكم بالمسافات عن بعد.”
يضيف سانفورد “ستشعر بقلق لأن شريكك الذي يحبك، بدأ يعاملك ببرود واهمال، الأمر الذي سيولد لديك شعورا بالحزن، والضرر والضعف ” .
في الوقت نفسه، فأن مستعملي عقوبة الصمت يتوقعون أن أزواجهم ومن دون ان يسألوهم حتى عن سبب صمتهم سيعرفون خطأ ما ارتكبوه بحقهم دون إبلاغهم، ما يجعل الطرف الثاني يشعر بالإهمال والقلق.
اضاف “المعني الرئيس بالمسألة هما الزوجين وعليهما أن يكونان على وعي تام عندما تحدث مثل سلوكيات كهذه وإيجاد الحلول البديلة لها، كاتباع اسلوب اكثر إيجابية لحل الصراع، موضحا “في بعض الأحيان، وفي مثل حالات كهذه يكون الكلام أسهل من الفعل.”
قلق نفسي
تتساءل بعض السيدات عن تجاهل ازواجهن لهن بعد حصول خلاف بينهما؟ تقول احدهن: يحصل فتور بيني وبين زوجي اذا ما وقع خلاف بيننا، فتجده يتوقف عن محادثتي وقد تستمر الحالة لمدة ثلاثة أسابيع، تقول أحيانا يتبع اسلوب الصمت معي حتى ان لم نكن متخاصمين، ما يشكل لي قلقا نفسيا، لا اعرف ماذا يمكنني فعله للتواصل معه وهو في مثل هذه الحال؟
تقول د. بترا بوينتون، استشارية الجنس والعلاقات الاجتماعية العامة بصحيفة الديلي تلغراف أن بعض الرجال يستخدمون اسلوب الصمت كآلية للسيطرة على زوجاتهم، وهي تتساءل ماذا يمكنك فعله إذا كان شريكك يعبس بوجهك بعد نشوب شجار بينكما.
في الحياة الزوجية، الرجال والنساء على حد سواء قد يستخدمون اسلوب الصمت، وقد يقع احيانا احد الزوجين دون الآخر ضحية لهذه المعاملة الفاترة، ولكن في كل الأحوال يجب وضع حد سريع لتلك المعاملة السلبية.
صمت شريكك هو أداة قوية للإعراب عن استيائه لك. وما يقلقك أكثر هو أن يولي اهتماما ايجابيا لمن حولك كالأولاد، باقي أفراد الأسرة، حيوانات أليفة، في الوقت الذي لا يكترث لك بالمرة، واحيانا قد يمتد سلوكه البارد نحوهم أيضا فيعاملهم بنفس الجفاء.
سيطرة أم تواصل؟
بعض المعالجين النفسيين يجدون هذا النوع من الرفض الاجتماعي من اضعف اشارات التواصل. أما غيرهم فيعدوه شكلا من أشكال السيطرة، لا بل حتى سوء معاملة للطرف الثاني.
الشخص الذي تعلم اسلوب معاملة الأخرين بالصمت منذ مدة طويلة، وأوغل بصمته معك فهو يتعمد القيام بذلك. حتى لو كان يشعر أنه لا يملك السيطرة على مشاعره أو تصرفاته.
المعاملة الصامتة هي طريقة مؤذية للسيطرة، والعقاب، وتجنب الطرف الأخر أو عدم تمكينه من نفسه (في بعض الأحيان تتداخل هذه الأنواع الأربعة وأحيانا لا تتداخل) هذا هو تكتيك النرجسيين المفضل، وخصوصا أولئك الذين يمرون بوقت عصيب للسيطرة على انفعالاتهم، أو اولئك الذين لديهم ميول أكثر طفولية من غيرهم، وهي تترسب لديهم منذ الطفولة وكأنهم بعبارة اخرى يقولون لك ” انتظر سأحبس أنفاسك حتى تستسلم وتعطيني ما أريد”.
وهي واحدة من السلوكيات الأكثر إحباطا والأكثر تثبيطا للهمة ويمكن أن تستفز حتى الأشخاص الأكثر صبرا، اعتمادا على الأسلوب المستخدم، يمكن أن تجعل الطرف المتلقي شخصا يشعر بالعجز والضعف، فهي معاملة غير مرئية ومهينة وتوقع الريبة بنفس الطرف الثاني.
عن/صحيفة الديلي تلغراف