ما بين التعذيب بصمت ورعُب السوسيال موسى.. دم ضائـــع وحزن افتراضي!

177

آمنة عبد النبي – ألمانيا/
مازلتُ أتذكر ما حدث لعائلة مغتربة في برلين من رُعب حينما أراد البوليس سحب أطفالهم ووضعهم تحت حماية السوسيال. طبعاً العائلة كانت مصدومة ولا تعرف ما المشكلة، وبعد التحقيق في الموضوع تبين أن والد الأطفال يعمل (فيترچجي) وحينما كان يحتضنهم قبل الذهاب إلى المدرسة تتشبع ملابسهم برائحة دهن السيارات، فظنّت المعلمة أن الأطفال معنفون أو أن لا أحد يهتم بهم.
ربما لايوجد أحد منا لم تجرِ دموعه على فاجعة الطفل (موسى) الذي جرى تعذيبه وقتله على يد زوجة أبيه، تارة بكيّ جسده الغضّ وتارة برش الملح في عينيه الجميلتين، تخيلوا أنه كان يصد ضرباتها وحيداً أعزلاً وهو يناديها بكلمة “ماما”.. هذا الكائن المستضعف الذي مرّ بكدماته وندوبة وملابسه الشتويّة بعز الصيف أمام الجميع ولم يحرك أحدهم ساكناً.
يأتي السؤال المُرّ هنا بعد أن ذهب موسى إلى ربه مظلوماً، وهو حلقة من سلسلة طويلة، ترى هل لدينا إحصائية بعدد الأطفال الذين يعنفون بصمت بعيداً عن السوشيال ميديا، أو المصابين بالسرطان وتعجز أسرهم عن توفير العلاج لهم، هل نعرف عدد الأطفال المتسربين من المدارس أو ممن يمارسون التسول او يتعرضون للتحرش؟
تهديد مسبق بالقتل
اللواء خالد عبود بداي، مدير مكافحة إجرام بغداد، تحدث لوسائل الإعلام عن جريمة مقتل الطفل موسى التي انتشرت كالنار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً إن هناك قضية جنائية ستحرك ضد والد الطفل أيضاً، الذي لم يبد أية آثار حزن على وفاة ابنه، وفي شريط الفيديو الذي وزعته الشرطة العراقية، ظهرت والدة الطفل قائلة إن زوجها كان يمنعها من لقاء الأطفال أو أخذهم بعهدتها على الرغم من امتلاكها حكماً قضائياً يمنحها حضانتهم، وذكرت أن الأب هددها بقتل الأطفال في حال أخذتهم.
تأهيل يسبق التورّط
“كتبت مرة موضوعاً عن ضرورة إجراء تقييم أو اختبار نفسي وعقلي للخاطبين حديثاً. الهدف من الاختبار تقييم قابلية الخاطبين على إنجاب الأطفال والعناية بهم إلى حين استطاعتهم الوقوف أمام مطبّات الحياة ..!” بهذا العتب المؤلم حدثتني الناشطة المقيمة في ألمانيا (مي بسام) قائلة:
“أتذكر أن بعض الأصدقاء علقوا بالمزاح أو بالضد من هذه الفكرة، والحق أقول لكم، إنني كلما مر الزمن عليّ أشعر بأني محقة باقتراحي هذا، وما يؤكد كلامي أعلاه هو ما نصادفه أو نقرأه كل يوم تقريباً عن حوادث يذهب ضحيتها الأطفال، وآخرهم الطفل موسى، الذي قاده سوء حظه إلى مصير تعيس بعد عذاب كبير، إذن فإن الحل إما بوضع قانون يحمي الأطفال، أو بوضع الاختبار الذي ذكرته سابقاً، او الاثنين معاً.”
اضطراب نفسي قاتل
المختص في علم النفس (د.علي القيسي) حلّل سلوك زوجة الأب التي قامت فيه بالهجوم على الطفل وقتله بدم بارد دون ندم، مؤشراً في كلامه على اضطرابات نفسية خفية، إذ قال:
“الجريمة بشعة، وقد تكون الندوب العاطفية العميقة من ماضي الزوجة قد أسهمت في الانفصال عن المشاعر البشرية الطبيعية، ما أدى إلى أفعالها غير الإنسانية، وقد يكون سلوكها العنيف انفجاراً للغضب المكبوت، الذي وجهته إلى زوجها أو حتى إلى الطفل نفسه، وغياب الندم بعد الفعل هو مظهر من مظاهر ASPD.”
منظمات نسوية مشبوهة
” تخيلي، في القانون يعطى الطفل لأمه حتى عمر البلوغ، مع هذا هناك نساء مثل التي ذكرتها تترك أطفالها وتنفصل، عندما يحصل العنف من زوجة الأب تظهر المنظمات النسوية تطالب”!
هكذا سجل الباحث الاجتماعي (عقيل عبد الله) اعتراضه على آلية فقرات القانون المنحازة لغير مصلحة الطفل، مكملاً:
“أنا هنا لست ضد النساء وحقوقهن، لكن العنف الذي حصل من زوجة الأب جاء من امرأة، والتقصير من الأم التي هي امرأة أيضاً، لكنها تركت أطفالها على الرغم من أن القانون يعطيها حق الاحتفاظ بهم دون الرجل، مع أن هناك زوجات أب صاحبات دين وضمير لا يميزن أبناءهن عن أبناء أزواجهن، إذن الموضوع ليس مسألة رجل وامرأة، وإنما يعتمد على بيئة الأشخاص وتربيتهم بعيداً عن جنسهم، لذا يجب أن تكون هناك منظمات لتثقيف الأسرة وحفظ تماسكها وليس هدمها.”