أول عشق
د.عماد عبد اللطيف سالم/
عندما كان عمري عشر سنوات، كنتُ أُحِبُّ صبيّةً من أقاربنا حُبّاً جمّاً . لم أكن أُحبّها فقط، بل كنتُ أعشقها أيضاً. وعندما كنتُ أراها، كانت درجة حرارتي ترتفع، وأسقُطُ مغشيّاً عليّ، فتأخذني أمّي الى مستشفى «الحميّات» في أطراف بغداد، لأنّ الأعراض التي كنتُ أعاني منها ،في حينها، كانت شبيهةً بالأعراض التي تظهر على المُصابين بالتهاب السحايا الحاد.
كان الفرح يغمرني، من فروة رأسي الى أخمصِ قدمي، عندما كانت أمّي تأخذني معها لزيارة عائلة حبيبتي الصغيرة المُدهشة. كانت الزيارة تبدأُ عادةً قبل العشاء، وكانت رائحة «الشبّوي» تملأ مساماتي، برغم أنّ بيت حبيبتي كان بيتاً «كرخيّاً» ضيّقاً و رَطباً، ولم تكن فيه حديقة.. ولم يكن فيه «شبّوي».
بعد انتهاء مراسم العشاء، كانت أمّ حبيبتي تأتي بـ «اسْتِكانْ» الشاي، وتضعهُ أمامي وهي تبتسِمْ، وكأنّني واحدٌ من شيوخ العشيرة العِظام، أو شقاوات «الطَرَفْ» الكِبار.
وكنتُ أستَغّلُ تلك اللحظة التاريخية الفارقة أبشعَ استغلال، فأعيشها بامتلاءٍ تامّ، وأنظر من خلالها خِلسَةً، وبحافّة عيني (وعبرَ حافّة الإستِكانْ الحالمة)، الى وجه حبيبتي الباسم الخجول، لكي تراني هي بدورِها، وأنا في قمّة رجولتي كسيّدٍ نبيل، وجنتلمانٍ باسِل.
وفجأةً .. تأتي أُمّي الحنون.
وفي لحظةٍ فالتة من عنق التاريخ، حيثُ يعمُّ الصمت الرهيب أرجاء الكونِ، صاحَتْ أُمّي بصوتٍ واضحٍ وقاطِع:
– هاي ليش مخلّينْ «جاي» كَدّامْ «عَمّودي» ؟؟.. هسّة يبولْ على نَفْسَه بالليل !!! .
دَمَرّتْ أحلامي «البريئاتِ» وقصص حبّي الأولى كلّها .. هاي أُمّي .. «نبع الحنان»!!!!
ليشْ يُمّة .. ليش ؟؟.
********************
أجمل النساء
يقِفْنَ بعيداً ..على حافّة الكون
في انتظارِ رجلٍ
بإمكانهِ اكتشاف العذوبة.
أنبل الرجال..يقفونَ بعيداً
على حافّة الكون
في انتظار امرأةٍ
بإمكانها اكتشافُ المعنى.
لذا ..
قِفْ بعيداً
على مسافةٍ كافيةٍ من كلّ شيء
قبل أنْ تتحدّثَ عن تلك الأشياء شديدة العذوبة
و كثيفة المعنى.
افْعَلْ ذلك
عندما تلمَحُ من بعيد جسدَ امرأةٍ فائقةِ العذوبة
يُفصِحُ وجهها المُدهِش عن شيءٍ من الحزن
الذي لهُ رائحة.. تشُمّها ..أنتَ وحدَك .